شعر

لمناسبة نهاية العام( المرايا)


عبد الجبّار الفيّاض 

ل

لمْ ترَها 
تُديرُ قفاً عن خوْف 
لا يُخسفُ في عينيْها خَجلٌ من شئ . . .
ربَما
تسترُ أرضاً مُحرّمة
حينَ تسقطُ أوراقُ التّوت . . .
تغفَلُ عن بيضاءَ غَزتْ حالكَ فود ١ . . . 
يضيقُ الظاهرُ بباطنِه
زمنَ تلبسُ الشمسُ ثوبَها الأخير . . .
غيرَ أنَّ مرايا التّاريخ
ليستْ كذلك . . .
إنَّها لمْ تمِلْ خَدّاً لأصحابِ عُهرٍ مَشهود
تبوحُ 
وإنْ كانتْ أمامَ ينفجرُ الفرعونُ (من خلافٍ) . . . 
أو سيفٍ لذي بتراءَ في مَوسمٍ حانَ منهُ قِطاف !
أغيرُها لوركا 
نيرودا 
ابنُ فراتيْه . . .؟
نجومٌ . . . 
هوَتْ ضوءاً يسمعُهُ الموتى
تُزيلُ صَدأِ الخوف . . .
. . . . .
كيفَ لا تتحدثُ عن نُقرةِ السّلمان 
كوسوفو 
سانتياغو
الرايغستاغ
زنازينَ حواملَ
شرقَ المتوسطِ وغربَه . . .
للمَرايا لسانٌ 
لا تُخرسُهُ عملةٌ عاهرةٌ في مواخيرِ صفقاتِ الدّمِ المسروقِ من أوردةِ التُّعساء !
تتّسعُ منها الحَدقاتُ لحظةَ سقوطٍ
يتخمّرُ فيه وسخُ الأقزام . . .
لا غفرانَ في قاموسِ يومٍ 
تُغلقُ فيهِ الأبواب !
. . . . .
في بلادِ الذّهبِ المَلعون
موتٌ مستورد . . .
على الأفواهِ 
أكملَتِ العناكبُ بناءَ بيوتِها من جديد . . .
أصابعُ مجذومة 
تُحرّكُ خيوطَ لعبةٍ 
رغِبَ الشّيطانُ أنْ تكونَ تابوتاً لِما تبقّى من أُمّةٍ
تسارعُ قبلَ الموتِ في حفرِ القبور . . . 
دخلتْ رقيماً 
لا تزاورُ على بابِهِ شَمْس . . . 
أتقنتْ فنَّ القَتل 
البُكاءَ على غابِرٍ من غيرِ دَمع . . .
أيُّها الفَجر 
وإنْ كنتَ خديجاً في زُجاجةٍ 
أقبلْ
كُلُّ الأشياء 
تنتظرُ أنْ تتنفّس ! 
فقد أخذَ النّومُ من ليلهِ ما أتعبَ الوسائد . . .
. . . . .
فقَدَ الميزانُ إحدى عينيْهِ في حروبِ الأخوةِ الأغبياء . . .
اشتكى في حضرتهِ كلبٌ
خنزيزٌ 
حمار
من سوءِ ما وُصِفوا به . . . 
لكنَّ براقشَ التي جَنَتْ على أهلِها
ندِمَتْ . . .
الحمارَ الذي بُتِرَ ذيلُه عندَ الآذانِ 
نهقَ بأدب . . .
الخنزيرَ الذي جَثا مشويّاً على مائدةٍ
مُضريّة
رُفعَ عنهُ الحَظر . . .
غيرَ أنَّ أصحابَ القراراتِ الدّاكنةِ 
كانوا دونَ ذاكَ بمسافةٍ ملعونة . . .
إنَّهم يزرعونَ الأفيونَ في عروقِ الغَضب . . .
ينزعونَ قلبَ الشّمعةِ قبلَ أنْ تلدَ ما يخرمُ ثوبَ العَتمة . . .
فلا أحلى عندَهم من رقصةِ سالومي ٢ لقطعِ رؤوسٍ في حضرةِ لقيطٍ على قارعةِ ربيعٍ أسود !
. . . . .
بخيطٍ من حرير 
يفصلُ عالَماً عن عالَم 
ثُمَّ يُصلي العيدَ متبوعاً بقطيعٍ من خراف . . .
بيتٌ 
يُطلى بحليبِ البقرِ صباحاً 
ليعودَ مساءً 
يحملُ كُلَّ سوادِ الأرض . . .
راهبٌ 
ولغَ في صحونٍ ما شاءَ له نَزَقٌ
تنحني لهُ رؤوسٌ فارغة . . .
كذا هم الوعّاظُ في أزمنةٍ
تبحثُ عن أسمائِها الخَلائق !
. . . . .
بالوناتٌ بأجنحةِ الذُّباب
يُداسُ تحتَ ذي الألفِ رِجْلٍ لأمةٍ وجود . . .
لا أرخصَ مما جعلَهُ اللهُ خليفةً في أرضِه . . . 
فعلى جماجمَ 
يسكنُ فيها اسمُه
قصورٌ
لضفادعَ ارستوفان السّمان ٣
إنّهم يروْنَ بعينِ الشّيطان 
يسمعونَ بإذنِه . . .
فماذا بقيَ لهُ بعدَ الرّجم ؟
إنّهُ يشكو لربّهِ العدلَ
فقد سُلبَ منهُ يومُهُ المُنتظَرُ كذلك !
. . . . .
أيُّها العامُ المُتقرفصُ في حُضنِ السّادة . . . 
أيُّها المملوءُ إلى أخمصِ قدميهِ نكباتٍ لا تُنسى . . .
حانَ أنْ تُغادرَ إلى بيوتِ الطّين . . .
الشّمسُ هناكَ 
تفرشُ بساطَها للملتصقينَ بالأرض أجملُ من صباحٍ على ناطحة . . . 
اللّيلُ 
لا يملُّ مُضاجعةَ أحلامهِ التي لم تُودعِ الجفون . . .
لكنَّهُ
يجمعُ رصاصَك الأخرسَ
ليحشوهُ غَضباً لا يُردّ . . . 
. . . 
وأنتَ ترتدي جديدَك المُهترئ في ساعةٍ أتلوّى فيها على سيخِ شِواء
أحبُّكَ 
لأنَّكَ 
لا مفرَّ 
سفينتي . . .
أبغضُكَ 
لأنَّكَ حبلُ مَشنقتي . . .
لمْ تزلْ غربتُكَ 
تبتلعُ أحلامَ الفارّينَ إليها
ليعودوا قِطعاً خاويةً من حَنين ؟
لمْ تزلْ الأعيادُ
تتشظّى بحجارةٍ مُسوّمةٍ لآلهةِ الظّلام ؟
حَتّامَ يحتفظُ بأذرعتِهِ الأخطبوط ؟
وإنْ
فللمَرايا مَرايا . . .
أليستْ عيونُ الصّغار
الأرصفةُ
القبورُ
الألمُ السّاكنُ في جوفِ الجوعِ 
مَرايا ؟ 
لستُ منكَ . . .
لا أستضيفُكَ 
حتى تخلعَ قناعَكَ أمامَ المَرايا . . .
الأجراسُ
تُقرعُ غداً
ليسَ لغيرِ مَنْ برّأتْهُ المَرايا !
. . . . .
عبد الجبّار الفيّاض 
25/12/2018

١- ما جاور الإذن من جانب الرأس .
٢- سالومي ورقصتها المشهورة التي اشترطتها بقطع رأس النبي يحيى عليه السلام .
٣- كاتب مسرحي يوناني صاحب ملهاة الضّفادع السّاخرة ،كان الأداء الأوّل لها ٤٠٥ ق .م

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى