دراسات و مقالات

​وَطَنٌ لاُختِراقِ الخاصِرَةِ نثرية بقلم: صالح أحمد كناعنة

 كُنتُ و حيدًا …

وكانوا مِن وَرائي… يَرسمونَ أُفقًا للكَلِماتِ،

ويَعُدّونَ أسرابَ المعاني العابِرَةِ.

لم يَستَقِرَّ الفَرَحُ طَويلاً في خاصِرَتي؛

حتّى تَسَرَّبَ العَتمُ إلى خَيمَةِ صَبري …

أيُّنا يَسكُنُ الآخَرَ أَكثَر ؟!!

وَيهرَعُ النِّداءُ إلى جِهَةٍ لَيسَ تَغزوها القَوافِلُ .

عَبَثًا أُحاوِلُ رَسمَ مَلامِحِ فَرحَتي فَوقَ قارِعَةٍ يَضيقُ بِها حضوري…

والعَتمُ طَوعَ نافِذَتي…

وخَيالي كَفَّ مُنذُ حِكايَةٍ؛ عَن رَصدِ ما تَحكي ذِراعي الْمُستَفيقَةِ مِن سُباتِ الأُمنِيَةِ.

***

خارِجًا كُنتُ لِتَوّي مِن بَقايا رَعشَتي …

حينَ احتَوَت ضَجَري مَساماتُ الرَّصيفِ…

راسمًا صَمتي وأمسي هَزّةً …

فَجري وصَوتي مَلمَلَة.

***

لَكَم صَدَّقتُ أَمسي أَنَّني قَد عِشتُ أمشي…

وَزَماني كانَ يَرقيني بِأَنفاسِ الرُّكودِ.

يا… يا شُموخَ الآهِ …

كَيفَ وَصلتُ هُنا؟ أَنا الْمَرجُوُّ أفقَ النّافِذَةِ ؟؟؟

حَتمًا ذِراعي كانَتِ الجسرَ، لِتَعبُرَني قَناعاتي إلى طَريقِ الانتِظار .

***

عابِرًا كُنتُ من عَتمِ انتِصاراتي…

حينَ استَوقَفَتني رَعشَةُ الرَّحمَةِ عِندَ القارِعَةِ .

الرّيحُ توغِلُ بي…

فماذا عَن غُبارِ السّابِلَةِ ؟!

**

كُنتُ أرسمُ صورَةَ الفَجرِ الْمُطِلِّ على صَدى ذاتي…

حينَها أَدرَكتُ أنّي بَعضُ تَكرارِ الصُّورِ!

مَن يُكَدِّسُّني هُناك ؟!!

الأنا… أَم ذِراعٌ لا تُعاقِرُني…

ولا تَسكُنُ لَوني؛ حينَ تَذروني الرِّياحُ؟؟!

***

كانَتِ العَتمَةُ تُدَوّي ..

والأنا يَتَعَملَقُ حَتّى باتَ أُفقًا لا يُرى، وصَوتًا يَتَجَعَّدُ .

***

وَجَعُ المسافاتَ يَستَمطِرُني وَعدًا …

ثم يُنبِتُني ضَياعًا …

أينَ مِن أفُقِ الحَقيقَةِ يَسكُنُ الحَدُّ ما بَيني وبَينَ رُؤايَ؟!!

أَصَحيحٌ أنَّني مازِلتُ أنتَظِرُ انقِشاعَ الغَيمَةِ ؟

أَم دونَ وَعيٍ صِرتُ جُزءً مِن خَلاياها…

وشتَّتَني جُنونُ الرّيحِ مِن هَولِ انبِهاري ؟!!!

***

لَوَّحتُ… كَم لَوَّحتُ للأفقِ الْمُجَنَّحِ عَبرَ نافِذَتي،

وجَدَّدتُ انتِظاري.

مِن أَينَ للأمنِيَةِ الموسومَةِ بالحُبِّ جَسدٌ؟؟

والنِّداءُ الْمُستَفيقُ عَلى جِراحاتي، يُغَذّيني شَجَنا !!

والكلُّ يَطلُبُني لِيَرقيني بِماءٍ قَد تَقَدَّسَ مِن دِمائي ..

ثم يُهدي لي الغَرَقَ !!

***

صَحراءُ يا جُرحَ النِّداءِ المستَفيقِ عَلى نَسيجي…

مَن سَيَكتُبُني إِذا طَلَعَ الصَّباحُ… ولَم أَزرَع في رَحمِكِ العُذرِيِّ مَوسِمَ انتِشاري ؟؟

مَن سَيَحكيني إِذا لَم تَستَفيقي في خَلايايَ جُنونًا …

وتَزيدي في اجتِراحي ؟؟!!

**

لَستُ وَحيدًا …

ها هُم وَرائي …

يَنسِجونَ مِن صَدى صَمتي جُنونًا …

ومِن خَلايا التِياعي ساحَةً لافتِراسِ الكَلِماتِ،

وَوَطَنًا لاختِراقِ الخاصِرَةِ !!!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى