قصة

حتى إشعار آخر ٣٤

لم أكن أتوقع ياصديقي أنني حملت في حقيبة العمر كل الذكريات التي تنخر فؤادي كل ليلة …
أتساءل دائما : لم يقتلنا الحنين لماض وددنا ذات يوم أن نهرب منه ؟؟؟
أرجوك أيها المعول الذي يحفر في نخاعي أن تتوقف …سأفتح حقائب العمر كلها …سأقف على عتبات وجوه كثيرة …ثم سألملم مايتبقى مني وأرحل !!!
أنتظره ياصديقي كل ليلة كما انتظرتك كل السنوات الماضية وأعرف أنه قادم لامحالة مهما تأخر حضوره !!!
أتوقع أن يفاجأني ذات لحظة …أهديه كما أهديك الحكايات بتفاصيلها الصغيرة …وأعلم أنه لن يتمكن من دفنها معي كما دفنت قصص راحلين غيري !!! تعال أيها الموت …أنا لم أعد أخافك !!!
إلى موت طال انتظاري له وأتوقع مجيئه في كل الثواني …أرجوك أقبل فقد طال الانتظار !!! تعبت ياصديقي من وجودي في هذه الحياة …تعبت من الموت الذي يتربص بنا …يقتات خوفنا منه …والأرض ياصديقي ابتلعت الكثيرين .. مليارات البشر ومازالت قادرة على ذلك بكل ضراوة …
الأرض ياصديقي سيدة هذا الكون …والكون صار مليئا بالضجيج والحروب والاقتتال منذ أول لحظة للوجود بدأت المعارك …والكل ياصديقي يسعى للاستحواذ عليها وبسط سيطرته ونفوذه …أوتعلم ياصديقي عندما تكون هناك امراة جميلة يقع في حبها كل الرجال !!! يكيدون المكائد …يقتتلون …دسائس ومؤامرات وهي تتعجب من أمرهم …تتمرد على أنانيتهم …تثور عليهم …براكين وزلازل وأعاصير …تنقلب عليهم …لكنهم لا يملون محاولة السيطرة عليها والوصول إليها …
تمتلك سحرا لا يضاهيه سحر …ملايين قصص المؤامرات عبر العصور السحيقة ومنذ بدء الخليقة …الأخ قتل أخاه !!! الابن قتل أباه !!! والأب تآمر على ابنه …فقط ليفوزوا بها …
وهي تتابع غنجها ودلالها وتبتلع المزيد ….
الأرض والنساء ….وذكور حمقى لا يفكرون …يسعون وراء شهواتهم …نزواتهم …تراق دماؤهم على اسنة السيوف والأسلحة ويقسمون أنهم لن يستسلموا !!
وكم امتدت أيديهم لكون خلقه الله ليبقى على فطرته فلوثوه بأحقادهم …فثار عليهم الكون ومادت بهم الارض آلاف المرات ….لكنهم لا يتعلمون من الدروس ….تعميهم نشوة الظفر بالأنثى …بالأرض عن الحقيقة الوحيدة المؤكدة ….
للأنثى….للأرض سحرهما الذي لا يقاومه الرجال … والموت ذكر ياسيدي يلتهم الجميع ….رجالا ونساء …
مرهقة أنا ياصديقي جدا ومتعبة …انتظرتك طويلا هذه الليلة لكنك كما الموت لم تأت …أنا لا أحب الموت ياصديقي لكني على الأقل لم اعد أخافه ….
أنا ياصديقي بك مغرمة ومازال في جعبتي الكثير من الحكايات عن كل ماهو مؤنث ورغب الذكور في امتلاكه …الأرض …النساء …السلطة …القوة …الرجولة ….
أو تعلم شيئا غريبا اكتشفته في هذه اللحظة التي أكتب فيها كلماتي هذي إليك …
الرجال ياصديقي والنساء على حد سواء لديهم الرغبة في امتلاك كل ماسبق وأضف إليه المال !!!
أما أنا ياصديقي فلم يعد لدي الرغبة في امتلاك أي شيء سواك !!!!
الرغبة في الامتلاك موجودة داخلنا مهما حاولنا الانفلات منها …أريد ياصديقي امتلاكك للحظات أخبرك فيها بكل حكاياتي …ثم نترك الارض والسلطة والمال والقوة لهم …نغزل من خيوط القمر تاجا …أسرق من الشمس شعاعا …أجلسك على عرشك فوق الغيوم وأعلنك حبيبا قبل أن يأتي الموت الذي سأقترب منه بكل شجاعة وأخبره أني أحبك وسأبقى أحبك حتى إشعار آخر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى