قصة

الرجل الذي جاء متأخرا

إيهاب بديوي

اصطفت التشريفة الرسمية في أبهى حلة لها في انتظار وصول الضيوف المهمين، وصلت النساء يرتدين ماركات عالمية ومعهن رجال يتباهون بساعات ذهبية مرصعة وهواتف تنقلهم عبر الزمان والمكان إلى عوالم لا حدود لها، الغرور يقفز أمام الجميع وانتفاخ الأوداج يكاد يغلب الضفادع في مواسم التزاوج، عزفت الموسيقات الرسمية ألحانا متوارثة حين وصل الأمير الحامي للبلاد ووريث العرش المقدس مع اثنين وسبعين لقبا آخر على الأقل، انحنت له الياقات ونزلت الفساتين على ركبتيها متمنية أن يتنعم عليها بنظرة تغير حياتها، ترجل المهم من على ظهر أحد أتباعه الذين يحب أن يركبهم للوصول إلى غايته، لا أحد يعرف عمره على وجه الدقة، البعض يقول أنه الناجي الوحيد الذي لم يركب السفينة مع نوح قبل الطوفان العظيم، والبعض الآخر يؤكد أنه شوهد في الأرض قبل استيلاء آدم وذريته عليها ثم اختفى في مكان غير معلوم حتى ظهر في صحبة قابيل وأعطاه الحجر الذي قتل به هابيل، استمرت الهمهمات وهو يستعرض المؤخرات المنحنية ويصفعها من آن لآخر، ثم أصدر قرارا واجب التنفيذ في التو واللحظة أن تغطى الوجوه وتتعرى المؤخرات في حضرته شريطة أن يتم تنظيفها جيدا. وجد البعض صعوبة في تنفيذ القرار نظرا لاهتمامه بالملابس الخارجية وإهماله لتنظيف دواخله، لكن الأمر لا يمكن تأجيله فظهرت للعيان مؤخرات نجسه وملابس داخلية ممزقة سوداء، وصل إلى مجلسه الموقر الذي يتوسطه عرش من جماجم الفقراء والمعارضين اختارهم بعناية، جلس الجميع في وضعهم الجديد رؤوسهم للأرض ومؤخراتهم عارية مرتفعة. بدأ الأمير حديثه عن ضرورة سماع أوامره واجتناب نواهيه حتى تسير الحياة بسلام وتأمن البلاد الويلات القادمة، وسط حديثه التاريخي الهام رقم ثلاثة آلاف وتسعمائة فوجئ بحركة في نهاية المسرح الكبير، صمت غاضبا متأملا ذلك الذي يقطع عليه تسلسل أفكاره الملهم، اخترق الرجل المؤخرات المتململة دون أن ينظر إليها، وصل إلى الأمير ووقف مباشرة أمامه، اعتذر بهدوء عن تأخره وطلب أن يعفيه من الإنحناء لأن مؤخرته لا تتحمل الهواء، تأمله الأمير كثيرا وهو يفكر في يقينه أن الإستثناءات بداية الإنهيار الكبير، طلب منه في النهاية أن يبتسم وهو يرسم على وجهه تفاصيل جديدة للمؤخرات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى