قصة

وليمة مع سبق الإصرار

خيرة الساكت

 

ستصالحه نعم ستصالحه . لن تدعه لإمرأة أخرى . دخلت المطبخ على عجل، فكرت قليلا..
ستطبخ أصنافا من الأكلات المحببة إلى قلبه ، ثم بعد ذلك ستهاتفه و تعتذر عما بدر منها و عما بدر منه..لا فرق بينها و بينه ..
خمسة و عشرون سنة من الزواج لا يمكن أن تذهب سدى.
إنها عشرة طويلة و عائلة متماسكة…تزوج ابنها و ابتعد عنها بعد نصبت له إحداهن فخا و اتهمته بالإعتداء على شرفها ..
لم تغضب لما حدث و لم تكره زوجة ابنها …
لطالما قالت في نفسها ” يكفي أنها تحب ابني ”

اختارت ابنتها أن تتم دراستها في بلد أوروبي.
ساعدتها في ذلك إيمانا منها بأنها يجب أن تشق طريقها و تحقق طموحها…

المنزل مظلم و فارغ هكذا كان يردد زوجها دائما بعد مغادرة ابنيه..
يتصرف و كأنها غير موجودة . يتغيب عن المنزل أياما دون سابق إعلام..
أدركت أن في حياته امرأة …إنها الأنثى تشتم رائحة الأنثى بسهولة تامة…
ثارت و غضبت كعاصفة ناتجة عن احتباس حراري..انفجرت في وجهه ..أمرته بقطع جميع علاقاته و العودة إلى سالف عهده. .
أجابها بكل برود ” إني أحبها و ألمح وجهها في كل مكان لقد سكنت روحي..
أما أنت فلم يعد لوجودك معنى في حياتي ..لقد انتهى دورك ..ابحثي عن حياة أخرى…
المنزل لك ..لا أريد منزل الموت هذا..”

حياة أخرى و عمر آخر ! من أين تأتي بهم ؟ و هل بقي في العمر متسع لمثل هذه المحاولات؟

بدأت بتحضير الوليمة على عجل . تناولت اللحم ، لحم طازج أبيض محمر من آثار الدماء.
قامت بتقطيعه قطعا صغيرة و حضرت المرق …عند الغليان أضافت كثيرا من التوابل فانبعثت رائحة فريدة من نوعها أشبه برائحة لحم الخنزير…
انتقلت لطبخ أكلة أخرى ..تطلعت إلى المخ ذلك العضو المسؤول عن أفعالنا ..أطلقت زفرة ” أماكان لك أن تأمره بغير تلك الخيانة و الغدر؟ ” عجنت المخ بين أصابعها فتحول إلى مادة هلامية . وضعته في قدر مع البيض فتحول إلى عجة ذات لون رمادي برائحة شحم متعفن.

ألقت ببقايا العظام في حديقة المنزل. تجمعت القطط حولها و سرعان ما تفرقت دون أن تلمسها ..

نظفت المطبخ من آثار اللحم و الدم ..
ألقت نظرة على المأكولات ..اسود اللحم المطبوخ و اكتسب عيونا قميئة . صارت العيون تتسع مع استمرار تحديقها فيها ..اتضحت وجوه مصفرة مرعبة ..قربت الحقنة منها و غرزتها في ذراعها…
صرخت بأعلى صوتها فاختلط دم الحقنة بدم اللحم و طغى اللون الأحمر على رؤيتها..

أحد الوجوه المرعبة صرخ فيها متأففا :

” يا لعينة ! أخافك منظر الدم ؟ لماذا لم ترتعبي هكذا عندما قتلت زوجك و طبخت لحمه ؟ “

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى