قصة

9 شارع زهرة الصبار

ثروت مكايد

-1-
لم تكن غير نظرة أشعلته ، وأحالت خمود حياته لهبا غير أنها لوت عنقها عنه حين وجدته قبالتها، وقالت :
– ألن تكف عن جنونك !
– ما أنا إلا أسير.
– سأطلب الشرطة ..
– لا تستطيع قوة في الأرض أن تبعدني عنك .
ضربت كفا بكف ، وتمتمت :
– مجنون !!
-2-
أحس برغبة عارمة في تتبعها حتى بيتها غير أنه مال إلى قهوة في الطريق . كان شارد اللب وهو يمص خرطوم الشيشة ، وينفث دخانها في الهواء الصاخب حوله . انتبه فجأة على صورتها وقد تشكلت في سحب الدخان التي تخرج من فيه . كانت تضحك له وتدعوه لأن يتحرك ..لأن يأتي إليها مما أكد إحساسه بأنها تحبه بل تعشقه عشقا كما يعشقها . قام . تحرك صوب بيتها . صعد السلم . دق الباب بيد مرتعشة . إنها رعشة الفرح كما أكد هو نفسه ، وحين فتح الباب عن وجهها القمري ؛ استحال لونها إلى لون التراب.لم تدر ما تقول .. تمتمت ذاهلة :
– أنت !
– جئت كما أمرت..
– أنا أمرتك !
– نعم وكنت تضحكين ..
-ّزوجي بالداخل ..
– سأخبره بكل شيء. لن يقف في طريق سعادتنا .
-3-
رقصت ابتسامة على شفتيه ، وقال منتشيا بلذة النصر :
– ألم أقل لك أن الحب يصنع المعجزات ؟
ردت باهتة الوجه وكأنما تحدث نفسها :
– أي لعنة حطت على شجرة حياتي!
– أنت تعشقين وجهي .
أرادت أن تبصق في وجهه لكنها تمالكت نفسها ، وقالت محذرة :
– إن لم تغرب عن وجهي ف…..
قاطعها ولم يزل منتشيا بلذة الظفر :
– ولم طلقك إذن ؟
– غبي مثلك..
– ولم لا يكون قد استمع لمنطق العقل حين أخبرته بعشقك لي ، وعشقي لك ؟!
وتساءلت في شرودها المقيم :
– متى تنتهي الآلام يارب!
-4-
تمدد بجوارها فوق السرير . راح يدخن سيجاره الذي أعده لهذه المناسبة.كانت في غلالة وردية كما بدت له من خلال سحب الدخان الذي نفثه من شيشة القهوة لكنها لم تبد خلال دخان سيجاره ، فاحترق ..وقال بامتعاض :
– لم وافقت على الزواج!
مشدوهة نظرت إليه ، وقالت :
– كي أستريح .
– مني ؟
– لقد حولت حياتي إلى جحيم .
– هل كنت تحبينه ؟
– ذلك شيء مضى ..
– لكنه سارع بتطليقك ..
– وسارعت أنا بالاقتران بك !
– نادمة ؟
– لا أعرف..
– لكني نادم .
-5-
خمدت النيران ولم يبق غير الملل . قال تبا للحياة وللموت معا .. وقالت :
– ولم لا تعرض نفسك على طبيب ؟!
رد بعصبية :
– أنا أكثر رجولة من طليقك ..
ساخرة ردت :
– هذا واضح ..
– أتسخرين مني!
– لم حطمت حياتي مادمت.. مادمت..
انخرط في بكاء حار رغما عنه. ود لو يضرب الحائط برأسه ، وود أكثر لو أنها لم تكن . لمع بريق في عينيه فجأة . اتجه ناحية المطبخ . تناول سكينا ، وقال صارم الملامح ، جامد الانفعال :
– سوف ينتهي كل شيء .
-6-
نفخ دخان سيجاره في رأسها الموضوع على المائدة. غامت لذته ، ولم يبق في رأسه أي شيء . إن فراغا احتله . كاد أن يتلاشى ..وتمتم في شروده :
– ما جاء بهذه الرأس هنا !!
هاله ما وجد من دماء فوق قميصه . ارتجفت قدماه وقد أبصر الجثة فوق أرض الصالة مقطوعة الرأس .اتجه إلى الهاتف .أدار قرصه البني اللون بيد مرتعشة ، وتمتم باهت الصوت :
– سيدي.. لقد وجدت جثة في شقتي ..نعم ..جثة ..9 شارع زهرة الصبار..نعم..أنا في الانتظار..لن أتحرك .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى