قصة

المطيرجية*….قصة تقريرية قصيرة

فاضل الفتلاوي

منذ نعومة اظفاري تولعت بتربية الحمام ولااعلم حقا هل هي نزوة طفولية ام هناك طفرة وراثية من اسلافي الذين غادروا قبل ظهور نظريات النشوء والتطور وعلم الوراثة، وشغفي هذا ادخلني في مشاكل لاحصر لها مع افراد عائلتي والذي كنت اصغرهم وطالما ابتزني اخوتي الكبار وانا اشاهد مغازلاتهم للفتيات وهددوني بفضح سري الصغير وكشف مكان البرج إن اخبرت والدي بشيئ عن ذلك، وياله من سر افتضح بعد فترة يسيرة عندما اكتشفت الوالدة نهوضي من القيلولة الاجبارية وصعودي السلم المؤدي الى سطح الدار خلسة كلص مبتدئ، أخيرا افتضح امري وشعرت براحة بعد طول انتظار وترقب، الهمس يدور بين ابي وامي وهما يطالعاني بنظرات لم اعدها منهما من قبل، تقدم الوالد نحوي فشعرت بنهاية احلامي، سألني بنبرة عصبية
– هل صحيح لديك حمام فوق السطح؟
أجبته بنبرة واثقة:
– نعم بابا وهل في الامر مايعيب؟
– الويل لك من نصحك لتقوم بهذا العمل الشائن ياللعار ابني الصغير(مطيرجي)
– ابدا بابا انها مجرد هواية لاغير انا احب الحمام
– إذن عندما يكون لك بيت مستقل فافعل مابدا لك وطالما انت في بيتي فانا من يقرر ماتفعل
كانت امي تحاول تهدئته من غير طائل وراح ينهرها
في صباح اليوم الثاني وبفرحة غامرة انقض اخوتي على برجي الاثير وهدموه بعد أن تولت الوالدة عملية بيع طيوري في السوق القريب
لم اذق الطعام يومها وانزويت في ركن من البيت ابكي وسمعت الوالد يعلن للجميع ان اتركوه يوم او يومين وسينسى كل شيئ، ولم يكن له مااراد فقد بقيت مضربا عن الطعام ليومين حتى همست الوالدة في أذني بانها اعادت طيوري، لم اصدق الامر نهضت مذعورا نحو سطح الدار، وهاهن حبيباتي يعدن من جديد،
وبعد ان علم الجميع بالامر استقرت الأمور ولكن كانت خطة محكمة للتخلص من طيوري، ذات صباح هرولت نحو حبيباتي ولكن هالني المنظر، الوالدة جالسة وتبكي وتندب حظي العاثر، خيرا يااماه ،قالت:
– لقد افترست القطط طيورك
ياللمصيبة ولكن لاشاهد يدل على ذلك
وبما اني لاامتلك المال اللازم لشراء غيرها وبدء موسم الدراسة فقد تخليت عن حلمي حتى حين ولكني كنت اجلس دائما في مكان حماماتي الاثير اتذكرها، اذرف الدموع اسفا حتى حدثت المفاجئة الكبرى، هاي طيوري على الشرفة، فركت عيني وضربت خدي لاتاكد، نعم هن طيوري اعرفهن جيدا لقد عادت ولكن ليس من جوف هر
بعد سنوات طويلة جدا وقبل رحيلها عن الدنيا اخبرتني والدتي بالسر، لقد اتفقت مع الوالد على بيعها تلافيها للمشاكل واستغربت عودتها لان ابن خالتي الذي اخذها يسكن في محافظة بعيدة
الى اليوم وقد سلخت الستين لازلت احب الحمام ولكني لم اسمح لابني الصغير باقتنائها خوفا من ان يطلق علينا(بيت المطيرجية)…

===
* المطيرجية: لقب يطلق على هواة تربية الحمام في العراق ومفردها مطيرجي…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى