دراسات و مقالات

تغريدة الشـــــــــعر العربي بقلم / السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد

((( مع الرمز و الأسطورة في شعرنا العربي )))
الرمز : هو ما يمثل الإنسان حيث يشكل طابعه التمثيلي (بيرس)
الأسطورة : ليست حكاية خرافية بل هي منهج فكري استخدمه الانسان القديم ليعبر فيه عن نظراته في الكون فهي مجموعة أحداث تاريخية تحولت في مخيلته الي أحداث خارقة للمألوف مرتبطة بالدين — ( كلارك )

بداية الإبداع الفني الفلسفي الذي يعيد رؤية اكتشاف الذات من جديد داخل مخزون التراث الحضاري الانساني من وجهة التاريخ ، حيث تتوحد ملامحه مع الزمن و المكان في عبقرية التأثر الرمزي و الاسطوري داخل عملية التكوين للفكر و الشعور معا ،و لا سيما النصوص الشعرية ذات الطابع الغزلي و الصوفي و الملحمي ، و ذلك منذ القديم حتي وقتنا المعاصر !!
نعم إن الفن نسيج لتجربة إنسانية في نماذج ممتعة ذات معنى جمالي له دلالات و خصائص ترتقي بالذوق الانساني —
و عندما نتأمل بعض الإشارات والرموز الأسطورية من منطلق الواقع و الخيال الذي يشكله فكر ووجدان الانسان داخل منعطف الزمان و المكان كوسيلة للتعبير عن الشعور المفعم بالجمال نتوقف امام هذه المصطلحات التي تضيف الي العمل الفني الابداعي قيمة تجعله نقطة تحول الي ما يأمله و يرسمه في ذاكرته لحياته التي يصبغها بظلال كلماته في نسق رائع يتذوقه في تلقائية كل من ينشد عبقرية الكمال —
فنطوف مع النفس نبحث في الكون و ما وراء الطبيعة من موجودات تشكل وعي له قيمة دلالية تستدعي مقومات العمل الادبي من خلال النصوص الشعرية التي تنساب في وادي الروح المسافرة بلا قيود هكذا —-
و من ثم نلقي الضوء علي معني هذه المصطلحات التي شكلت جزء من نتاج الفنان في شتي النواحي الابداعية و لا سيما الشعر و الرسم كمرايا تنطق بحركته مع الحياة —
و من اطلعت علي كتاب ( الأسطورة في الشعر العربي الحديث ) للدكتور أنس داود – و الذي يقع في 515 صفحة ، و قد سرد فيه كل واردة وشاردة حتي يغني الباحث عن هذا الموضوع عبر العصور في مقارنة بين الأدب العالمي و العربي للوصول الي نتائج تكشف لنا عناصر الابداع عند الانسان من خلال التراث العميق !!
وأنـــواع الــرّمــوز: هي كثيرة منها الرموز الطبيعية، والدينية، والتاريخية، والأسطورية.
و ربما قد تأثر بشيء من إحساسه المرهف في تعامله مع الأشياء من منطلق وحدة ” الكون والإنسان ” ، فيأتي الشعر في نسيجه الداخلي وهيكله العام ، محملا بكل أطيافه و و أغراضه التي تعانق معني المواقف و الأحداث معا
و ذلك من خلال منظور” الأساطير ” التي هي صدي ملامح الانسان القديم الذي صور لنا في عفوية بعض الحكايات الشعبية والخرافية وحكايات الخوارق والأساطير ، في تواصل و تزاوج يداعبه مؤشر تناول الموضوعات من خيال خصب يتجاوز الواقع ، ويتخطى حدود الزمان والمكان ، ويمزج بين الأحلام والأوهام وبين ما يحس ويرى ويسمع، وبين الذات وتجاربها الموروثة والمعاشة و من ثم تم ابداع الأسطور التي تترجم الخيال الخصب الي واقع جميل يغير كل المفاهيم نحو قيم تشكل حاضره و مستقبله من أساس ارتكاز تأصيلي لعملية البناء الفني و تلعب المادة التراثية كعنصر السحر و المفاجأة في شتي الآداب العالمية في تشوق لتاول القضايا —–

و ذلك بداية من المرحلة الأولى ” صياغة الأسطورة ” ، ثم ” توظيف الأسطورة في بناء القصيدة ” من ملمح تراثي تقريبي بين تضاد ينقي الشوائب في ملمس حداثي بعيدا عن الفوضي —

و الخلاصــــــة
اننا نتوقف كي نحصل علي القيمة الجوهرية في توظيف الرمز الأسطوري في الشعر العربي الحديث:
و لم لا فقد استقى شعراؤنا المعاصرون كل هذه القيم من موروث تراثي عالمي ضخم يختصر مفصل التاريخ الانساني علي النحو التالي أيضا :
فثمة قصائد عربية و أخري مترجمة ظهرت تجربتها الذاتية في خط سير لهذه الرمزية الفنية بداية من نماذج دونوها بصدق و تأثر محصورا لمفهوم و معدل ” الرموز أسطوري ” لكافة الحضارات القديمة المتنوعة —
= ومن الأساطير اليونانية (سيزيف ، وبروميثيوس ، وأدويسيوس، وبنيلوب ، وأدونيس، وفينوس، وبرسفون)
= ومن البابلية (تموز ، وعشتروت ) ، ومن العربية (السندباد ، وشهرزاد ، وشهريار، وعنتر، وأيوب ، وقابيل ، وهابيل)
= ومن العبرية (المسيح ولعازر ويهوذا) .
وشكلت الأسطورة عند جل الشعراء تقريبا نقاط متباينة عزف كل شاعر علي أوتارها تجربته الذاتية الموشحة بعناصر الخيال و الجمال في انطلاقة بديعة جديدة دخيلة علي هذا الفن الرفيع ( الشــــــعر ) جسدت ملامحه مع الحياة
في رؤية اكتشاف للأخر عبر عصور التاريخ الانساني في تسجيل و توثيق لمراحل فاصلة تسمو بخصائص كل مجتمع من وحي البيئة و الالهام المتفرد –
نعم أنه (النموذج الأسطوري) ذات الاتجاهات و الميول الفنية

و قد اختصر لنا هذا التعريف الاستاذ الدكتورعز الدين إسماعيل:
(إن الصورة الرمزية تجريدية تنتقل من المحسوس إلى عالم العقل والوعي الباطني)
و من ثم تنقسم الرموز إلى قسمين :
– الرمز الجزئي :
—————-
وهو أسلوب فني تكتسب فيه الكلمة المفردة أو الصورة الجزئية قيمة رمزية من خلالها تتفاعل مع ما ترمز إليه؛ فيؤدي ذلك إلى إيحائها ،واستثارتها لكثير من المعاني الخبيئة، وتشع هذه الصور وتلك الكلمات لارتباطها بأحداث تاريخية، أو تجارب عاطفية، أو مواقف اجتماعية أو ظواهر طبيعية، أو أماكن ذات مدلول شعوري خاص، أو إشارات أسطورية معينة وتراثية عامة. والشاعر في تعامله مع هذه الأشياء يرتقي بمدلولها المتواضع عليه إلى مدلولها الرمزي .
– الرمز الكلي :
——–
وهو معنى محوري شفاف، مجسد في إحدى الظواهر المادية، تتمركز على أرضه جلّ الصور الجزئية التي تتوزع العمل الشعري، وتشده نحو هدف جمالي منظور ويربطها به ينبوع .

وأنـــواع الــرّمــوز: هي كثيرة منها الرموز الطبيعية، والدينية، والتاريخية، والأسطورية.

الرموز الأسطورية :
——————-
الأساطير حكايات وقصص غارقة في الخيال والتصورات الخرافية ،بعيدة عن المنطق الحضاري الحديث ، وبها يجسد الشاعر عالما خفيا مفعما بالدلالات النفسية والفكرية والإنسانية…بما تتضمنه من عطاء فني وتاريخي للوصول إلى “تخليص اللغة الشعرية من غنائيتها الفجة بواسطة استحداث معادل موضوعي بين الذاتية والموضوعية والانطلاق بالتجربة الفردية إلى مستوى التجربة الإنسانية الكلية.”

مع أشهر الرموز الأسطورية :
—————————-
السندباد : رمز الرحلة المغامرة
سيزيف : ” الاستمرار والعمل وتكرار الفعل لتحقيق الهدف، والنضال والصراع والكفاح نحو الأعلى ،التفاؤل .
ابن سيرين : رمزالعلم والزهد والورع .
فينوس (Venus ): رمز القوة الخلاقة ،والجمال والحب.
أثينا : رمز الحكمة والتخطيط المحكم في الحروب.
أفروديت : رمز الحب والجمال.
أبوللو : رمز الموسيقى والشعر والنور.
مينيرفا (Minerva): رمز الذكاء والجمال.
إيروس وسهمه الشهير : رمز الوقوع في الحب .
بينيلوب (Penelope) : رمز الوفاء و الصبر والانتظار حتى يتحقق الهدف المرجو.
يوليسيز(Ulysse) : رمز البطولة والذكاء والعودة بعد طول غياب.
الأطلس : رمز الثبات والقوة والشدة.
أوديب : رمز صراع الإنسان مع قدره ، والبحث عن الذات.
نارسيس (النرجس ): رمز الغرور والأنانية .
عشتار : رمز الصراع بين المتناقضات والثنائيات.
شهرزاد : رمز الفطنة والدهاء للمحافظة على النفس والهروب من الهلاك.
شهريار : رمز التجبر والتسلط والفراغ.
كما يوجد شخصيات تاريخية قديمة وحديثة دخلت مجال الأسطورة منها شخصيات دينية وأخرى سياسية ، أشهرها
محمّد – عليه الصلاة والسلام – رمز المواقف البطولية والنضال من أجل المبادئ السامية.
يوسف – عليه السلام – رمز الجمال والمعرفة والخير وحسن التدبير
أبو زيد الهلالي : رمز البطولة العربية.
عنترة : رمز القوة والشدة والبطولة والعفة والوفاء.
البسوس ،داحس ،الغبراء : رموز الحروب الطويلة لأتفه الأسباب .
قابيل : رمز الشر.
هابيل : رمز ضياع الحقّ .
يأجوج ومأجوج : رمز الفساد في الأرض.
أيوب : رمز الصبر.
شي جي فارا (Che Guevara) : رمز الحرية ورفض الظلم.
جميلة بوحيرد : رمز المرأة المناضلة والصامدة

و ثمة رموز أسطورية كثيرة لمن بحث عنها :
عشتار و جلجامش و مأساة الحلاج و ابن رشد و مأساة هارون الرشيد ، و أدهم الشرقاوي و جمال عبد الناصر ، و محمد الدرة ، و غيرهم كثيرون لمن أراد أن يسجل و يضيف في سجل الأسطورة تضمينا في أدبنا العربي و لا سيما شعرنا العربي المعاصر و الحديث لربط موضوعات بالقديم ايحاء للتواصل الانساني من خلال الرموز و الاشكال التي تجسد الحقيقة بين ملامح الواقع و الخيال في رسالة نحو قيم جمالية تأصيلية

و أري في في النهاية اذا كان الرمز الأسطوري بسيط ذات دلالة و ملمح اقتباسي يبرهن علي مدي عرض شيء له فائدة اسقاطية من باب التورية الجمالية لتوظيف التراث داخل حكايات وربط العصور و تباينها في نسق توازني بعيدا عن الاسراف و التعقيد و الاغراق في الغموض و التجريد ، لا بأس من تضمين بعض الكلمات و الجمل التي لا تخل بجوهر المضمون للعمل الفني الابداعي في تلقائية يتذوقها كل متأمل للنص و يفهم عنوان الحوار من بعض المعطيات حتي لا نضيع القيمة الجمالية لتناولنا عناصر النص في اطار مقوماته الفنية الهادفة دائما
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى