دراسات و مقالات

ســــــــــــاعة مع الأم الحبيبة أُمّي وإنْ طَالَ الحَديث بها فَلا شِـعــرٌ يُـوَفِّــيْــهَـا ولا الأَقــلامُ

تغريدة الشــــــــعر العربي السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد

الأمُ مدرسة إذا أعدَدْتَها أعدَدْتَ شعباً طيبَ الأعراقِ
” شاعر النيل : حافظ ابراهيم ”
—–
أحن الي خبز أمي وقهوة أمي
ولمسة أمي
وتكبر في الطفولة
يوماً على صدر يوم
وأعشق عمري لأني
إذا متّ
أخجل من دمع أمي..
” محمود درويش ”
—————————
عندما نتوقف مع ” الأم ” من خلال ومضات دينية و أدبية و شعرية ، كي نلقي الضوء في لمحة سريعة عن عالم المرأة الأنثي شقائق الرجال ، و لم لا فهي حواء الريحانة الجميلة أم وزوجة حبيبة معشوقة ، و أخت و ابنة ، بل هي مرآة الحياة التي تحمل دلالات و معاني تسمو بالروح نحو الأفق الرحب .
و من ثم نجد ان بر ( الأم ) وطاعتها والقيام على مساعدتها واحترامها في مرحلة الصغر او مرحلة الكبر من الامور الضرورية التي يجب علينا الالتزام بها لدخول الجنة والتوفيق في الناحية العملية التي تزهر بموكبها الرائع و العظيم معا .
و اذا نظرنا الي معني ” الأم ” :
و قد أشتقت الأمومة من الأُمّ ، وأُمّ كل شيء:
معظمه، ويقال لكل شيء اجتمع إليه شيء آخر فضمّه .
والأمومة:عاطفة رُكزت في الأُنثى السوية، تدفعها إلى مزيد من الرحمة والشَفقة و الحنان و المودة .
و ما أكثر الحديث عنها في الكتاب و السنة النبوية الشريفة حتي حرص القرآن الكريم علي عدم الايذاء و لو بحرف ” أف ” حتي لا نجرح مشاعرها معنويا قبل بدنيا لا قدر الله تعالي !!
فان كلمة “أف” اسم فعل للتضجر — و علامة على التذمر والضيق من أمر .. فإذا رأى الابن ان الام بحاجة اليها في قول ينفعها في امر دينها او دنياها فليقل لها ذلك بلطف ولين وأدب وان يقوم بمساعدتها بكل شيء ماديا و معنويا في قناعة لأنها حملت و رضعت و قامت بالرعاية الشاملة .
لقد أوصى القرآن الكريم بالأم، لفضلها ومكانتها فقال عزّ وجل:
” ووصّينا الإنسان بوالديه حَملته أمه وَهْناً على وهن، وفِصاله في عامين أنْ اشكر لي ولوالديك إليّ المصير ” .
و في حديث نبوي شريف :
عن معاوية السلمي- رضي الله عنه- قال:
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت:
يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك، أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: ويحك، أحية أمك؟
قلت: نعم يا رسول الله، قال: ويحك الزم رجلها فثم الجنة. ” صحيح ” .
و قد تغني الشعراء بــ ” الأم ” قبل الإسلام ، وعند الشعراء المخضرمين، وفي العصر الأموي، والعصر العباسي، وفي شعر العصر الفاطمي، وفي المغرب وبلاد الأندلس، وكذلك في أشعار شعراء العصر الأيوبي، والعصر المملوكي، وعند شعراء العصر العثماني، و شعراء العصر الحديث فكان فضل الأم عظيما !!
و نقتطف أمشاج من الشعر عن الأم :
———————————–
وقالت جليلة بنت مرة في الأم:
تحملُ العينَ كما تحمل الأمُ أذى ما تفتلي
و قال تميم بن أُبي عن الأم:
وملجأ مهروئين يلفى به الحَيا إذا جفلت كُحل هو الأم والأبُ
و يقول الأيام. الشافعي :
ﺃﻃﻊ ﺍﻹﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﺃﻣﺮ ﻭﺍﻣﻸ ﻓﺆﺍﺩﻙ ﺑﺎﻟﺤﺬﺭ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﻖ ﻭﺍﺟﺐ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﺒﺼﺮ
ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻧﻌﻢ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺗﺘﺪﺧﺮ
ﻭﺃﻃﻊ ﺃﺑﺎﻙ ﻓﺈﻧﻪ ﺭﺑﺎﻙ ﻣﻦ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺼﻐﺮ
ﻭﺍﺧﻀﻊ ﻷﻣﻚ ﻭﺍﺭﺿﻬﺎ ﻓﻌﻘﻮﻗﻬﺎ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻜﺒﺮ
ﺣﻤﻠﺘﻚ ﺗﺴﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺄﻟﻢ ﻭﺍﻟﻀﺠﺮ
ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺮﺿﺖ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺒﻜﻲ ﺑﺪﻣﻊ ﻛﺎﻟﻤﻄﺮ
ﻓﺄﻃﻌﻬﻤﺎ ﻭﻗﺮﻫﻤﺎ ﻛﻴﻼ ﺗﻌﺬﺏ ﻓﻲ ﺳﻘﺮ
و قال الشاعر جرير عن الأم :
أغرّ كان البدر تحت ثيابه كريمٌ إلى الأمِ الكريمة والأب
و قال معن المزني في حق الأم:
فما زلت في ليني له وتعطُفي عليهِ كما تحنو على الولدِ الأمُ
و قال الشاعر العباسي أبو نواس في الأم أبياتاً منها قوله:
فإذا أطفنَ بها صمتنَ لها صمت البنات مهابة الأمِ
وقوله أيضاً:
وأنظر إذا هي قابلتك تهيؤ نظر اليتيم إلى يدِّ الأمِ
وقال الشاعر مهيار الديلمي للأم:
من خير قوم أباً وأكرمهم أماً أما عابت الأب والأُم
و قال الشاعر الأندلسي الألبيري:
ولقد عهدنا الأم تلطف بابنها عطفاً عليهِ وأنت ما أقساك
و قال الشاعر الأندلسي التطيلي:
وأكرم مضن يُرجى لدفعِ مُلمةٍ إذا الطفل لم يسكن إلى لطفِ الأمِ
وقال العفيف التلمساني في حق الأم:
فيأخذ من هذا لهذا بحقهِ على نسبة محفوظة الأم والأبِ

و في العصر الحديث :
——————-
يقول الشاعر أحمد شوقي في حق الأم:
يسيرُ على أشلاء والده الفتى وينسى هناك المرضع الأم والأبِ

و ها هو شاعر النيل حافظ إبراهيم خير من وضح لنا في عصرنا المعاصر دورها و منزلتها في المجتمع فيقول :
الأمُ مدرسة إذا أعدَدْتَها أعدَدْتَ شعباً طيبَ الأعراقِ
الأمُ روضٌ إن تعهده الحيا بالريِّ أورَق أيمّا إيرَاقِ
الأم أستاذ الأساتذة الأُلى شغَلَت مآثرهم مَدى الآفاقِ
وقال شاعر القطرين خليل مطران:
نعمت الأمُ أنجبت خيرة الأولاد للبِّرِ والنَدى والوفــاءِ
وقال أيضاً:
رأينا كمالَ الأم والبيت عندهم وحكمة فتيان وعفة خرد
و قال أيضا :
الأمُ شمس والثريا لكم أخت وما منكم سوى بدر

و يقول الشاعر أبي القاسم الشابي:
الأمُ تلثم طفلها وتضمه حرمٌ سماويّ الجمال مُقدس
و يقول الشاعر العراقي معروف الرصافي عن الأم :
ولم أر للخلائق من محلِّ يُهذِّبها كحِضن الأمهات
فحضْن الأمّ مدرسة تسامتْ بتربية ِ البنين أو البنات
واخلاقُ الوليدِ تقاس حسناً باخلاق النساءِ الوالداتِ

و يقول إبراهيم المنذر عن الأم :

قال ائتني بفؤاد أمك يا فتى ولك الدراهمُ والجواهر والدررْ
فمضى وأغرز خنجراً في صدرها والقلبُ أخرجهُ وعاد على الأثرْ
لكنه من فرطِ سُرعته هوى فتدحرج القلبُ المُعَفَّرُ إذا عثرْ
ناداه قلبُ الأمِ وهو مُعفرٌ : ولدي ، حبيبي ، هل أصابك من ضررْ ؟
فكأن هذا الصوتَ رُغْمَ حُنُوِّهِ غَضَبُ السماء على الوليد قد انهمرْ
ورأى فظيع جنايةٍ لم يأتها أحدٌ سواهُ مُنْذُ تاريخِ البشرْ
وارتد نحو القلبِ يغسلهُ بما فاضتْ به عيناهُ من سيلِ العِبرْ
ويقول : يا قلبُ انتقم مني ولا تغفرْ ، فإن جريمتي لا تُغتفرْ
واستلَّ خنجرهُ ليطعنَ صدرهُ طعناً سيبقى عبرةً لمن اعتبرْ
ناداه قلبُ الأمِّ : كُفَّ يداً ولا تذبح فؤادي مرتين ِعلى الأثر

و يقول الشاعر سعيد عقل عن أمه :
أُمِّيَ… يا مَلاكي يا حُبِّي الباقي إلى الأَبَد
وَلَم تَزَلْ يَداكِ أُرْجوحَتي وَلَمْ أَزَلْ وَلَد.
و ها هو الشاعر كريم معتوق يطوف بنا من خلال رحلة امومية رائعة فيقول :
مــا قــلتُ والله يـا أمـي بـقـافــيـةٍ إلا وكـان مــقـامـًا فــوقَ مـا أصـفُ
يَخضرُّ حقلُ حروفي حين يحملها غـيـمٌ لأمي علـيه الطـيـبُ يُـقتـطفُ
والأمُ مـدرسـةٌ قـالوا وقـلتُ بـهـا كـل الـمدارسِ سـاحـاتٌ لـها تـقـفُ
هـا جـئتُ بالشعرِ أدنيها لقافيتي كـأنـما الأمُ في اللا وصـفِ تـتّصفُ
إن قلتُ في الأمِ شعرًا قامَ معتذرًا ها قـد أتـيتُ أمـامَ الجـمعِ أعـترفُ
——–
و في شعرنا الحر شعر التفعيلة يقول شاعر المرأة ” نزار قباني ” عن الأم :
وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر
ولم أعثر..
على امرأة تمشّط شعري الأشقر
وتحمل في حقيبتها..
إليّ عرائس السكر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشلني إذا أعثر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولد الذي أبحر
ولا زالت بخاطره
تعيش عروسة السكر فكيف.. فكيف يا أمي
غدوت أباً..
ولم أكبر؟ !

و يطالعنا شاعر فلسطين محمود درويش متذكرا ذكرياته مع أمه لحظة بلحظة في ظلال البيت قائلا :
أحن الي خبز أمي وقهوة أمي
ولمسة أمي
وتكبر في الطفولة
يوماً على صدر يوم
وأعشق عمري لأني
إذا متّ
أخجل من دمع أمي..
خذيني، إذا عدت يوماً
وشاحا لهدبك
وغطّي عظامي بعشب
تعمّد من طهر كعبك
وشدّي وثاقي..
بخصلة شعر
بخيط يلوّح في ذيل ثوبك..
عساي أصير إلها
إلها أصير..
إذا ما لمست قرارة قلبك
ضعيني، إذا ما رجعت
وقوداً بتنور نارك..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت، فردّي نجوم الطفولة
حتى أشارك
صغار العصافير
درب الرجوع..
لعشّ انتظارك

و نختم بقول الشاعر فاروق جويدة عن الأم :
أماه.. يا أماه
ما أحوج القلب الحزين لدعوة
كم كانت الدعوات تمنحني الأمان
قد صرت يا أمي هنا
رجلاً كبيراً ذا مكان
وعرفت يا أمي كبار القوم والسلطان..
لكنني.. ما عدت أشعر أنني إنسان

و أخيرا نتمني أن نكون قد وفقنات في الطرح في أمشاج عن الأم بمناسبة يومها فهي الام مصدر الأمومة و الحنان و الرعاية و دورها الرئيسي في المجتمع دائما.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى