دراسات و مقالات

مع صاحب نشيد السلام الجمهوري السوداني الشاعر أحمد محمد صالح : 1889 – 1973 م

تغريدة الشـــــــعر العربي السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد

نحن جند الله جند الوطن
إن دعا داعي الفدا لم نخن
نتحدى الموت عند المحن
نشتري المجد بأغلى الثمن
هذه الأرض لنا
فليعش سوداننا علما بين الأمم
يا بنى السودان هذا رمزكم
يحمل العبء ويحمي أرضكم.
” من ديوان : مع الأحرار ”
——————
قال عنه الشاعر الكبير عبد الله محمد عمر البنا: «هو أشعر شعراء السودان»
فلما سئل: من تكون أنت؟ قال: إنني شاعر، في كل لحظة يطرق الشعر بابي، ولكن أحمد هو الذي يوقظ الشعر فيخدمه!! أطلق عليه معاصروه من كبار الشعراء: الأستاذ الشاعر

نعم من أرض وادي النيل – من أرض السودان الشقيق حيث التاريخ المشرق لبلاد وادي النيل مصر و السودان جغرافية تاريخ اجتماع عروبة حلم واحد ظل منذ فجر التكوين حتي كان الاستقلال في عام 1956 م
وظل الحب و الاخاء يجمع حياة الشعبين بعيدا عن تطورات السياسة في قالب مشترك وضمير الشعب الواحد ذات صبغة تجمع شتات الأحلام في دائرة واحدة حتي في محراب التعليم
و من ثم نرصد حالة الادب و الابداع من خلال عمق الشخصية الواحدة المنصهرة شكلا و مضمونا من جذورها الأولي تصور مصير ذاتي يقبع في أعماق الفكر و الوجدان حتي في أصعب الظروف تنعكس الرؤية لتقدم لنا المعدن الأصيل
و قد قدمت بضعة شعراء و شاعرات من قبل فزخم حالة الشعر في السودان ترتقي الي واجهة الكلمة المعبرة بالعاطفية الصادقة حيث الفكر و الوجدان السليم
و تعرفنا علي لفيف من أهل الفن و الابداع الذين هم امتداد للمكون المصري في ثوابت و قواسم مشتركة واحدة
بداية من :
الهادي آدم الذي عرفته من خلال قصيدته ” أغد القا ؟! ” و التي تغنت بها كوكب الشرق أم كلثوم —
ثم رحت أقلب في موسوعة الشعر السوداني المعاصر حتي تم أصدار كتابي ” سقوط مملكة الشعر في الضحي من الراحلين في سن شرخ الشباب و تناولت فيه الشاعر الشاب السوداني ” التيجاني يوسف بشير ”
و من ثم عشقت الشعر السوداني بكافة أطيافه لروعته و جماله و أناقة حروفه وصدق صوره و عمق موسيقاه —- !!
ثم تعرفت علي الكثير أمثال :
محمد عبد الباري، محمد أحمد محجوب، و محجوب شريف ، و ادريس جماع ، و محمد الفيتوري ، و محمد المجذوب و مهدي المجذوب ، روضة الحاج، و نضال الحاج و محمد المهندس، ياسر أحمد مدني، و محمد عمر البنا ، و عبد الله البنا ، احمد فرح شادول و الدكتور مجدي الحاج و غيرهم كثيرون .
و كانت لنا هذه التغريدة مع الشاعر السياسي الغزلي ” أحمد محمد صالح ” صاحب نشيد الأحرار ” النشيد الوطني لدولة السودان بعد حركات التحرر من قوي الاستعمار الاجنبي —
أليس هو القائل :
يا من رأى حسناء تخـطر فى ثياب اللازورد
لو كان زندى واريا لتهيّبوا كفى و زندى
أو كان لى ذهب المعز لأحسنوا صلتى وودى
لمــا تنـكر ودهـــم جازيتهم صدا بصد
هذى اليراعة فى يدى لو شئت كانت ذات حد
لو شئت سالت علقما سماً يرى عند التحدى
فــإذا رضيت فإنـهـا شهد مصفى أي شهد

نعم فان أحمد محمد صالح يعد من مفاتيح حركة الشعر في السودان وشعره من أهم المداخل لفهم اتجاهات ومسارات هذه الحركة، و شعره جاء حلقة ربط بين القديم و الحاضر و المستقبل —-
و لشاعرنا امتداد فابنه الأستاذ الكبير والشاعر الفذ والدبلوماسي والسفير المميز والإذاعي ” صلاح أحمد محمد صالح ” صاحب البصمة والتوقيع في ملفات الأدب والثقافة

أحمد محمد صالح، شاعر سوداني مشهور يعد من رواد شعر الوطنية في السودان وهو أيضا سياسي بارز اختير عضواً بمجلس السيادة السوداني، عند استقلال السودان في عام 1956م. وهو مؤلف النشيد الوطني السوداني.

و هذا هو نشيد السلام الجمهوري للشاعر الأستاذ أحمد محمد صالح ( مع الأحرار ) :

نحن جند الله جند الوطن
إن دعا داعي الفدا لم نخن
نتحدى الموت عند المحن
نشتري المجد بأغلى الثمن
هذه الأرض لنا
فليعش سوداننا علما بين الأمم
يا بنى السودان هذا رمزكم
يحمل العبء ويحمي أرضكم.
نحن أسد الغاب أبناء الحروب…
لا نهاب الموت أو نخشى الخطوب…
نحفظ السودان في هذي القلوب…
نفتديه من شمال أو جنوب….
بالكفاح المُرُّ والعزم المتين…
وقلوب من حديد لا تلين…
نهزم الشرَّ ونجلي الغاصبين…
كنسور الجوّ وأُسد العرين…
ندفعُ الرَّدى… نصدُّ من عدا….
نردُّ من ظلم

نشـــــأته :
———-

ولد أحمد محمد صالح في مدينة أم درمان سنة 1898.ودرس في كلية غوردون التذكارية ، جامعة الخرطوم حالياً، حيث تخرج منها عام 1914 . وعُرِف عنه ولعه بالشعر العربي والإنجليزي حيث كان يحفظ العديد مما وقع في يده من القصائد الصادرة بهاتين اللغتين.

اشتغل معلما، ثم رُقي ناظرا (مديرا) وهو في الثلاثين من عمره، كما تقلد وظائف إشرافية وإدارية في وزارة المعارف، حتى أصبح نائبا لمدير المعارف، وعمل معلما بكلية غردون.
اختير عضوا بمجلس السيادة عند استقلال السودان عام 1956.
كان خطيبا مفوها مقتدرا على تصريف المعاني وسبك العبارات، وكان يخطب باللغتين: العربية والإنجليزية.
حفظ عيون الشعر العربي والإنجليزي.
توفي أحمد محمد صالح في عام 1973م بإم درمان في السودان.

كانت له صلات طيبة بأدباء مصر، وقد جارى نونية (علي الجارم) في قصيدة له. كما كان وطنيا غيورا مصادماً للإنجليز حتى إنهم حين فرضوا على المدرسين أن يغيروا زيهم من الزي الأفرنجي إلى الجبة والقفطان، رفض الانصياع للأمر، لا نفورا من الزي الإسلامي، ولكن رفضا للأمر الإنجليزي.
له ديوان شعر بعنوان «مع الأحرار» صدرت طبعته الأولى في الخرطوم عام 1998م من قبل الهيئة القومية للثقافة والإعلام [2]، وتميز شعره بقوة التعبير ورصانته. وقال عنه الشاعر السوداني عبدالله محمد عمر البنا بأنه «أشعر شعراء السودان »، بينما لقبه مناصروه والمعجبين بشعره بلقب الأستاذ الشاعر. وقد حافظ أحمد محمد صالح في شعره على أصول العروض الخليلي.[3] شعره قوي الأسر، رصين العبارة، صادق العاطفة. كان عندما ينشد إحدى قصائده يحتفل بها كل السودان، وقصيدته في دمشق تعد في ميزان واحد مع قصيدة شوقي في دمشق. قال عنه الشاعر الكبير عبدالله محمد عمر البنا: «هو أشعر شعراء السودان» فلما سئل: من تكون أنت؟ قال: إنني شاعر، في كل لحظة يطرق الشعر بابي، ولكن أحمد هو الذي يوقظ الشعر فيخدمه!! أطلق عليه معاصروه من كبار الشعراء: الأستاذ الشاعر.
حافظ على أصول العروض الخليلي طوال رحلته الشعرية الممتدة، غير أنه في الأعوام الأخيرة لجأ إلى التنويع بما يناسب ألحان الموسيقا وضرورات الإنشاد.

و يترنم شاديا بين أروقة السياسة و ظلال الغزل كالبلبل الصداح و يظهر هذا جليا في قصيدته الغزلية بعنوان ” توأم الروح ” حيث يقول فيها :

توأم الروح ما عدل أخلف الوعد والأمل
كم تجنى على المحب وكم خان كم مطل
هي أحلى من الزلال وأشهى من العسل
كلما شمت بارقا قلت مولاي قد أهل
وكفاني القليل إن لم يكن وابلا فطل

مختارات من شـــــــــعره :
—————————
ومن أكثر قصائد الشاعر أحمد محمد صالح شهرة وذيوعا قصيدة (فينوس) التي يرسم فيها بكلماته صور ولوحات فنية جمالية تنطق بعبقرية الشعر و الجمال في تناسق ايقاعي يبهر النفس مع تأملاته الساحرة الفلسفية بمشاعر تجليات الصوفي العاشق —
و مناسبة هذه القصيدة — التي كتبها الشاعر في جلسة واحدة وبنفس واحد، في لحظة انفعال طغى فيها الغضب لإغفال منظمي الحفل دعوته لحضور ليلة الاحتفاء بالأديب المصري (وزير المعارف حينها) علي الجارم كتبها شاعرنا أحمد محمد صالح مجارياً قصيدة الجارمي التي حيا بها السودان على نفس البحر والقافية فأجاد وفاق قصيدة الشاعر الفذ.
فيقول في بعض أبياتها:
أخلفت يا حسناء وعدى و جفوتنى و منعت رفدى
فينوس يا رمز الجمال و متعة الأيام عندى
لما جلوك على الملا وتخيروا الخطاب بعدى
هرعوا إليـــك جماعة وبقيت مثل السيف وحدى
استنجز الوعـــد النسيم وأسأل الركبان جهدى
يا من رأى حسناء تخـطر فى ثياب اللازورد
لو كان زندى واريا لتهيّبوا كفى و زندى
أو كان لى ذهب المعز لأحسنوا صلتى وودى
لمــا تنـكر ودهـــم جازيتهم صدا بصد
هذى اليراعة فى يدى لو شئت كانت ذات حد
لو شئت سالت علقما سماً يرى عند التحدى
فــإذا رضيت فإنـهـا شهد مصفى أي شهد
لى من بيانى صارم وكتائب العزمات جندى
حسناء ليس أبوك بالرجل البخيل المستبد
حجبوا سناك و ما دروا أن الكواكب ذات وقد
لما طلعت على شباب القطر فى يمن و سعد
و تضوّع الوادى و فاح شذاك من عطر و ند
و بدت معانى السحر فى كل العقول فليس تبدى
رفعوا العماد و هللوا و أتوك وفدا إثر وفد
نهلوا و علّوا من جمالك فاستطابوا خير ورد
ملك القريض ووارث المـجد المؤثل من معد
غرد كما شاء البيان محدّثاً عن خير عهد
أيام كان لواؤنا الجبار مــن سهـل لوهــد
واذكر لنا عهد الجدود وصف لنا أيام أحد
في القادسية يوم سار النصر من بـنـد لبند
وتغـن من فـنـن إلـى فـــنن ومن غور لنجد
يا وارث الأدب التليد وبانـــي الأدب الأجـد
علم شباب الواديين خلائـــق الرجل الأشد
علمـهـم أن الخنـوع مــــذلـة والجـبن يردى
علمهـــم أن الحيــاة تسير في جزر ومد
علمهــــم أن التمســح بالفرنجة غـير مجدى
علمهم أن العروبـة ركن إعــزاز ومـــجــد
هذه كانت تغريدة رائعة لشاعر مسكون بخيوط الشعر و تفرد العاطفة منذ الميلاد بالسليقة و التلقائية فهو شاعر و ابنه شاعر فحروفه و أنفاسه تقطر شعرا رقيقا جذابا كتب في السياسة و الغزل و الوطنيات و الاجتماعيات و المناسبات الدينية وفي ذكري ميلاد و بعثة و هجرة النبي محمد صلي الله عليه و سلم و من ثم نقدمه كمدخل لمفهوم الشعر المعاصر السوداني مدرسة رائدة للشباب فهو انسان و فنان و سياسي حلق كالطائر الطليق بين أفنان الشعر
و لشاعرنا امتداد فابنه الأستاذ الكبير والشاعر الفذ والدبلوماسي والسفير المميز والإذاعي ” صلاح أحمد محمد صالح ” صاحب البصمة والتوقيع في ملفات الأدب والثقافة
رحم الله شاعرنا الكبير ابن أم درمان ” أحمد محمد صالح ” وسلاما عليه في سجل الخالدين دائما 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى