شعر

الصهيلُ يخنقُ الخيولَ المربوطة

عبد الجبّار الفيّاض

باستضافة الاخ السينارست سعدي عبد الكريم

(الجمهور)

فراغُ مصبوغٌ بأمنياتٍ ميّتة
يتّسعُ لنهاياتٍ غائمة
النّاسُ تحتَ خطِّ قيظٍ
يلوكُ رِئةَ النّهار . . .
يَهَبونَ جلودَهم للشّمسِ
لجوعٍ
يملأ كُلَّ فم . . .
لكنّهم
ألفوا الطّبيخَ البارد
فلا ساخنَ غيرُ رصاصٍ معتوه
في طُرقاتِ موت
من جهاتٍ ست . . .
لكنَّ صوتَ الرّعدِ لا يخرقُهُ رصاصٌ مارق !
. . . . .
ما أطعمًتْ
ما كسَتْ
قشورٌ في فمِ ماعز . . .
عقودٌ
سلختْ لحاءَ زمنٍ مبتورِ السّاقين . . .
الناسُ هنا
تشتري النّومَ قبلَ الخبز
كأنّهم نسوا
كيفَ كانوا يصنعون خبزاً لحفاةٍ في دروبِ الشّمس ؟
. . . . .
غابرٌ
أتى
مومياواتٍ مُحنّطةٍ بشمعِ الزّمنِ الميّت . . .
هُبَلُ
بشارةُ زمنِه
ولو تبيّنَ خيطُ فسادِهِ من خيطِ فسادِه . . .
داحسُ والغبراء
يُثيرانِ الغبارَ على زجاجِ سيّاراتِ عبسٍ وذوبيان . . .
الغالبُ والمغلوب
يقتسمان ماءَ البئر . . .
السّباقُ ملهاة
رمادٌ في عيون الفجر . . .
الغبارُ
يحجبُ وجوهاً
تعشقُ مثارَ الحوافر !
بمنعرجِ اللِّوى ١
يتهادى صوتُ ابنِ الصّمةِ بشذراتٍ من نُصْح
تٌغلقُ عنها الأذان
لتحلَّ الكارثة !
. . . . .
انتظارٌ
يتمدّدُ ألماً تحتَ أقدامٍ مُتعبَة . . .
أفرغَ كُلَّ الصّبرِ في جيوبٍ مثقوبة . . .
ما عندَ الغفاريّ سوى سيفٍ
بوجهِ آلهةِ الخبزِ المسروق !
ولا لصعلوكٍ غيرُ شرٍ
يتأبّط . . .
هل ينزعُ البُهلولُ طرافتَه
ليبصقَ على بقعةِ جلوسِه؟
ذهبَ حنيْنٌ
يبحثُ عن خُفِّه
رجعَ بساقٍ مبتورةٍ
لعلَّ الحربَ تمنُّ عليهِ بساقٍ من خشب . . .
. . . . .
جهاتٌ أربع
بابٌ واحد
عالمٌ نهارُهُ
يُعلّمُ الصّغارَ أبجديّةَ العَتمة . . . يشنقُ دُماهُم بخيوطِ ما يحلمون . . .
لا عجبَ
فكبارُ الخارطة
ينتفخون ألآ يكونوا صغاراً . . .
لا شأنَ لهم بهذا الذي سجدَ لهُ القمر . . .
بعيونٍ دامعة . . .
بشفاهٍ يصبغُها البارود . . .
أطهرُهم
أقذرُ من حاويةٍ قمامة
يُخاطبون بما يُخاطَبُ بهِ ناهق . . .
لا تبتئسْ
حفّارُ القبور
سيخذلُهُ رفْشُهُ ذاتَ يوم
ربما
يرثيهِ بحفنةٍ من دود !
. . . . .
(المسرح)

مسرحٌ
كُلُّ ما فيهِ باينَ أمسِه
ستائرُه
كراسيُّه
إلآ الضّوء . . .
لكنَّ النّصَ كما في مسرحتِهِ الأولى
يبدأ بحذفٍ
بإضافةٍ مُستترةٍ
ينتهي
بما يراهُ سينارست
يتنفّسُ من تحتِ إبطِ السّيد . . .
حضيرةٌ
يُلعنُ على بابِها زمنُ الإنحناء . . .
ثيرانٌ مخصيّة
بشِمتْ من علفٍ مستورَد
بقرونٍ خشبيّة
لا يهزأُ قَرنٌ من قَرن . . .
نِطاحٌ بدمٍ كذب
خُوارٌ
ينتهي بصمت . . .
مَنْ بيدِهِ حياةُ كُلِّ البقر
حَضَر !
. . . . .
جديداً ترتدي
الأزهارُ الذابلة
تفقدُ علامةَ التّعجب !
كمبارس
يأكلون الحُصرمَ
لا يضرسون . . .
أرضٌ عُقّتْ
لا تعرضُ للشّمسِ جٌرحاً . . .
حمورابي
لاجيءٌ في بلدٍ ناءٍ . . .
جلبابُ الرّشيدِ في موْلٍ غربيّ . . .
ذو الفقارِ
هديّةٌ لواطيءٍ أرضاً بقذارةِ قدم . . .
النّهايةٌ
تتسعْ بدخانِ البنادق . . .
بحشرجةِ الموتِ
تضيق . . .
يرسمُها المخرجُ بريشةِ سيدِه . . .
. . . . .
المُخرجُ مهتمٌّ بتغييرِ الأقنعة . . .
ليس سهلاً أنْ تنجوَ من نارِ النّمرود
فلستَ نبيّاً !
كُلٌّ تمرحلَ حتى استوى . . .
حذارِ
إنْ قناعٌ سقط
تهاوى ما بعدَه . . .
مَنْ يفقدُ قناعَه
يفقدُ جلدةَ وجهِه
يتوارى
إلى حيثُ يكونُ فيهِ حرفاً على شاهدة . . .
الأدوارُ
بما يدور . . .
الأيّامُ حُبلى
لا يُعرفُ جديدُ ما تلِد . . .
. . . . .
بريشت ضيفاً
بعينيْن
تطفحُ فيهما كُلُّ المشاهد
دوائرَ قاتمة . . .
لا دائرةَ طباشيرٍ قوقازيّة . . . ٢
دوران
تقتاتُهُ ساعاتٌ لم تعدْ في حسابٍ مكتوب . . .
لولا المُشاهدون صعدوا خشبةَ المسرح
لتناثرتْ كُلِّ الأصنامِ جُذاذاً
لا يصلحُ لشيء . . .
لهربَ الشّيطانُ برجسهِ قبلَ رجمِه . . .
لكنّ أدوارَهم شُطبت . . .
شمعٌ أحمر
صوتٌ
تقفّى السّامريَّ بعجولٍ
لم ترَ للسّماءِ زُرقة . . .
الوراءُ قِبلة
ما انتهتْ إليهِ العاصفة . . .
خروجٌ إلى الدّاخل . . .
مُسحتْ أسماءُ الشّهورِ والأيّام
رقعةٌ زمنيّةٌ بلونِ الرّماد . . .
الصّفرُ سيّدُ الأرقام
لتزددْ حقائبُ الظّلامِ تُخمة !
غادرَ بريشت حانقاً
لم يعقبْ !
. . . . .
كواليسُ ساخنةٌ بأنفاسِ الأرقام . . .
عرّابُ الظّل
الوطنيّةُ عشبةٌ مفقودة . . .
وَهْمٌ
يُغلفُ جماجمَ تُعساءَ
لا تُنسيهم لذةٌ نبضَ الطّينِ في عالمٍ شطرنجيّ
لا يموتُ فيه ملك . . .
لِمَ يكرهُ أولئكَ الحُفاةُ انتفاخَ الجّيوب ؟
ليكنْ غدُهم طيراً
يحلّقُ فوقَ سفينةِ السّندُباد . . .
لكنَّ المسرحيّةَ نجحتْ . . .
احرقوا النّصَّ إذنْ
خلا فصلَ رقعةِ الشّطرنْج . . .
حذارِ
أنْ تخرُجَ رائحةُ حروفهِ المسرطَنة
ليحتفظْ كُلٍّ بدورهِ لقادماتٍ أُخر . . .
. . . . .
شكراً
أيُّها المماليك
لكم يومُكم الذي أنتم فيهِ فرحون . . .
كنتُم فوقَ ما كانَ الكبيرُ يحلم . . .
يا أصحابَ الذّئبِ الخائب
براءٌ
أنتم من دمٍ على قميصِ نبيّ . . .
عِشاءً تبكون
وجوهٌ
غشاها ما لشكٍ أنْ ينكرَه
مشهداً ممسرحاً باحتراف . . .
يا أصحابَ النّاقة
اغرسوا أسنانَكم بلذيذِ لحم
لا شأنَ لكم بناقةٍ عُقرتْ . . .
اقتسموا ماغنمتم
حِلٌّ لكم ما حرّمَ إسرائيلُ على نفسِه . . .
اذهبوا
لا يلتقي خيال بخيال . . .
المَسرحُ مُغلقٌ لعرضٍ آخر !
. . . . .
ربّاه
إنًّهم يتحلّقون حولَ ماكرٍ
خُسفَ ضميرُهُ لحظةَ أنْ رأى عملةً شقراءَ
كشفتْ عن ساقيْها . . .
لذي يدٍ عاهرةٍ
يمرُّ بموكبٍ
يدوسُ على أمنياتِ ما وَعد . . .
لسيفٍ من ثقيفٍ
قطفَ رؤوساً أينعتْ
يُصفّقون . . .
لا
في حضرةِ المُبجّل
أنْ تخلعَ رّأسَها عندَ الباب !
ربّاه
هلْ مِنْ طوفانٍ آخر ؟
وجهُ الكُرة
أصبحَ مملكةً للذّباب !
. . . . .

شباط / 2019

١ – دريد بن الصّمة
شاعر جاهلي أدرك الإسلام ولم يسلم لاعتداده بنفسه وكان حكيم قومه .لم يأخذوا بنصيحته فهلكوا .
أمرتُهمُ أمري بمُنعرجِ اللّوى
فلم يستبينوا النّصحَ إلآ ضُحى الغَدِ
٢- مسرحية دائرة الطباشير القوقازية لبريشت .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى