قصة

من عنوانه يُعرَف الكتاب!

أديب عدي

أمام واجهة كشك، حيث توجد المجلات و الصحف اليومية و كل ما هو جديد، راع انتباهي بعض أنواع الكتب المعروضة: كيف تتعلم لغة كذا في خمسة أيام؟ و قلت ربما أنّ واضعي هذه الكتيبات يستهدفون مرشحي الهجرة السرية، لمساعدتهم على نطق بعض الكلمات المفتاح من لغة دول الهجرة، و لعل أسخفهم كتيب: كيف تصبح برلمانياً في خمسة أيام؟ فقلت في قرارة نفسي، أنّ هناك خطأ ما، بل هدراً في الطاقة و المال لتأليف هذا الكتيب، لأنّ في مجتمع فاسد، لا يمكن أن تعلِّم أفراده الكذب و النفاق و المراوغات و …
اشتريت الجريدة و دخلت المقهى، فقصدت زاويتي المعتادة، و المطلة على الشارع. جلست إلى الطاولة، و طلبت من النادل أن يناولني كأساً من الشاي المنعنع كالعادة. و أنا منهمك في تصفح اليومية، سلم علي أحد الأصدقاء القدامى المتقاعدين، لم أره منذ مدة، و في يده اليسرى، لمحت عنوان كتيب: كيف تصبح مليونيراً في خمسة أيام؟
و بعد ردّ السلام و السؤال عن حالته الصحية، و الإجتماعية بعد سنة من تقاعده، جلس و هو يحملق إلى من حوله، ثم بعد تنهيدة عميقة، كانت كافية لمعرفة ما سيحكيه لي لاحقاً. و كأنه كان ينتظر من يسأله نفس السؤال، ليفرغ ما في جعبته من آمال و آلام. و في سياق بوحه، لمّح لي أن فلاناً هو الذي أشار عليه بشراء ذات الكتيب حتى يتغلب على أزماته.
أخذت كتيبه و أعدت قراءة عنوانه جهراً ليسمع، و تأكدت من سعره البخس، ثم قلت له أتريد رأيي صراحة دون إحراج؟ و لمّا كان ردّه بالإيجاب، سألته: هل من أشار عليه باقتناء هذا الكتيب أصبح مليونيراً عند نهاية قراءته له؟ أو أنه تربع في اليوم السادس، على عرش الغَنَاء و النون باء؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى