دراسات و مقالات

ســـــــــاعة مع شاعر السيف و القلم البارودي السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد

أُكَلِّفُ النَفْسَ صَبْراً وهي جَازِعَةٌ والصبرُ في الحُبِّ أعيا كُلَّ مُشتاقِ
—–
فيا قلبُ صبراً إن جزِعتَ، فربما جَرَتْ سُنُحاً طَيْرُ الحوادثِ باليُمْنِ
فقد تُورِقُ الأغصان بعد ذبولها ويبدو ضياء البدر في ظلمةِ الوَهنِ
وأيُ حسامٍ لم تُصِبهُ كهامُةٌ ولهْذَمُ رُمْحٍ لا يُفَلُ من الطعنِ

مع وجع الغربة و العزلة و التخلي مرآة الواقع —- !!

هذا هو محمود سامي البارودي رب السيف و القلم رائد الشعر الحديث الذي بعث القصيدة العربية من مرقدها في احياء و بعث جديد يواكب حركة الحياة و التظور
الا انه بسب كرامته و اعتزازه بنفسه و حبه لوطنه تعرض لمحن كثيرة من الغربة و الاغتراب و الوجع و فقد الاهل و الاصحاب الا انه يذرف الدموع و يعيش الحزن بين شوق و حنين فيكتب روائعه في عزلته مرآة تحكي سيرته —
و الحديث عن البارودي ذو شجون و لكن نختصر العصور و المسافات و الكلمات نقدم أمشاج من ظلال البعد حيث الحلم و الألم معا
يقول البارودي عن محنته مصورا عمق ماساته في لوعة يبث لواعجه وحسراته كمدا وحيد غريبا :
أبيت في غربة لا النفـس راضية بها
* * *
,و لا الملتقى من شيعتي كثبُ

فلا رفيق تسـر النفـس طلعته
* * *
و لا صديق يـرى ما بي فيكتئبُ

و من عجائب ما لقيت من زمني
* * *
أني مُنيـت بخطبٍ أمره عجبُ

لم أقترف زلة تقضي عـلي بما
* * *
أصبحت فيه ،فماذا الويل و الحَرَبُ؟

فهل دفاعي عن ديني و عن وطني
* * *
ذنب أدان به ظُـلمًا و أغتربُ؟
===
و يقول في أخري :
ضن البريد علي بالأخبار
أخبار صفوة صحبي الأخيار
ثلثا مشاهدة الصحاب سطورهم
أما يدي حملت عصا التسيار
ومضيت أضرب في البلاد مشرقا
طورا وغربا آخر الأطوار
ما أن أقيم ببلدة حتى أغادرها
أضيع العمر في الأسفار
كم قد رصدت حقيبة يأتي بها
ساعي البريد صباح كل نهار
فإذا الذي فيها توزعه الجوار
فسرهم يا حسنه خط جواري
أأبا فراس فيم تقطعني
وأين النثر أين روائع الأشعار؟
وحديث مثلك نعمة يحظى بها
مثلي تخفف غربتي عن داري

====
ويشكو من ألم الوجد، لفراق المحبوبة في الوطن، ويُمني النفس باللقاء القريب.
فهل من فتى في الدهر يجمع بيننا
فليس كِلانا عن أخيه بمستغنِ
ولما وقفنا لِلوَدَاع، وأسبَلَتْ
مدامعنا فوق الترائب كالمزن
أهبتُ بصبري أن يعودَ، فعزني
وناديت حلمي أن يثوب فلم يُغنِ
ولمْ تَمْضِ إلا خَطْرَةٌ، ثم أقلعت
بنا عن شطوط الحي أجنِحةُ السُّفْنِ
فكم مُهجةٍ من زَفْرَةِ الوجدِ في لظى
وكم مُقْلَةٍ مِنْ غزرة الدمع في دَجْنِ

هذه كانت وقفة سريعة مع شاعر السيف و القلم و شاعر الغربة الذي ذاق كل ألم و بعد ووجع و عاش علي أمل الحنين و الشوق و العودة هذه كانت فاتحة عن عالم البارودي المركب شكلا و مضمونا عبر رحلة خط سير الأدب العربي الحديث
و قد قدمت عنه عدة تغريدات و تناولته في دراسات من خلال مؤلفاتي
لعل هذه السطور التي بثها في محنة الاغتراب و الغربة مع النفس و المكان الا انه ظل يكابد الاشواق في ايمان 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى