دراسات و مقالات

هل ثمَّ ضوءٌ للصباح؟!الشاعرة المصرية د٠ شرين العدوي

السعيد عبد العاطي مبارك

” أرسلتُ من عين الحقيقة دمعتين/فدمعةٌ هدت الرفيق
الرافدين/ ودمعةٌ نزلت على قلب السماء/ فأنبتت مهج الجنود ووردتين/

هزي إليك بجذع نخلك/ قد أتيت لطيب موعدنا/ ذي سيرةٌ أخرى وحمرة تمرتين/ مري بقلبي واقرئي لي الفاتحة/ فالقلب عصفورٌ وأنت الأجنحة/ والقلب مقتولٌ وأنت الأضرحة/ إمشي بدائك ما مشى بك صابرة/
ما كل مفتون يعاتب فاتنه/ شفعت فيّ فكنتِ أنتِ جناح مطلبي الأثير/ وكنت أنت الفاتحة/ لا تغضبي مني/ إذا أطلقت في قلبي النخيل/ مازال قلبي يقتفي أثر الجليل/ الموت عاشرني/ وأحيا في دمي سر التراب/ فكلما سقطت زهوري/ أنجبت حقلا ومدفع/ وبقية للسيف أبقَي لم تُجمّع ٠٠ ”
* من قصيدة بنات الكرخ *
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
هذه الشاعرة عرفتها مذ كانت في المرحلة الثانوية بمدرسة الحامول الثانوية ، و ظهرت معالم شاعريتها من خلال الإذاعة المدرسية و تكلم عنها مدرسو اللغة العربية ٠
و نشر تجربتها في أخبار الحامول لدي الأخ الصديق الكاتب الصحفي عمرو سعدة ، و جريدة كفر الشيخ الغراء ، و كنت اكتب مقالا بعنوان ( أعلام الشعر الحديث في كفر الشيخ ) ٠
عن شعراء الإقليم، و لم لا فكفرنا كفر المبدعين كفر الشعر ٠٠!!٠
ثم تلتحق بالجامعة و يسطع نجمها ، و تشرق و تغرب داخل ربوع مصرنا ، و في أقطار الوطن العربي ، انها رحلة عطاء هكذا ٠

نشأتها:
٠٠٠٠٠٠٠٠
ولدت الشاعرة المصرية د٠ شرين أحمد علي العدوي ، في مدينة المنصورة محافظة الدقهلية ، ثم ترعرعت في مدينة الحامول كفر الشيخ فالقاهرة حيث الدراسة و العمل و الإقامة ٠ شرين العدوي في بيئة تؤمن بالثقافة و رسالة الشعر كفن يخدم المجتمع ٠
و بعد مرحلة الثانوية التحقت بكلية دار العلوم جامعة القاهرة ، كي تصقل موهبتهاالشعرية مع علوم اللغة العربية ٠
ثم تواصل الماجستير والدكتوراه ٠
شمالي القاهرة)، تخرجت في كلية دار العلوم جامعة القاهرة ٠
وحصلت على ماجستير التاريخ الإسلامي في الكلية نفسها، و أطروحة الدكتوراه في الآداب قسم التاريخ الإسلامي جامعة عين شمس ٠

و بعد ذلك تعمل أستاذة بكلية الإعلام ، و عضو بلجنة الشعر و عضو اتحاد الكتاب ٠

حول الشعر :
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

تقول د ٠ شرين العدوي من ديوانها (يا بنات الكرخ ) :
“من قِبْلَةِ التَّطْوَافِ
حولَ سفائن الحلمِ المُعاندْ
أعلو لدىَّ ــ ومِلءُ رُوحِى ــ
كبرياءُ قَطِيفتى
فإذا تخلَّصتِ البحارُ من البسيطة
والبسيطةُ من ثيابِ البحر
ذاكرةٌ تعودْ
هذا نهارٌ لا يضاهى نُورهُ شفقَ النهايةِ “ ٠

و تري د٠ شرين العدوي :
العدوي إلى أن الشعر فلسفة للحياة ورؤية، ومع التقدم والاحتكاك بالثقافات تبلورت أشكال جديدة لم تعتدها الذائقة العربية من القصيدة، وهذا ما أنتج الفارق الذي نشعر به الآن، مع افتقاد عامل التنوير في هذا النوع الجديد من تلك القصائد وتقديمها بشكل جيد ٠

و من ثم تسرد لنا مشوارها الشعري حيث تدلل عمق تجربتها و رؤيتها ، فقد توالت القراءات إلى أن دخلت دار العلوم – جامعة القاهرة، فدرست كل أنواع الشعر سواء العمودي أو الحر أو التفعيلة، مما أثرى تجربتها كثيراً وصقل هوايتها ٠٠
تقول:
«وقتها كنت أحاول جادة أن أكون مختلفة عما قرأت أو سمعت من أشعار حتى يكون لي صوتي واتجاهي المميز الخاص بي».
والعدوي تكتب قصيدة العمود وتكتب قصيدة النثر لكن «قصيدة التفعيلة هي أكثر القصائد قرباً إلى روحي لأن روحي كالطفلة التي تقفز هنا وهناك، وكذلك هي أشعاري».

وترى العدوي أن الشاعر هو لسان الشعب وبمشاركته في الخارج ينقل ثقافة بلادة وهويته للأوطان الأخرى، ومن الضروري أن يعيش دوما مع أمل يراوده ليرصد له خططا ومنهجا ورسالة لتحقيقها وتحويلها من مجرد أفكار وأحلام وطموح إلى شمس وحقيقة.

و من دواوينها :
———-
دهاليز الجراح ـ دار سما للنشر القاهرة 1998.

فوهة باتجاهي – الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة 2002.

بنات الكرخ – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 2014.

– ديوان ( سماء أخري ) ٠
– ديوان ( ليس شعرا ) ٠ ولديها ديوانان قيد الطبع.

و لها مجموعة قصصية بعنوان «قصة طويلة».
الحياة الاجتماعية في كتاب الأغاني للأصفهاني، دراسة تاريخية نقدية- الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة 2012.

حازت عددا من الجوائز: جائزة أحمد شوقي 1998 – جائزة المجلس الأعلى للثقافة 1998- جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة 1999 – جائزة الشباب والرياضة 2002 – جائزة دار الأدباء 2004 .
في تجربتها الشعرية ٠

من شعرها :
———–
تقول شرين العدوي في قصيدة بعنوان ( هل ثمَّ ضوءٌ للصباح؟) تبث فيها :

دقتْ يدي بابًا ألا أحدٌ يردْ!
ردَّ الصدى
أحدٌ أحدْ
هذا الفراغُ نسيجُ قابلتي
قِمَاطٌ من ظلامٍ لفَّ خاصِرَتِي على مَهَلٍ
كأنَّ الكونَ أشْبَاحٌ تُطاردُنِي
جبالٌ جمجماتٌ فاغراتُ الوجه
والعينانِ أنهارُ الدماءْ
هل ثمَّ وَجهٌ للصباح
رسمتْ يدي قنديلَ قمحٍ
وجْهَ فلاحٍ كأنَّ الشمسَ
تَنْقُشُ فوق مَلْمَحِه رِضَا أيَّامه
وخطوطَ فأسٍ نِصْفَ عاريةٍ من الفقرِ المُقيمْ
عكستْ مياهُ الظُلم رسمَ يدي
فلا وجهٌ هنا؟
ردَّ الصدى
وجهٌ فراغٌ من سوادٍ
عصْف غربانٍ وأنيابٍ حِدادْ
هل ثمَّ قلبٌ للصباح؟
دقتْ كمنجاتُ الغيومِ
وأمطرتْ وجعَ الثرى
لغةً مهلهلةً
فلا خفَّ الكلامُ
كوجه عصفور يُبللُ ريشَه حباتُ ماءْ
لا ولا سقطتْ كما الثلج الخفيفِ على الجبالْ
ردَّ الصدى
لغةٌ مهلهلةٌ
كثوب الكادحين للقمة العيش الكفافْ
لغةٌ فراغٌ
ثيِّباتٌ فى مَعَانِيهَا
وأرهقها المجاز
هل ثمَّ عقلٌ للصباح ؟
حتى ولو عقلٌ هيوليويٌ
كأسماكٍ على سطح المياه
ما إن نحاوطها بشص تختفي فى عُمْق قاع
ردَّ الصدى
عقلٌ فراغٌ من سوادٍ
أصبح الكونَ الفراغ
وفرغ التغيير من عقل الزمن
أكلتْ سنابلَه سنابلُ يابسهْ
هل ثمَّ بنتٌ للصباح ؟
قدسيةُ الفرح الطفولي
ببذرةِ التوحيدِ فى أرضِ الفناءْ
ملاحةٌ فى طينِ تُربتها
لتَبْذرَ فى الطبيعة
ضوءَها وعِياَلها
ردَّ الصدى
بنتٌ فراغٌ أجدبتْ
لم تَحْملِ النُّورَ المَسَرةَ
لمْ يَهبْهَا صورةَ الكونِ الإلَه
هلْ ثمَّ طفلٌ للصباح؟
مدَّ الذِراعَ مِنَ الغَلَسْ
فتفتَّحَ الفجرُ الشريدُ كزهرةٍ
فى بُرْعمٍ تَنْضُو على غُصْنٍ وَهِنْ
وتُحوِّلُ اللَّيْلَ الطَويلَ
لزفرةٍ منْ نَسْمَةٍ رَقْرَاقةً
وعلى سريرِ الكَونِ
تبدأُ هالةُ التَسْبِيح فى سِرِّ اللَّيالي
تَسْتَرقُّ الصَّمتَ حِينَ تَئِنُ أوراقُ الشَّجْر
فى لَحْظَةٍ مَمْرُورَةِ الإيقاعِ يجْلِدُها المَطَرْ
من شرفةٍ للقلبِ يسقطُ طِفْلُنا
من ذِروةِ النَّجمِ البَعيدِ
لَعلَّ جَفنًا ناعسًا يَصْطَادُه
حلمٌ يراعٌ تائهٌ ضلَّ الطريقَ إلى الرؤى
هل سَوفَ ينزلُ طِفلنُا لِشوارعِ الحُلْم الطويل
يُمَارسُ اللَّعبَ الجميلَ
بصحبة الأطفالِ فى رحمِ الجوار
يتحولون سحابةً فى القلبِ تسري غضةً
تلدُ الزمان
ردَّ الصدى
طفلٌ وحيدٌ يكملُ الترتيلَ
من صوتِ السماء
طفلٌ كبرْقٍ يبتسمْ
طفلٌ ينامُ الآنَ فى إنْسَان عيْني
فى عيونِ الروحِ فى ألمِ الجسدْ
دقتْ يدي بابًا ألا أحدٌ يردْ
أَوَ سوف يولدُ فى فراشِ الكونِ حقًا ما يموتُ الآنَ
فى هذا الصباح؟٠
***

هذه كانت أهم القراءات لعالم الشاعرة المصرية د ٠ شرين العدوي التي تدور حول بنات الكرخ في تجربتها الشعرية التي تمخضت عن موهبة أصيلة و أصقلتها بجمال ثقافتها العربية ، و مدي انفتاح حوار حضاري حول منظومة الحياة بكافة ظلالها في وحدة فنية إبداعية تنطلق معها دائما

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى