دراسات و مقالات

لا تجرح الماء — الشاعر و الاعلامي السعودي د.أحمد قران الزهراني

السعيد عبد العاطي مبارك

يا أول الغيث بات العمرُ متكأً
للعابرين إلى أقصى شراييني
يستنطقون الضميرَ الميْتَ من نُطَفي
وينسخون الضميرَ الحيَّ من جيني
لم يبقْ من صوتي المكلومِ غيرُ صدىً
ولم يعدْ في حروفي غيرُ ذي النونِ.
——–
قال عنه الدكتور محمد الشنطى :
” إنه شاعر ينزع إلى التجديد ويستثمر ما توحى به البلاغة القرآنية من ظلال تتجاوز المعانى المحدودة ” .
نتوقف مع شاعر و كاتب سعودي له دور بارز في الحركة الثقافية بالمملكة العربية السعودية حيث يتصدر ظلال الابداع في شتي المحافل فهو صوت أصيل تدفق من قرية هريرة حيث جماليات ” جدة ” فالتراث التاريخي و مهد الطفولة مازال عالق في مخيلته الممتلئة بمعطيات الجمال و الحواس التي تسافر بالروح بين صحراء الحياة الممتدة و زخارف المدينة التي تجابه ملامح الجزيرة في تلاقي و تواصل يرسم ملامح القصيدة التي تعكس مدي عمق رؤيته و تجسد ملامح شخصيته فهو مرآة الابداع و الجمال يتقن عبقرية البوح و يسطر لنا ملحمته الاستثنائية بعد رحلة طواف مشرق هكذا يمضي بنا الزهراني ينشد لنا تقاسيم الحرية في الشعر والإبداع ولكن مجنحا بنا نحو الرمزية التي تكشف لنا كل غموض تلقائيا !!.

ولد الشاعر السعودي الدكتور أحمد قران الزهران في قرية ” بني هريرة ” التابعة للباحة عام 1965م – جدة بالمملكة العربية السعودية و حفظ القرآن و تعلم في مراحل التعليم المختلفة حتي حصل على البكالوريوس من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة عام 2008م. و الماجستير في الإعلام ( الإعلام والتنمية الثقافية ).
و الدكتوراه في الإعلام السياسي من جامعة القاهرة 2013م (علاقة السلطة السياسية بالإعلام ).

و يعمل أستاذ الإعلام بكلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة
كما عمل مديراً عاماً للأندية الأدبية بالمملكة .
و هو المشرف على (مختارات ( انطولوجيا ) الأدب السعودي ) المتضمن أعمال كبار الأدباء في المملكة وصدر عام 2011م.
و عمل دبلوماسيا في السفارة السعودية بالقاهرة.
و عمل مديرا لإدارة الصحافة المحلية بوزارة الثقافة والاعلام بمنطقة مكة المكرمة .
حول تجربته الشعرية :
تناول عدد كبير من كبار النقاد في العالم العربي تجربته الشعرية. كما تضمنت رسائل علمية ماجستير ودكتوراه تجربته الشعرية.
و مثل المملكة العربية السعودية في مهرجانات و دورات و معارض عديدة في شتي البلدان .
المشرف على معرض جدة الدولي للكتاب والمعلومات ( 2000 – 2006م ).
المشرف على معرض الناشر السعودي بجدة (2009م).
يعمل مستشاراً في مكتب وزير الثقافة والإعلام.
و من ثم حصل على أكثر من أربعين درعا وشهادة تقديرية من داخل المملكة وخارجها.

الإصدارات الأدبية :
——————

1 ـ ديوان بعنوان ( دماء الثلج ) صدر عن نادي جدة الأدبي الثقافي 1998م .
2 ـ ديوان بعنوان ( بياض ) صدر عن المركز الثقافي العربي ببيروت 2003م .
3 ـ كتاب نثري بعنوان ( امرأة من حلم ) جدة 2000م .
4 ـ ديوان شعري بعنوان ( لا تجرح الماء ) صدر عن رياض الريس ببيروت عام 2009م. وتمت إعادة إصداره عام 2013م عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر.
= وكتاب السلطة السياسية والإعلام في الوطن.

و تحت الطبع :
1 ـ كتاب بعنوان ” غواية الثقافة ” .
2 ـ كتاب بعنوان ” الرفض والقبول ـ قراءة في ظواهر الشعر العربي “.
3 ـ ديوان شعري

و يقول في مقطوعة رائعة تجسد مدي عمق رؤيته في تأملات فلسفية حائرة تبث الشوق من خلف الأفق الشاحب الي كل معني و قيمة جمالية تشرق بين عبقرية النفس و الحياة :
تعلّلْ فقد لا يُعيرك ضوءُ المساءِ اهتماما،
فتسْلكُ غيرَ الطريقِ الذي لم تُرده،
فينتابُكَ الحزنُ،
لا ينبغي للمواجعِ أن تستفيقَ إذا ما تنبأتَ بالغيبِ،
دعْ صوتَكَ الغضَّ يرفو المسافاتِ بين الأخلاءِ،
غنِّ لهم ما استطابوا من الشعرِ،
حتى إذا أسرجَ الليلُ وجهَ الصباحِ
تنادى السُّراه.

كما يسافر بنا في حوارية رائعة يسرد لنا منتهي تجربته التي تنم عن أصالة و عراقة في تناول قضايا المجتمع شعرا و ابداعا بين الزمن و المكان ، و من منظور دوره الرائد الاعلامي في صناعة الكلمة رسالة هدفها التغير و التميز فيقول الزهراني في قصيدة تحت عنوان ( وجه ) :
كاد وجهُها يضيءْ
يكاد يحترقْ!!
يكادُ..
والشموسُ في الخدودِ
تُلهب الشفقْ
والجمرُ في الشفاهِ
يكتوي به الحَدقْ.
هذي النهاراتُ التي
لاحتْ جمالاً في الأُفُقْ
هذي الليالي المقمراتُ
في الجبينِ
زانها الألقْ
هذي العيونُ الناعساتُ
لم تفارقِ الأرقْ.
هيهات ناء وجهُها
ولا يزالُ
في دواخلي قلقْ
هيهاتَ
ناء في الزحامِ
وجهُها
ولا أزال في شرودي
لم أُفقْ
هيهات غابتْ
والزمان والمكانُ
لم يغبْ
فظِلّها يكاد أن يُضيءْ
ووجهُها يكادُ
يحترقْ.

مختارات من شـــــــــعره :
مع قصيدة الزهراني و التي تحمل نفس عنوان ديوانه ” لا تجرح الماء !! ” و التي ينطلق بنا من خلال كهف التعاويذ و الحيرة باحثا في فلسفته الجدلية عن جماليات الروح التي تشرق من مخدع الحقيقة بين ظلال الحياة ينشد حكمة العاشقين ، و نبوءة الطفولة و زهد النساك الذين يؤدون صلواتهم علي هياكل الحب فوق الماء الذي هو سر مباديء التكوين مع بوح تراتيله الليلية ، فيقول فيها :
على بعد حرفين
أمضت مساءً شهيا
تهدهد ما ظل من سطوةِ الشعرِ
تمزج بيني وبين القصيدة
في لحظة للتجلي
وتأوي إلى لوحةٍ للتعاويذ
تأخذني في تماهي العبارات
لا شيء يجمعنا في المكان
سوى أننا غارقان معا
في تفاصيلنا حالة اللا حدود ..
أرى مهرةً تسبق الريح في خفتها
حين تخطو على الماء
من دون أن تجرح الماء
لا تجرح الماء
لا تجرح الماء
تأتي كما الليل
يقرأ بعض الوجوه
فلا عين لليل
قد قيل : لا عين لليل
تأتي كطفلٍ شقي يداعب ما يستلذ
فتى صاخبٍ لا يرى الله
شيخ يؤسس في سجدتين لمثواه
مثلي أفكر …
ما المنتهى للخلود ؟
قرأت لها في المساء قليلاً من الشعرِ
حتى تدندن بي كالدعاء الموصى به
في مناماتها ..
ثم ناولتُ كفي لتقرأني كالعبادات
ناولتها قهوةً لا لتشرب منها
ولكن لتقرأني مثل عرافةٍ تجهل الحب
قلت لها
قلت :
.
.
لكنها مثل أنثى تجيد الغوايات
مرت بلا رهبة في الردود .
كتبت لها في المساء مواقيت للسحر
أن علميني الصلاة على الماءِ
ضمي تراب يدي إلى راحتيك
لكي تستعيدي تقاسيم وجهي
ومدي خطاك على الجمرِ
مدي خطاكِ
وقولي : سلام على سيد الباب
قولي : سلام على أول البرقِ
شقي عصايَ
ولا تمنحيني وصاياك
لا تقرئي حكمة العاشقين
ولا تعبري من طريق الغواية ِ
حتى نحيك معا كيف نجثو على الصرح
من غير أن نغرقَ الفُلكَ
لا فُلكَ تجري إلى منتهاها
ولا لون للبحر يشبه لون السماءِ
ولا الدربُ يمتد في البعدِ
لا النخلُ يسقط من مرتقاه
ولا الخيلُ تركض فوق الصراط المقدس
لا أنتِ … أنتِ …
ولا كف يشبه كفيكِ
ضدان …شحٌ وجود .
أرى برزخاً قد تلاشى
إلى مسقطِ الضوء
قولاً حكيماً يراود أنثى
كأن السماءَ على قيد قولٍ من الحب
أني أراها تمازج بيني وبين القصيدة
بيني وبين الذي لا تراه
وبين التنبؤ بالغيبِ
بيني وبين الذي لا تراه
بيني وبين الذي شق في مقلتيها الوجود.
على بعد حرفين
كنا نقاسم أجسادنا لذةَ الجوعِ
نأوي إلى الكهفِ حتى نرى بعضنا جهرةً
ثم نتلو التعاويذ
نتلو التعاويذ
كنا نلامس أشياءنا دون وعي
وكنا نشاطر أرواحنا بعض ما تشتهي
حيث …
لا دفتر أو شهود.

و بعد رحلة ابداع و جمال مع ظلال شاعرنا السعودي الدكتور أحمد قران الزهراني الذي حلق بنا بين جواهر الأشياء في مواقف استثنائية يستدعي لنا مواكب عبقر من متاهات الزمن يرسم حلمه المسافر مع أمنيات الروح التي تهفو الي كل معاني الحياة دائما

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى