شعر

نَهْـجُ اللبـِيْدِ

حاتم متولي

كَتَبْتُ على نَهـْجِ اللَـبـَيـْدِ قَـصَـــــيْدَةً
أَقـُـــولُ كـَمـَا قـَالَ الصِـحَـابُ الأَوَائِلُ

رَجـَـوْتُ بـِهَا وَجْهَ الكَــرِيـْمِ وَرَحْمَةً
بـِيـِومٍ يـَـضُـمُّ الـقـَبْرُ والـكُلُّ نـَـازِلُ

يـَكُونُ على مـَــنْ شـَـاءَ خَيْراً وَدُوْنَهُ
عَلِيْهِ الشــرورُ النــازلاتُ الهـَـوَاطِـلُ

(ألا كــُل شـَيءٍ مـَـا خَـلا اللهَ بـَاطِلٌ )
وَكُـلُّ مـُـقِـيـمٍ بـِالـبـَـسـِيـْــطـَةِ رَاحِلُ

وَيَــفْـنَى عَـــظيِمُ الأرضِ مِثْلُ حَقِيْرِهِا
وكــلٌّ إلـى ربِّ الــسَّمـَـاوَاتِ رَاجِــلُ

فَـكَمْ مُــلـْكِ نَمْرُودٍ وَذُو الطَّـولِ هَــدّهُ
وَخَـرَّتْ عُرُوشٌ بـِالــــذَيـْنَ تَطَاوَلوا

وَفِــرْعَوْنُ فـي لـُــــجِّ الـبـِحَارِ مَمَاتُهُ
وَهـَــامَانَ أَشْقَتْهُ الــجُيُوشُ الجَحَافِلُ

فبَعْضٌ على جِــسْرِ الصِــرِاطِ يـَنـَالـه
كـَـلالِيـْبُ مـِنْ نـارٍ جَـفَـتْهَا العَـوَازِلُ

وَأَهْـــلُ الجـِنَانِ اليَــومَ مَرّوا كـــَأَنَّهَم
كما الــريـح يسري مــا عـَدَاهُ الحَوَائِلُ

إِذَا شِـــئْـتَ أَسْـبَابَ الـسَلامَةِ والـمُنَى
فـَــكُنْ ذاكـراً للـمــوتِ والكــُلُّ غَـافِلُ

وَمـَـنْ يـَزِنِ الأعْـمـَـالَ قـَبـْـلَ رَحِيْلـِهِ
إِلـَيْهِ فـَـــلا يـَـشْــقَى وَرَبـُّكَ فـَــاعَُِل

إِذَا مَــسَّ نَـفْسَ المـــرْءِ ضُـرٌّ فــَمـَا لـَهُ
سـِــوى كــَاشِفِ البَلوَى فـيأتيهِ وَاسِلُ

وَيَــرجَو مـِـنَ الـرَّحْمَن كَـشْـفاً وَلـَيْـتَهُ
إِذَا كـُشـِــــفَـتْ بـَلـْـوَاهُ للهِ عـَــامـِــلُ

تـَرَفَّــعْ عِـنَ الأهــوَاءِ لــَسْتَ مـُـخَلداً
وَلـَكِنَّــنَا كـَــالـسَــابـِقِـيْــنَ رَوَاحِــلُ

لَـنَا عِـــدََّةٌ مـَهْمَـا تَــطُولُ سَتَـنْـقَـضِي
وَتُطوَى كما تَطـوِي الصِحَافَ الأنَامِــلُ

وَيَسْتَـعْـجِـلُ الأيـَّـــامَ كـُــلُّ صِـغَارِنَا
وَيخْشَى مُرُورَ العُمْــرِ فِيـنَا الـكَوُاهِـلُ

ولكنّـــها أَقـْــدَارُ رَبــِّـــي وَحُـكْــمـُهُ
بلى :حـُكْمُ رَبـِّي في الـخَلائِقِ حَاصِلُ

فَلَيْسَ الــذي يهــوى السَـمَاعَ بمدركٍ
ولا بـالـذَّي ينْــأى عَنِ السَّمْــعِ جَاهِلُ

وَكَمْ مِنْ حَـدِيْــثٍ آلـَـمَ الصَّــدْرَ حَرْفُـهُ
كـَسُمٍّ إذا ما انْسِــابَ في الــــدمِّ . قَاتِلُ

فـَـبـَـاعدْ عـِـنَ الأسمـَاعِ صَوْتَ حنينها
لـِمَعْــصَـــيَةٍ تـهـوي بـهـا والأســافلُ

أَرَى النَّـاسَ تَـبنِي لِلــــبَقَاءِ بـُيُوتَهَـا
كـأنَّ الــدُّنَا لَمْ يـَبْـنِ فـيـها الأوائـلُ

تَطـَاوَلَ في جَـــوِّ السَّــمِـــاءِ نـَــوَاطِـحٌ
وكَمْ من بـُرُوجٍ شَاهِــــقَــــاتٌ زَوَائِـلُ

وَكَــمْ مِـنْ حُـصُــونٍ زَالَ كُــلُّ مُلُـوكِهَا
وَأَطـــلالـُها خَلــفَ الـــدِّيَارِ جَــنَادِلُ

إِذَا غَـــرَّ نَــفْسُ الـمَـرِّءِ كَـثْــرَةُ مَــالِهِ
فـَـقـَــارِوْنُ بـَـيـْنَ الـخَلـْقِ للمَالِ طَائِلُ

وَيَغْتَرُّ مـِــنـَّـا كـُــلُّ عــَــاصٍ كــَـأَنـَّهُ
ســـَـتَـتْرُكـُـهُ يـَــومَ الــفَنَاءِ الـنوازل

فـَحـَــسْبُكَ مـِنْ جـِرمٍ عَظـِـيْمٍ وَشـَاهِدٍ
عَلـَيـْكَ مـِـــنَ الأعْـضَـاءِ يـَأتِيْكَ قــائلُ

يـَقُــــصُّ عَلى آَذَانِـكَ الفِـــعْــلَ كـُـلَّهُ
وَتَنـْـطِقُ بـِــالـقَوْلِ الـفـَصِيْحِ الأَنَــامِلُ

لـَـعـَـمـْرِكَ فـِي خَلـْقِ الإلـَــهِ تـَفـَكُّرٌ
بسبعٍ طـِبـَاقٍ مَــا لـَهُــنَّ حَــوَامِـــلُ

وَأَنْــهَارِ مَــاءٍ نـَــسْتَقِي مِــنْ زُلالـِهَا
وَتَشْـرَبُ مِنْ ذِي الـمُعْصِرَاتِ السَنَابـِلُ

وَمَــنْ بـِيْنِ أَحْـشَـاءِ الـمَوَاشِي وَفَرْثِهَا
لـَـنَا لـَـبـَـنٌ حُـلـوُ الـمَـذَاقِ وَعـَاسِـلُ

وَأَوْتَادِ جُلــمُــــودٍ ويعلو ارتِـفَـاعُـها
فإن لـَـمْ تـَـكُ الأوتــادَ هَـدّتْ زَلازِلُ

تـَفـَكَّــرْ بـِخـَلـْـقِ اللهَ وَالقَـلـْـبُ سَالـِمٌ
لـَعـَلَّ الفــــــــؤادَ الـيَـــومَ لله وائــــلُ

فَكـُـــنْ في الدنا مِثْلُ الذي حَطَّ رَحْلَهُ
سـُـوُيْعـَـاتِ حَــرٍّ ثـُـمَّ عَنـْهَا مُوُاصِلُ

أَمـَـا آَنَ للـنـَــفْسِ الضـَعـِيْفَـةِ أن تَعِي
هُدَاها وَنُُصْـــحٌ للــخـَـلائـِـقِ نـَــازِلُ

هــُدَى النـَفْـسُ في طيبِ الـمَجَالِسِ كُلِهِ
بــِـذِكْــرِكَ لِلـْـهـَــادِي وَكُـلـُّكَ عَامِلُ

فمـَــنْ يـَدَّعِي حـُـبَّ الـــرَسُولِ وَآلـِــهِ
بـِقـَوْلِ الحَبيبِ المـُصْطَــفَى هُـــوَ قَائِلُ

وَقَدْ كـُنْــتُ فـِي حُـبِّ الـنَبيِّ وَصَحْبـِهِ
عـَـجُولاً وَمـَـنْ يسْتَعْـجِلِ الخَيْرَ وَاصِلُ

فَطـُوبى لـِمَنْ كــانَ الـحــبيــبُ شفيعَهُ
بــيومٍ بــه كـُـــلُّ النُـفُـوْسِ ثـَــوَاكِــلُ

فَصَـلِّ إِلـَهِي حِـيْـنَ تضحي شُمُوسنَا
وَتـُمِسي الشُمُـوسُ الممْسِيَاتُ الزَوَائِلُ

على أطــهر الأطهــارِ وَهْـــوَ مُـحَـمـّـَدٌ
ضـِــيـَــاءٌ وَبـَـدْرٌ تـَـقْـتَـفِـيْهِ الـشَـمَائِلُ

فعُــدْتُ إِلــَى رَبـِّي لـَعـَلـِّي أَنـــَالـُها
فــيا سـيِّــدي إِنـِّي بـِبـِـابـِكَ مـَاثـِلُ

وَشَيْخِـي الذَّي قَدْ حَرّكَ الشِّعْرَ دَاخِلِي
فــَقـُـمْـتُ إِلـَى شـِـعْرِ الـبَـيـِدِ أَسَاجِلُ

عـَفـَا اللهُ عـَنِّي يـَـومَ رُحـْـــتُ وَرَائـَـهُ
فـَــمَا قـَـدْرُ مِثلِي للـكِبـَــارِ يـُـــعَادِلُ

وَلـَـكِـنَّهُ بـَـحـْــرُ الطـَـوِيـْــلِ وَشِعْرُوه
إِذَا مـَـا أَتـَـى سَمْعِي فـَــلا أَتـَكَـــاسَلُ

جـَـزَا اللهُ عَـنـَّا الـسَـابـِقـِيْنَ وَقـَــوْلَهُم
إِذَا مـَا اجْتَمَعْـنَا لَيْتَ أنِّـا الفَــطَاحِلُ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى