قصة

لماذا يامطر؟

غدير محمد وليد عبارة

أربعة أشهر مضت وهو لاينام! كل همه أن ينهي تجهيز معرضه الأول.. يضحك حين يتذكر تفاصيل حياة يرسمها فوق الورق لتكون لوحات… من أربعة شهور اضطر لبيع آخر ما يملك… بيت العائلة… وعد الورثة أنه سيعطي كل ذي حق حقه بعد انتهاء المعرض… سهر طويلا… صب في لوحاته خلاصة تجاربه وتجارب من عرفهم…. لوحات كثيرة تملأ القبو الذي يقيم فيه… يصارع الفقر والمرض… رغبته في إيصال فنه للعالمية تكاد تقتله… كيف لا وهو الأول على دفعته في كلية الفنون الجميلة… والله يعلم فقط كيف تابع الدراسة فيها… كان يرسم مشاريع غيره من الطلبة مقابل المال ليستمر .. أوجعه أن يرى أشخاصا كان يرسم عنهم وقد أصبحوا مشهورين …
مرت السنون واكتفى بكونه مدرسا لمادة الرسم في إحدى مدارس بلدته… تعب… طموحه كان كبيرا…
ما بال هذه السنة جدباء لامطر فيها… اللهم ارزقنا مطرا لا ينقطع…
يسمع دعاءهم ويدعو الله سرا ألا تمطر السماء قبل أن ينتهي فالمطر العام الماضي أغرق القبو… واضطر أن يتركه لأيام… عاد ليجد كل ما فيه غارقا بالماء …
يارب أتمم عليي نعمت… فليتأجل هطول المطر حتى أنهي لوحاتي… من يومين حجزت قاعة العرض… يومان فقط وأنتهي …
صباحا بعد ليلة أمضاها في رسم آخر لوحة.. بدل ملابسه وخرج من القبو… الغيوم داكنة والشمس توارت خلف الغيوم… أمسك قلبه بيده.
وصل إلى المدرسة
… وجهه مسود من الغم الذي سيطر عليه لرؤية غيوم تنذر بمطر قادم… رحماك بي يارب..
دقائق… وبدأ يشعر بغضب السماء…برق ورعد ومطر غزير أغرق المدينة.
طلب إذنا من مدير المدرسة… شرح له الموقف كاملا… رفض.. لا يدري كم مضى من الوقت حتى سمع صوت الجرس يعلن نهاية اليوم الدراسي.
ركض بكل قوته.. تعثر كثيرا… صرخ يا الله… لم ينتبه إليه أحد.
حين وصل كان المطر قد أغرق الحي كله… جلس على قارعة الطريق وهو يصرخ…لماذا يامطر؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى