خواطر

وافترقنا قبل أن نلتقي : عبده الصلاحي

 في الذكرى الأولى لرحيله لازالت تحْتَفِظ
ُبصورته المعلقة على جدار روحها..
أعتادتْ كل صباح أنْ تمسحَ غُبارَ النسيان
من على زجاج ذاكرتها..
كيف للأيام أنْ تسرق منها ذلك الضوء المحفور
في عتمة الوتين؟
وكيف للمسافات أنْ تمحو ذلك الشبق المتقد
في دهاليز القلب؟

في الذكرى الأولى لرحيله كتبتْ إليه:
“على حافة الشوق وقفتُ أُناجي طيف غيابك..
فتشتُ عنك كل أوراق حنيني..
وجدتُك تبتسم من خلف إطار صورتك…
لمستُ خدكَ بيدٍ مرتعشة..
لماذا رحلتْ؟
ناجيتُ عينيكَ بحرقة فلم تُجب.

أتدري…
مازالتْ مواعيدي تلْهَجُ بذكرك ليل نهار…
مازال ندى شوقي يقَبِّلُ وَرَدَ قلبك بشغف
ورماد ذاكرتي يُرَتِّلُ وِرْدَ روحك في سمائي الثامنة..
كل الأماكن تشتكيك
كل الرسائل تسألك
زجاجة عطرك
أبيات شعرك
بصمات حبرك
حتى الهدايا..
والمرايا..
والصور..

تذكّرتُ…
سأخبرك شيئا ً:
أنا لم أَعُد تلك الفاتنة..
تجاعيد الوجع لعقتْ نظارة وجهي..
حتى مرآتي كُسرتْ منذو رحلتْ..
بقى إطارها فارغا ً..تماما ً..كفراغ أيامي بدونك…
أحمر الشفاة خاصتي غَدَا خرابا ًتسكنه النمل..

أتَذكُر فستاني الوردي الجميل؟
غَدَا فضفاضا ًعلى جسدي النحيل..
دبلة الخطوبةلازالتْ مُطَّوِقةٌ بنصري الأيمن..
وأنا في الحقيقة مُطَوَّقَةٌ بأسلاك رحيلك الشائكة..
وأنت..
حيث أنت…مسافرٌ في سماوات الحياد..
عالِقٌ في مرآب المسافات…

كتبتُ إليك ذات يوم:”الحياة رواية فاشلة
مجهولة الخاتمة،أبطالها أنا وأنت،لكننا افترقنا
قبل أن نلتقي”
وكتبتَ إليّ:”في الحقيقة نحن ننزف سنوات عمرنا من ثقوب تلك الأحلام المعلقة على مشجب إلانتظار”
وأردفتَ قائلا ً:”إِنَّ الأحلام تبدو أجمل عندما
تكون محض خيال،فإن هي تحققتْ
فإن لذتهاتكون مغايرة لما تذوقناه وهي في الحلم”

سألتُك حينها متى تموت اللهفة؟
فأجبتني:حين يولد الفراق.
وهل الفراق إلا موت للعناق؟
سألتك بعدها:ماحقيقة الهجر؟
فأجبتني:
حقيقة الهجر غياب الوصل
وحقيقة الغياب شعور الوحدة.
وهائنذا معلقةٌ على حبال غيابك
عالقةٌ في شراك إنتظارك.

في الذكرى الأولى لرحيلك ممزقةٌ
أنا كمنديل مُبْتَلُّ بالدمع….
محطمةٌ كزجاج مرآتي …
وأنت…
حيث أنت مسافرٌ في وديان رحيلك نحو اللاعودة….

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى