دراسات و مقالات

( أمواج عارية ) الشاعرة و الإعلامية السورية قمر صبري الجاسم


السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد


وأعذب الشعر ما تشدو به امرأةٌ = فيها من الحب ما في الكونِ مِن نِعمِ 
—- 
سأختمُ بالشعرِ قلبي ولونُ القصائدِ أزرقْ
سأختمُ بالشعرِ قلبي و أنسجُ ما بالهوى قد تمزّقْ
لأنَ الهوى في الحياةِعقيمٌ و في الشعرِ أحلى و أعمقْ
فلا يدّعي الموتُ أني أخافُ و لا يدّعي الحبُّ أني سأغرقْ
و لا لهفةٌ للعناقِ تغذّى و لا موت حلمٍ إذا ما تحققْ

—————–
من أقوالها : 
” على صدرِ قبري ضعوا ما كتبتُ، لعلي أحققُ ما قد عجزتُ عنه هنا في الحياةِ، لعلّي أُتمُّ الذي كنتُ في دربِهِ سائرةْ. على صدرِ قبري ضعوا ما كتبتُ لعلّي ..لعلّي …لعلّي أقولُ القصائدَ يومَ الحسابِ، على منبر الآخرةْ … ” . 
وللحبِّ عطرٌ : شعر : قمر صبري الجاسم – شاعرة سورية مقيمة بمصر
من شعرها : 
يفوحُ على شُرفةِ العاشقينَ 
فتبدو البيوتُ شَجَنْ
وتبدو المسافاتُ أغصانَ ودٍّ 
تَعانقَ يخضورُها والزَّمنْ
يُشرِّشُ في باطنِ الشوقِ كالذكرياتِ 
يقوّي الذي عاثَ فيه الوَهَنْ
ومَنْ قالَ : إنَّ المحبةَ حزنٌ
كأنَّ ابتسامَتَهُ كربلاءْ
كأنْ لَمْ يذُقْ طعْمَ حبِّ الوطنْ

من بلد الشاعر الحمصي ” ديك الجن ” عاشق ورد ، الشاعر العباسي ، و ما أكثر شعراء حمص قديما و حديثا فمن المعاصرين علي سبيل المثال: 
نسيب عريضة: شاعر، وأحد مؤسسي الشعر المهجري ، عبد المسيح حداد: شاعر، وأحد مؤسسي الشعر المهجري. أمين الجندي: شاعر من أواخر القرن التاسع عشر، شارك في صناعة النهضة العربية الثقافية.
و الشاعرالرومنطيقي عبد الباسط الصوفي ، و الشاعر يوسف الخال ، و الشاعر الشعبي عمر الفرا ، و الشاعرة عبير الديب ، و قمر الجاسم ، و فاطمة بديوي، دعد طويل قنواتي، رولا رمضان، أميمة إبراهيم، غادة اليوسف، لينا جنيات، سمر محفوض، وسوزان إبراهيم… وغيرهم كثيرون …

و لم لا فشعراء حمص يتجولون في رومانسية المفردات و الخيال الخصيب و الموسيقي الحالمة عذوبة المنطق و المكان تجعل منهم أوتار شادية … حيث الفن و الجمال و الشعر تصدح زهور وطيور المكان بصدي الحياة بين فرح وحزن تغني بنات الشام موال الخلود بلحن العبقرية مع كل صباء و مساء …!!

نتوقف في تغريدتنا حول تجربة ” قمر الجاسم ” أنها قمر الشام تعزف سيمفونية العشق بلا حدود تجسد تراث و هوية المرأة السورية من منعطف الانخراط مع حركة و تطور الأيام هنا مضيا مع الحداثة برغم الصراعات تضيء درب العمر بالذكريات الحالمة هكذا يمرق القمر بين السحب راكضا كخيول الليل المحملة بالحب و الدفء و الحنان …

و شاعرتنا مثقفة واعية متمكنة من اللغة و فنونها و علومها لها كتابات رائعة تتناول فيها القضايا الاجتماعية تحليلا فريد بأسلوب أدبي بليغ أضف الي فن القصة التي توظفه لمعالجة الواقع و حلمها المنتظر و تهتم بقضايا العروبة و الوطن فتنسج رؤيتها في عزف يهز اوتار التراث و مدي الأحداث التي تداهم الانسان و الوطن من منظور فلسفي جمالي دقيق كما تبحر مع عالم الطفولة بعيون بريئة كي تكتمل لوحاتها المتناغمة كرائدة نسائية تؤرقها المراة بكل مقوماتها .

نشأتها : 
——–
ولدت الشاعرة و الاعلامية السورية قمر صبري الجاسم سورية في حمص. وهي مقيمة بمصر وطنها الثاني بعد الأحداث الأخيرة في الوطن العربي .
حاصلة على بكالوريوس في الاقتصاد من جامعة دمشق. 
تعمل محررة في جريدة العروبة ومذيعة في إذاعة صوت الشعب. 
شاركت بالعديد من المهرجانات الشعرية على مستوى الوطن العربي. 
تكتب بالدوريات المحلية والعربية والإنترنت، كما شاركت بنجاح في برنامج أمير الشعراء على قناة أبو ظبي. 
فازت بالعديد من الجوائز الأدبية.كما ترجمت لها قصائد إلى اللغات الفرنسية والإنكليزية والإسبانية …

و من أهم الإصدارات : 
———————
(وريقات مبعثرة) عام 2002
(للعاطلين عن الأمل) شعر فصيح ، فاز بجائزة المزرعة لعام 2004
(نياشين على صدر قبري)، صدر عن اتحاد الكتاب العرب عام 2005
(دعوة للرِّفق بالكلمات) عام 2007
(أمواج عارية وشيء من هذا القليل (2010)
(منذ هبّة أول حرف)، باللغتين الانكليزية والعربية صدر عن رابطة الكتاب الأردنيين
ضمن سلسلة(شعراء عرب معاصرون)(2014)
(قصص قصيرة جداً)صدر عن لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافيةوالتراثية_أبو ظبي(الديوان الشعري)(2014)
ديوان(ديمقشعرية)صدر عن دار فضاءات في الأردن(2014)

مختارات من شـــــــعرها : 
———————— 
تقول قمر الجاسم في قصيدة بعنوان (سأختمُ بالشعرِ قلبي ) تختصر ملامحها مع ومضات الشعر تلخص مسيرتها في عشق تهمس تحكي لا هربا من الموت و أنها لا تغرق مع نهر الحب فتعلن في ميثاقها للزورق الحنين تنشد ظلال الكلمات .. :

سأختمُ بالشعرِ قلبي
ولونُ القصائدِ أزرقْ
سأختمُ بالشعرِ قلبي
و أنسجُ ما بالهوى قد
تمزّقْ
لأنَ الهوى في الحياةِ
عقيمٌ
و في الشعرِ أحلى و أعمقْ
فلا يدّعي الموتُ أني أخافُ
و لا يدّعي الحبُّ أني
سأغرقْ
و لا لهفةٌ للعناقِ تغذّى
و لا موت حلمٍ إذا ما
تحققْ
و شهوةُ حبّ القصائدِ أسمى
خلودُ المحبةِ في الشعرِ أصدقْ
سأختمُ بالشعرِ قلبي
و لا أدّعي أنني سوف أنسى
و أهجر مَنْ في حنيني تعتّقْ
سأجعلُ مِنْ دمعتي نهرَ شوقٍ
و أجعلُ ما بيننا الشعرَ زورقْ

و تقول في قصيدة أخري بعنوان ” مرثية الطفولة و صفر الحساب ” ينم عن مدي تعلقها برائحة الأرض و الذكريات و تتخذ من الطفولة و التعليم منذ نعومة أظفارها مع القراءة و الحساب ” صفر الحساب ” انطلاقاتها كالفراشة بين الحقول وظلالها الوارفة تعزف موال الجمال و أنشودة الحب برغم الوجع و الحزن تنتظر الفجر بعد نوبات الصراع فالوطن حلمها و حضنها الدافيء :
حينَ كُنا صغاراً
نسابقُ كلَّ الفراشاتِ بالعدوِ خلفَ الرياحِ
بطيّارةٍ من أملْ
نعتلي عرشَ أحلامنا ..
حينَ كنا صغاراً
نهجّي الحياةَ و نلعبُ……
…………………..
منْ كانَ يَكذِبُ يرحَلُ عنَّا
و أصدقنا من يصيرُ البطلْ
نَغرِفُ الشمسَ
نحضرُ عرسَ الزهورِ
و نشربُ قنينةً من عسلْ
حينَ كانتْ حكايات جدَّاتنا
مثل نبعٍ يفيضُ علينا
و لا نرتوي ..
كيفَ كُنَّا نُخبِّئُ بعضَ النقودِ
” لسالي “
دموعاً ..
” لريمي “
و نحزنُ من أجلِ
” هايدي و بِلْ “
كان قلبُ الصغارِ كبيراً
و لونُ البساتينِ أجملْ
لا كما ندّعي الآنَ
كنا إذا مرَّ أستاذنا من راءِ المرايا
نخافُ
إذا لم نغيِّب لَهُ درسَنا
كان يرسلُ عصفورةً كي ترانا
إلى أيِّ وقتٍ سَهِرنا
فنخجلُ إن لَمْ ننمْ باكراً ..
كلُّ شيءٍ ينادي بهِ يعترينا
” كـ كُنْ “
كان أُستاذنا مرجعاً للحياةِ
وفقهَ الحضاراتِ
حضناً لنا ..
حين يطلبُ منا الكلامَ نغرّدُ
إن قالَ قوموا .. نطرْ
أو دعانا إلى درسِهِ ننتفضْ
حين كنا صغاراً
و ذلكَ من ألفِ جيلٍ مضى …
كانَ درسُ الحسابِ عن الصفرِ
كنا نفتّشُ عن إصبعِ الصفرِ من دون جدوى
إلى أن يقولَ لنا :
إنهُ الصفرُ مثل العَدَمْ
سلةٌ فارغةْ
إنما الصفرُ في الضربِ
كالقتلِ عمداً
إذا ما أضفنا لهُ أو طرحنا
كحسّانَ
لا يفهمُ الدرسَ مهما شرحتُ
و مهما قتلتُ
يظلُّ وراءَ المقاعدِ لا يُحتسبْ .
إننا الصفرُ ..
قلتُ لأستاذنا نفسه البارحةْ
قالَ : ” يا ليتنا ” .

و نختم بقصيدة من شعر التفعيلة ” الحـــر ” للشاعرة قمر صبري الجاسم حيث توصي ابنتها في وصية شعرية تحثها في ثناياها بأمور تحفظ لها حياتها مع الحياة فتقول في قصيدتها – وصيتها – تحت عنوان « لا تلبسي ثوب عرس حزين »‏ من ديوانها « دعوة للرفق بالكلمات »‏ . 
تحثها أمها على الزواج من أجل الولد .. كي يكون عكاز شوقها والحنان الحنين :‏
أنت لا تعلمين‏
أنت لا تعرفين الخيانة‏
لا تعرفين الكذب‏
ناصع قلب حزنك بالياسمين‏
أنت لا تتقنين سوى الشعر‏
لا تدركين سوى الخير‏
أمضيت حلمك في دفتر الأمنيات‏
وتبكين حباً غزيراً على بعد وهم‏
وهذي الحياة تعذب يا طفلتي الطيبين‏
افهميني ، توخي الولد‏
كي يكون كما كنت أنت رفيقة آخر أحلام دمعي‏
وحزني وعكاز شوقي … الحنان الحنين‏
وتعود لتوصيها :‏
« وأوصيك إن دق قلبك‏
بعد رحيلي أريحيه كالأخريات‏
ستحضر روحي لتفرح‏
لا تلبسي ثوب عرس حزين »‏ . 
نأمل أن نكون وصلنا في هذه التغريدة الشعرية بعض معالم الشعر من مدينة حمص الشعر و الجمال من خلال نموذج شعري نسائي مع الشاعرة الحمصية و الاعلامية الرائعة ” قمر الجاسم ” حيث ألقينا بعض الضوء حول تجربتها الذاتية فقد جاء شعرها لوحات فنية مكتملة الأصول من لغة وصورة وبلاغة وموسيقي تتناول القضايا الاجتماعية و الوطن و المرأة عبر الشام الزاخر بالتراث و الحضارة برغم الصراعات … في دعوة الي الجمال دائما .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى