دراسات و مقالات

بوح علي الضفاف – الشاعر الإماراتي طلال الجنيبي

السعيد عبد العاطي مبارك

” شاعر التوقيع الصوتي” 
يغشاني الصمت إذا انطلقت في الكون حمائم أشجاني 
ومضت تختال على فنن ربضت في موطن أفناني 
فكأن الحسن يسامرني فيذوب الحزن بوجداني 
وكأن الشوق يحاورني لأجيب الشوق بأركاني 
وكأني أطياف حملت ترنيمة صدق تغشاني 
تتغلغل في داخل نفسي لترابط دوماً بكياني 
وكأني أنشودة ليل والدفء يمازج ألحاني 
—– 
يقول الجنيبي : “أجد أن النص الشعري هو إحساس يمثل ما يعتري الشاعر من وجدان ” . 
من دولة الامارات العربية الشقيقة نتوقف في هذه التغريدة مع شاعر له تجربة ذاتية بين ظلال الوطن يعزف بصدي التوقيع الصوتي ملامح الحب و يتغني بعبقرية هذا الموطن الجميل و يغوص بمفرداته المتفردة و صوره المصبوغة بحلم الخيال يغازل محبوبته في حكايات التاريخ كالبلبل الصداح بين أفانين ورد الصباح ينقش ميلاد انسان علي جبين بلاده التي تتلألأ صبوحا كوجه القمر المسافر بين أحضان الأفق في شدو وغناء كي يصغ اليه العالم هكذا نرسم لوحة شاعره المغني دكتور طلال الجنيبي . 
نشـــــــــأته : 
———— 
ولد الشاعر والكاتب الإماراتي الدكتور طلال سعيد عبد الله الجنيبي، في إمارة أبوظبي عام 1971م . 
حاصل على الدكتوراة مع مرتبة الشرف في استثمار الموارد البشرية من جامعة نيوكاسل بالمملكة المتحدة، الماجستير بامتياز في علوم الإدارة من جامعة أستراي بالولايات المتحدة. 
أستاذ جامعي، ومحاضر بالأمم المتحدة وخبير دولي بالإدارة والتخطيط، و رجل أعمال .
و قد عرف طريق الشعر مع موهبته منذ نعومة أظفاره في مراحل الصبا و التعليم و اعتلي منصة الالقاء و عرف ماهية الشعر و أسرار الكلمات و البوح بمشاعر جسدها فيما بعد و شارك في العديد من اللقاءات المحلية و الدولية و يجيد فن التوقيع الصوتي الذي يعود بنا الي زمن الأعشي صناجة العرب و يتمسك بالانشاد و الغناء الفني في تناغم بين الكلمة و الموسيقي و الصورة و الاداء … 
و نال عدة جوائز مع ادراج شعره في المناهج التعليمية بدولة الامارات العربية . 
من دواوينه : 
————-
= ديوان ( الامارات في القلب ) .
= ديوان ( علي قيد لحظة ) .
= ديوان ( بوح علي الضفاف ) . 
= ( أحدث عنك ) . 
ظاهرة ” التوقيع الصوتي ” :
———————
و عن ظاهرة ” التوقيع الصوتي ” الذي يقدم لنا تجربته الخاصة الذاتية في بعض قصائده من خلال تصريحاته المتعددة شارحا ماهيته … و ما هو الا امتداد لتجارب التغني بالشعر، و ليس الغناء، ولا الإنشاد، وإنما هو إلقاء الشعر بإيقاع صوتي يميز النص وهو ابتكار الدلالات مع منطوق النص تجسيدا يجذب المتلقي.
وهذا التوقيع الصوتي : هو أسلوب إلقاء يشبه الغناء او الإنشاد ولكن يختلف عنهما في آلية تشكله الإلهامية وارتباطه الحصري بنصه الشعري المرافق له.
و يبقي النص بخصوصية أسلوب قائله ايقاع يستخرج الموسيقى الداخلية من باطن النص الشعري ليلبسه إياه ويظهر إيقاعه بوضوح وجمال.
والغاية منه تقريب المنتج الشعري الإبداعي من أذن وروح وذائقة المتلقي الذي يستمع إلى نص شعري مرطب ومعرق بموسيقاه الشعرية الداخلية . 
و شعر الجنيبي يحمل تلك الأغراض المتنوعة منها الحس الوطني والإنساني والاجتماعي ، والوجداني ، و التغني بسحر الطبيعة وجمال البيئة مع هالات الحب و الأحلام في رسالة مفعمة بتلقائية الحياة نحو معاني ذاخرة بالقيم السامية .

يقول شاعرنا الجنيبي في قصيدة بعنوان «لغة الصمت» تتجلي ربقة الحب و الوجدان في حالة نشوي تكشف لنا مكنون الروح في جماليات :
يغشاني الصمت إذا انطلقت
في الكون حمائم أشجاني
ومضت تختال على فنن ربضت في موطني أفناني
فكأن الحسن يسامرني
فيذوب الحزن بوجداني
وكأن الشوق يحاورني
لأجيب الشوق بأركاني

و شاعرنا يعرض هموم الواقع العربي في رسالة بعد أن سرد لنا تاريخها المجيد و و الشعور بالانكسار في فترات لاحقة يجسدها و يصورها تعبيرا فنيا … لحظة بلحظة فيقول الجنيبي : 
لا زلت أبحث عن جواب سؤالي
لا زال يتبعني مدى استرسالي
أصبحت أنظر للمساء إذا انقضى صبح لأسأل هل تراه يبالي؟
سرمدت آمالي على إطلاقها ونسيت نفسي فاستغاث خيالي
أنا أمة العرب التي سطعت بها أسس الحضارة والفخار العالي
قد جاء عصر صرت فيه عليلة مغلولة بالجهل والأثقالِ

وفي قصيدة «سؤال لا يجيب» التي يتناول فيها موضوعاً فلسفياً يصور في أبيات قصيدته ملامح من الهموم الاجتماعية، بادئاً بالإشارة إلى السؤال الذي يحرم الشاعر من النوم ولا يستجيب لندائه فيحاوره في تهويمات رائعة :
يؤرقني سؤال لا يجيبُ ويمنعني جواب لا يصيبُ
ويسبقني فوات لا يجارى
ويرشدني ضياع لا ينيبُ
يشاغلني فلا أسطيع مكثا
فويحي كيف تستشفي القلوبُ 
لماذا نتبع الأهواء فينا وفينا الوعي والرأي الأديبُ
عجيب أننا نهوى عمانا برغم بصائر فينا تجوبُ

يقول في مقطوعة ذات بوح وجداني راقي يبث أشجانه ولوعته يحكي الغرام و الأحلام مع الأيام في تحدي و صمود برغم النزعات ينتظر مع الفجر صورة الانسان بين ظلال الحياة فيقول الجنيبي : 
يغشاني الصمت إذا انطلقت في الكون حمائم أشجاني 
ومضت تختال على فنن ربضت في موطن أفناني 
فكأن الحسن يسامرني فيذوب الحزن بوجداني 
وكأن الشوق يحاورني لأجيب الشوق بأركاني 
وكأني أطياف حملت ترنيمة صدق تغشاني 
تتغلغل في داخل نفسي لترابط دوماً بكياني 
وكأني أنشودة ليل والدفء يمازج ألحاني 
يهديها إشراقة صبح جذاب مشتاق حاني 
ينساب على وجه الدنيا لينير الكون بألواني 
وكأني في مكمن نفسي في ذروة حسي وأواني 
أتناول من حولي حسنا يتألق عبر الأزمان 
ليذيب الحسن بأمنية تتجاوز كل الأكوان 
تتناغم مع حس يحيا في موطن سر رباني 
ألقاه الحق برحمته في عمق ضمير الإنسان

هذه كانت قراءة سريعة لمدخل شاعر جرب الحياة من خلال قصيدته مع فن التوقيع الصوتي أنه الدكتور طلال الجنيبي ابن الامارات العربية ، الذي سجل اسمه في موسوعة الشعر الاماراتية عن استحقاق و تميز ، و كان ذات صبغة لها وجهة خاصة ، و لا سيما صدي أضواء حرصه علي تمثيل الوطن في أسواق الشعر ، و مشاركته الفعالة داخل الامارات و في العواصم العربية و العالمية و كلماته لها صدي القبول عند المتلقي لم لها من أسلوب رصين وصور تنطق بالجمال و تناوله لقضايا الانسان هموم و أحلام فجاء شعره سلاسل من رسائل سريعة يحدوها الأمل دائما . 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى