شعر

ما بالُ قيدكِ في يدي يُرتابُ

الدكتور محمد القصاص

ما بالُ قيدُكِ في يَدِي مُرتـــابُ *** وأنا الأسيرُ على الهـوى بَـوَّابُ
فالجُرْح ينزفُ لا سبيلَ لبُرئِـــهِ *** يوما وهجرُكَ بالضلوعِ عــذابُ
علَّلْتُهُ كي يبرى جرحي يا تُـرى *** يَبرى وقد أدمى الفؤادَ صوابُ
ويحُ المُتيمِ حين يضني قلَبَــــهُ *** ألمُ الفراقِ إذا جفاه صِحَـــــابُ
يسري على أملٍ يُساورُ نفسَـــهُ *** والهمُّ في شريانهِ ينســــــــابُ
عاتبتُ بعضَ الصَّحبِ فيمَ يلومني *** ماذا فعلتُ لما ينلني عقـــــابُ
عشتُ الحياةَ وكنتُ أخلصَ صاحب *** ما خُنْتُ فيما خانني الأصحابُ
كفكف دموعَكَ لا تساومنـي على *** ألمي وما عندي إليكَ جـــــوابُ
جفني ينوحُ ومقلتي مجروحـــةٌ *** نزفتْ ودمعي في الهوى أسرابُ
منذُ افترقنا والهوانُ بخافقـــــي *** يا ويحهم قد غيبوني وغابـــوا
حتى المواعيدَ التي وعدت بهــا *** ذهبتْ جُفاءً دونما أسبـــــــابُ
وهنت علاقتُنا وباتَ مصيرُنـــا *** نهبا بآفات النوى يرتــــــــابُ
دعني أُطَوِّفُ في الروابي علنـي *** أنسى عذابي حينها فيُــــذَابُ
إنِّي اصطبرتُ لم يُباعدنا النّوى *** زمنا فعذركَ هل لهُ أسْبـــــابُ
سهرِتْ به العينانُ ترجو أوْبــةً *** سهرتْ فتاهتْ فيهما الأهْدابُ
دعني لشِطِّكَ أن أعودُ فخافقــي *** يرجو الرُّجوعَ فخافقـــــي أوَّابُ
يا سوء حالي حين يُثقلني الأسى *** تعبا وقلبي للهوى طَـــــــلابُ
أرخصْتِ دمعي بالشُّجونَ ألا ترى *** يا دمعُ أني بالحنين مُصَــــابُ
ضاقتْ بي الدنيا كما ضاقَ الهوى *** حينا، وضاقتْ في البعادِ شِعَابُ
أمَّلتها والقلبُ يندب حظــــــهُ *** أملتها أما الحنينُ ســـــــرابُ
إني سلوتُكِ كيف أسلو بغيتـي *** يوما وقلبي بالحنين يُــــــذابُ
نزفتْ جِراحي هل علمتَ بنزفها *** فكأنها في جانبيَّ حِــــــــــرابُ
فغدت تُؤرقُني وقد ضاع الهوى *** بل ضاق عني مِئزرٌ وثِيــــــابُ
أرنو إلى الأبوابِ أحلمُ بالهـــنا *** رحلَ الهوى مذ صُكَّتْ الأبـوابُ
والشوقُ يَسري في عروقي كلَّما *** ذُكِرَ الهوى فبأضلعي يَنســابُ
كلٌّ له في الحظِّ بضعُ مكاسِـــبٍ *** لكنَّ حظِّي مُقفِرٌ وخَـــــــــرَابُ
هلتْ على شطِّ الهوانِ مدامعي *** فتأوه الأحباب والأصحــــــــابُ
ناحت رمالُ الشط تندبُ حظها *** وبكى على شط الهوان عُبــابُ
إن أقفرتْ روحي وحانَ رحيلهـا *** لم يُجدي فيها زفرَةٌ وعِتَـــــابُ
يا ويح قلبي قد تذوبُ مشاعري *** فقصائدٌ ودفاترٌ وكِتَــــــــــابُ
يا حبُّ بُعْدُكَ عن حياضي بغتةً *** أدمي فؤادي والهوى غَــــلَّابُ
قد ذاب بعضي بالجمال صَبابـةً *** أما فبعضي بالهوان مُــــذابُ
ويحٌ لمن قد ظل يقتله الأســــى *** للناس منهم غادرٌ كَـــــــذَّابُ
فالبعضُ يغبطهم وإن خاب الرَّجا *** يغدو الرجا عند اللئامِ سـرابُ
هم ضَيَّعوني عندما آثرتهُـــمْ *** خسروا أضَلُّونا السَّبيلَ وخابُوا
ما لي أراكِ بهاجسي مُرتابَــــةً *** ماذا فعلتُ وما أنا مُرتـــــابُ
حينا جعلتُ إلى التَّصَالحِ غايَتي *** فغدا سماحي للمسيءِ جـوابُ
ولقد عذرتكِ يوم رُمْتِ قطيعتي *** وتشمتَ الأحبابُ والأغـــــرابُ
مهما زَعَمْتِ يكونَّ زعمَكِ باطِلٌ *** فالعذرُ في بعض الأمورِ صـوابُ
منذُ افترقْنا فالحياةُ مَريــــــرَةٌ *** والقلبُ بعدَكِ مُقفرٌ ويَبَــــابُ
والعمرُ ضاعَ ولا إيابَ لضائـــــعٍ *** والحبُّ يغدو بالضياعِ عـــذابُ
يا ربِّ إني قد قصَدتُّكَ راجيــــا *** يا ربِّ عفوَكَ فهو خيرُ ثَـــوابُ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى