دراسات و مقالات

ازدواجية التعبير الوظيفي والتعبير اﻹبداعي في القصيدة — الشاعر محمد اﻹدريسي )

عبدالرحمن الصوفي

 

مقدمة

إن وظيفة اللغة في اﻷدب عموما تشكيلية جمالية في المقام اﻷول ، أي أن غايتها التصوير إلى جانب وظيفتها التواصلية ، حيث إن للغة وظيفة في الحياة وهي الكلام ، أي أن في اللغة جانبا نفعيا أو صناعة من جهة ، وهناك من جهة أخرى جانب جمالي . فالفرق بين اللغة الجمالية والكلام واضح ، بحيث أن اللغة الجمالية تتوخى غاية أدبية وأخرى تواصلية ، وهذا يعني دورها المزدوج في وظيفتها اللغوية اﻷدبية . دراستنا النقدية الدرائعية المستقطعة ( قراءة نقدية بمدخل واحد فقط فقط فقط …) سنغوص من خلالها في التعبير الوظيفي والتعبير اﻹبداعي في قصيدة الشاعر ( محمد اﻹدريسي ).

بسم الله الرحمن الرحيم

التعبير الوظيفي للنص

التعبير الوظيفي في القصيدة المعنونة ب ( دم أرين ) للشاعر ( محمد الإدريسي ) ، تعبير موضوعي يبدو فيه الشاعر غير منشغل إلا بالمسألة التي يريد توصيلها ، مغلفة بعواطفه ومشاعره ومواقفه ، فتظهر الكتابة الوظيفية عنده في القصيدة في شكل قوالب مثل التقرير والخبر والتحقيق …ويحمل الاستفهام بالهمزة نبرا خاصا في هذا اللون من التعبير ، يؤشر لتوثر حاد ، وهذا الاستفهام يحمل في مضمونه إشارة بأن القصيدة قد تبدأ قبل بدايتها على مستوى الملفوظ الوظيفي ، فهناك خطاب للذات الساردة تحمل في طياتها توجع هذه الذات ، تبدو من خلاله جليا البنية الحوارية ( بنية الديالوك ) من خلال فعل ( قالت ) ….

دَمٌ أَرِين
قالَتْ بِصَوتٍ رَزين أخي الكريم لقد اخترت هذه القصيدة لعلها تروقك

دَمٌ أَرِين
قالَتْ بِصَوتٍ رَزين
لِمَ يا قَلْبي أنْتَ حَزين؟
أألَمٌ مِن حُبٍّ سَجِين
يُرْهِقُكَ الجُرْحُ الطَّعِين
لِم تَخَلَّيْتَ عَن الأمِين؟
فَضَّلتَ العَيْشَ مع الظَّنِين
خُنْتَ ذاك العِشْقَ الدَّفين
تَرَبّى بَيْن الضُّلوعِ جَنين
طَعَنْتَهُ يا فؤادي بالسِّكين
أميرٌ لِلْعواطف كِنْزٌ ثَمين
اليَومُ ما نفَعَكَ بُكاءٌ رَنين
اِنْتَظَرَك طولَ هذه السِّنين
لَكِنَّ خَمْرَ الدُّنيا المَعِين
غَيَّبَ عَقْلَكَ زَيَّنَ اللَّعِين
أَظْهَرَ كَشَفَ عُمْقَ البَطين
رَقَصْتَ شَكَّكْتَ في اليَقين
أدَرْتَ ظَهْرَكَ لِلْحُبِّ المَتين
المَلومُ اخْتِيارُك أيُّها الشَّجين
الأصْلُ أنَّه رُجوعٌ إلى القَرين
طنجة 07/08/2018
د. محمد الإدريسي
لِمَ يا قَلْبي أنْتَ حَزين؟
أألَمٌ مِن حُبٍّ سَجِين
يُرْهِقُكَ الجُرْحُ الطَّعِين
لِم تَخَلَّيْتَ عَن الأمِين؟
فَضَّلتَ العَيْشَ مع الظَّنِين
خُنْتَ ذاك العِشْقَ الدَّفين
تَرَبّى بَيْن الضُّلوعِ جَنين
طَعَنْتَهُ يا فؤادي بالسِّكين
أميرٌ لِلْعواطف كِنْزٌ ثَمين
اليَومُ ما نفَعَكَ بُكاءٌ رَنين
اِنْتَظَرَك طولَ هذه السِّنين
لَكِنَّ خَمْرَ الدُّنيا المَعِين
غَيَّبَ عَقْلَكَ زَيَّنَ اللَّعِين
أَظْهَرَ كَشَفَ عُمْقَ البَطين
رَقَصْتَ شَكَّكْتَ في اليَقين
أدَرْتَ ظَهْرَكَ لِلْحُبِّ المَتين
المَلومُ اخْتِيارُك أيُّها الشَّجين
الأصْلُ أنَّه رُجوعٌ إلى القَرين
طنجة 07/08/2018
د. محمد الإدريسي
يقول الشاعر في قصيدته ( دم أرين ) :

قالت بصوت رزين
لم أنت ياقلبي حزين ؟
أألم من حب سجين
يرهق الجرح الطعين
لم تخليت عن اﻷميين ؟

لغة التعبير الوظيفي ، لغة أقرب ما تكون إلى لغة علمية ( أسباب / نتائج ) ، فالنص الوظيفي تقلب فيه نسبة اقل / المبيان الخيالي ، لأن العلمية تتعارض مع الخيال / الوهم ، وليس المقصود بالوهم عدم القدرة على تكوين علاقات بين أمور لا يكسف علاقاتها إلا المبدع الذي يسير علاقات النص المتشابكة سواء شعوريا أو لا شعوريا … بحيث يتمركز الصوت في القصيدة حول ضمير المخاطب ( ك ) أو ( أنا ) ، الضمير المتكلم والمخاطب يكرسان مركزية الصوت في النص . أما صوت اﻵخر فهو ذو تجسيد لغوي ينحرف بنا إلى حوارية تكسر بدورها مركزية الصوت ، فيصير الصوت الداخلي للنص أقرب لمونولوج تنكسر فيه أحادية الصوت ، فتكشف مناطقه المضيئة والظليلة معا …

النص الكامل / القصيدة / محمد الإدريسي

دَمٌ أَرِين
قالَتْ بِصَوتٍ رَزين
لِمَ يا قَلْبي أنْتَ حَزين؟
أألَمٌ مِن حُبٍّ سَجِين
يُرْهِقُكَ الجُرْحُ الطَّعِين
لِم تَخَلَّيْتَ عَن الأمِين؟
فَضَّلتَ العَيْشَ مع الظَّنِين
خُنْتَ ذاك العِشْقَ الدَّفين
تَرَبّى بَيْن الضُّلوعِ جَنين
طَعَنْتَهُ يا فؤادي بالسِّكين
أميرٌ لِلْعواطف كِنْزٌ ثَمين
اليَومُ ما نفَعَكَ بُكاءٌ رَنين
اِنْتَظَرَك طولَ هذه السِّنين
لَكِنَّ خَمْرَ الدُّنيا المَعِين
غَيَّبَ عَقْلَكَ زَيَّنَ اللَّعِين
أَظْهَرَ كَشَفَ عُمْقَ البَطين
رَقَصْتَ شَكَّكْتَ في اليَقين
أدَرْتَ ظَهْرَكَ لِلْحُبِّ المَتين
المَلومُ اخْتِيارُك أيُّها الشَّجين
الأصْلُ أنَّه رُجوعٌ إلى القَرين
طنجة 07/08/2018
د. محمد الإدريسي

==================================== التعبير الإبداعي في النص =============================

إن التعبير اﻷدبي أو اﻹبداعي في النص فهو تعبير ذاتي ، أي ينطوى على خصائص ذاتية من إبداع صاحبة ، وهنا تظهر ثقافة الشاعر وتوجهه الفكري في قصيدته ، كما تنطوي على وحهة نظره ويتجلى فيها اسلوبه وطريقته ورؤيته .
فمن خلال الوصف الاسترجاعي في القصيدة يتم خلق إيقاع سردي يحدث فيه استرجاع وترويح عن النفس من خلال الزمن الماضي ، لكن الحدث يحدث توثرا يقطع السرد في لحظاته الحرجة ( قلق السؤال ) ، مما يولد القلق التشويق الذي يفرض الاستنجاد بالوظيفة التصويرية .

يقول الشاعر في قصيدته :

فضلت العيش مع الظنين
خنت ذاك العشق الدفين
تربى بين الضلوع جنين
عنته يا فؤادي بالسكين
أمير للعواطف كنز ثمين
اليوم ما نفعك بكاء رنين

الجانب الحواري المضمر في القصيدة ذو صفة التفاعل والاستجابة المتبادلة ، يقابله مصطلح أحادي الصوت أو المونولوج وهي بنية مركزية تكسر مركزية الصوت ، ومركزية الصوت تعني تكريس صوت الصوت الواحد عبر الواحد عبر الخطاب الشعري ، حيث نجد صوتا آخر لا ينتمي لصوت الذات هو صوت اﻵخر . لكن هذه البنية الديالوجية تفقد الكثير من زخمها بسبب الابتعاد عن اللحظة الزمنية التي حدثت فيها الأحداث . الفعل ( قالت ) بنهض بنقل الصوت الذي حدث في الماضي .

يقول الشاعر :

أنتظرك طول هذه السنين
لكن خمر الدنيا المعين
غيب عقلك زين اللعين
أظهر كشف عمق البطين
رقصت شككت في اليقين
أدرت ظهرك للحب المتين
الملوم اختيارك لها الشجين
اﻷصل أنه رجوع إلى القرين

================================== خاتمة =====================================

لقد ارتبط الأسوب باللغة ، فهي تظطلع بالبيان بينما ينصرف اﻷسوب إلى التبيين ، وبما أن اللغة صارت في عرف العلماء والفلاسفة جزءا لا يتجزأ من النشاط العلمي العام ، فلا يمكن الحديث عن الذات في اﻷدب دون استحضار اللغة التي تحيا في الأحداث الإبداعية ، حيث تتحول اللغة إلى أساق رمزية تجعل منها التشكيلات الأسلوبية المتنوعة نشاطا ملموسا يتمثل في جنس إبداعي …

==================================================================================

عبدالرحمن الصوفي / المغرب

===================================================================================

دَمٌ أَرِين
قالَتْ بِصَوتٍ رَزين
لِمَ يا قَلْبي أنْتَ حَزين؟
أألَمٌ مِن حُبٍّ سَجِين
يُرْهِقُكَ الجُرْحُ الطَّعِين
لِم تَخَلَّيْتَ عَن الأمِين؟
فَضَّلتَ العَيْشَ مع الظَّنِين
خُنْتَ ذاك العِشْقَ الدَّفين
تَرَبّى بَيْن الضُّلوعِ جَنين
طَعَنْتَهُ يا فؤادي بالسِّكين
أميرٌ لِلْعواطف كِنْزٌ ثَمين
اليَومُ ما نفَعَكَ بُكاءٌ رَنين
اِنْتَظَرَك طولَ هذه السِّنين
لَكِنَّ خَمْرَ الدُّنيا المَعِين
غَيَّبَ عَقْلَكَ زَيَّنَ اللَّعِين
أَظْهَرَ كَشَفَ عُمْقَ البَطين
رَقَصْتَ شَكَّكْتَ في اليَقين
أدَرْتَ ظَهْرَكَ لِلْحُبِّ المَتين
المَلومُ اخْتِيارُك أيُّها الشَّجين
الأصْلُ أنَّه رُجوعٌ إلى القَرين
طنجة 07/08/2018
د. محمد الإدريسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى