دراسات و مقالات

مأساة الحلاج ٠٠الحسين بن منصور الحلاج ” ٨٥٨ – ٩٢٢

السعيد عبد العاطي مبارك

” و اللهِ ما طلعتْ شمسٌ و لا غربت إلا وحبّك مقرونٌ بأنفاسي
ولا جلستُ إلى قومِ أحدّثُهم إلا وأنتَ حديثي بينَ جلاسي
ولا ذكرتك محزونا ولا فرحا إلا وأنتَ بقلبي بينَ وَسواسي
ولا هممتُ بشربِ الماء من عطشٍ إلا رأيتُ خيالًا منكَ في الكاسِ
ولو قدرت على الإتيانِ جئتُكُمُ سعيًا على الوجهِ أو مشيًا على الراسِ
ويا فتى الحيّ إن غنّيتَ لي طربًا فغَنِّني وَاسَفَا من قلبِك القاسي
ما لي وللنّاسِ كم يلحونَني سفهًا ديني لِنفسي ودينُ الناسِ للنّاسِ ” ٠

***
في البداية الحديث ذو شجون حول ” الشعر الصوفي ” الذي له دلالات و رؤية تجسد ملامح الحب الروحاني في جماليات النص تمتزج بالفكرة و الوجدان و الخيال و الهروب من الواقع في تجليات و إشراقات تفتح مسارات الكلمة في اطار فلسفي هكذا ٠٠ !! ٠

فما أكثر أنواع هذا اللون في شعرنا العربي مع أقطاب مثل :
ابن الفارض ، و ابن عربي ، و جلال الدين الرومي ، و عفيف الدين التلمساني ، و البرعي ، السهرودي المقتول ، ورابعة العدوية ، و غيرهم كثيرون ٠

و يعد ” الحلاج ” من كبار شعراء الصوفية و الحب الإلهي ٠
و قد دفع ثمن هذا العشق مما أدي في النهاية المأساوية لاتهامه بالكفر و الزندقة ثم تم قتله بسبب فكره الذي أوصله الي الاصطدام ٠
و أول ما عرفته من خلال الشاعر صلاح عبد الصبور ٠
عندما كتب مسرحيتهالشعرية ( مأساة الحلاج )
و قد تناول فيها شخصية المنصور بن حسين الحلاج المتصوف الذي عاش في منتصف القرن الثالث للهجرة. تتكون المسرحية من فصلين سماهما صلاح عبد الصبور أجزاء.
الجزء الأول: “الكلمة”٠ والجزء الثاني:”الموت”٠ وتعد هذه المسرحية من أروع المسرحيات الشعرية ٠

مع مأساة الحلاج :
———————–

الحلاج هو أحد أهم الشعراء الذين كتبوا في الشعر الصوفيّ، وهو أبو المغيث الحسين بن منصور، ولد عام 858 للميلاد في بلدة البيضاء من بلاد فارس، ثم ارتحل إلى العراق إلى مدينة تسمى واسط قرب بغداد، ثم انتقلَ إلى أكثر من مكان فوصل الهند وعاد إلى مكّة المكرمة معتزلاً في الحرم المكيّ، ثم عاد إلى العراق مرة أخرى كأحد كبار المتصوفين في عصره، كان والدُه يعمل في حلج القطن ٠
و كثرت فيه الآراء و الاختلافات حال الأمر مؤيد و معارض ٠
و لكن انا هنا اختصر المشهد كي اقدم أشعاره الي القاريء الكريم ٠

مختارات من شعر الحلاج :
=============
مع روائع الحلاج :

و اللهِ ما طلعتْ شمسٌ و لا غربت إلا وحبّك مقرونٌ بأنفاسي ولا جلستُ إلى قومِ أحدّثُهم إلا وأنتَ حديثي بينَ جلاسي ولا ذكرتك محزونا ولا فرحا إلا وأنتَ بقلبي بينَ وَسواسي ولا هممتُ بشربِ الماء من عطشٍ إلا رأيتُ خيالًا منكَ في الكاسِ ولو قدرت على الإتيانِ جئتُكُمُ سعيًا على الوجهِ أو مشيًا على الراسِ ويا فتى الحيّ إن غنّيتَ لي طربًا فغَنِّني وَاسَفَا من قلبِك القاسي ما لي وللنّاسِ كم يلحونَني سفهًا ديني لِنفسي ودينُ الناسِ للنّاسِ أنا مَن أهوى ومَن أهوى أنا نـحن روحانِ حَلَلْنا بَدَنا فإذا أبصرتَني أبصرتَه وإذا أبصـرتَه كان أنـا روحُه روحي وروحي روحُهُ مَن رأى روحيْنِ حَلّا بدنـا إذا هجرتَ فمـن لي ومـن يجمّل كلّي ومن لروحي وراحي يا أكثـري وأقـلّي أَحَبَّكَ البعض منّي فقد ذهبت بكلّي يا كلّ كلّي فكنْ لي إنْ لم تكن لي فمن لي يا كلَّ كلّي و أهلي عند انقطاعي وذلّي ما لي سوى الروح خذها والروح جهد المقلِ عجبتُ منك و منـّـي يا مُنـْيـَةَ المُتـَمَنّـِي أدنيتـَني منك حتـّـى ظننتُ أنـّك أنـّــي وغبتُ في الوجد حتـّى أفنيتنـَي بك عنـّــي يا نعمتي في حياتــي و راحتي بعد دفنـــي ما لي بغيرك أُنــسٌ من حيث خوفي وأمنـي يا من رياض معانيـ هـ قد حويت كل فنـّـي وإن تمنيْت شيْئًا فأنت كل التمنـّـــي الـــعَيْـنُ تُبـْـصِرُ مَن تَهْوَى وتَفقده ونَاظِرُ القَلْبِ لا يَخْلُو مِـــن الـنَظَر إن كَانَ لَيْسَ مَعْى فَالذِكرُ مِنهُ مَعْي يَرَاهُ قَلْبِى وإنّ غَابَ عَنْ بَصَرِي ُالوَجْدُ يُطربُ مَن فِي الوَجْدِ رَاحتٌه الوَجْدُ عِنْدَ وُجُودِ الحَقِّ مَفَقُود قَدْ كَانَ يُوحِشُني وَجدْي ويُؤنِسُني لرؤيةِ وَجْدِ مَن فِي الوَجْدِ موجود لي حبيبٌ أزورُ في الخلواتِ حاضرٌ غائبٌ عن اللحظاتِ ما تراني أصغي إليه بسري كي أعي ما يقولُ من كلماتِ؟ كَلِماتٍ منْ غيرِ شَكلٍ ولا ونُطـ ــقٍ ولا مثلِ نَغمةِ الأصواتِ فكأني مُخاطَبٌ كُنْتُ إياهُ على خاطري بذاتي لذاتي حاضرٌ غائبٌ قريبٌ بعيدٌ وهوَ لم ْ تَحوِهِ رسومُ الصفاتِ هوَ أدنى من الضميرِ إلى الوهــمِ وأخفى من لائحِ الخطراتِ والله لو حلف العشاق أنهمُ موتى من الحب أو قتلى لما حنثوا ترى المحبين صرعى في ديارهمُ كفتية الكهف، لا يدرون كم لبثوا قومٌ إذا هجروا من بعدِ ما وصلوا ماتوا، وإن عاد وصل بعده بعثوا لبّيكَ لبّيكَ يا سرّي و نجوائي لبّيك لبّيك يا قصدي و معنائـي أدعوك بلْ أنت تدعوني إليك فهـلْ ناديتُ إيّاك أم ناجيتَ إيّائي يا عين عين وجودي يا مدى هممي يا منطقي و عباراتي و إيمائـي يا كلّ كلّي يا سمعي و يا بصري يا جملتي و تباعيضي و أجزائي يا كلّ كـلّي و كلّ الكـلّ ملتبس وكل كـلّك ملبوس بمعنائــي يا من به عُلقَتْ روحي فقد تلفت وجدا فصرتَ رهينا تحت أهوائي أبكي على شجني من فرقتي وطني طوعاً و يسعدني بالنوح أعدائـي أدنو فيبعدني خوف فيقلقنــي شوق تمكّن في مكنون أحشائـي فكيف أصنع في حبّ كَلِفْتُ به مولاي قد ملّ من سقمي أطبّائـي قالوا تداوَ به منه فقلت لهـم يا قوم هل يتداوى الداء بالدائـي حبّي لمولاي أضناني و أسقمني فكيف أشكو إلى مولاي مولائي ٠

**
هذه كانت وقفة مع مأساة( الحلاج ) و تأملات من شعره الصوفي و الحب الروحاني في رمزية متدفقة تجسد رؤيته في تجليات و إشراقة دائما

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى