قصة

نعمة

محمود السانوسي العبادي

اليوم الذي عرفتها فيه هو اليوم الذي أصبحت فيه طماعًا وجشعا كالرجال، لم تكن إلا صبية تملك البراءة والحدة والأنوثة المبكرة، وهكذا هي إن قلدت الفتيات الكبيرات، أسلوبها في التعبير، فكرتها عن الحب، نظرتها إلى الرجل.. عينيه اللتين تزوغان يمينا ويسارا.. حتى تسقط كفراشة على الجمال الذي يؤويها، وإن كنت ظللت فترة لا أدرك تماما مزاجها وأغراضها من معرفتي، إلا أنني وجدتها تزوغ كأي فراشة على أزهار تحمل الرحيق، سألتها فأجابت: أريد نقودًا.. لِمَ ؟ أشارت إلى مخزن لتأجير الدراجات.. وقفت متأملا. .هي جرت، حتى رأيتها تدفع وتتكلم وتختار، حتى ركبت الدراجة التي هي نشوتها العارمة، طارت بها وفردت ذراعيها بين الصبية وكانت أسرعهم وأكثرهم مرحا، واندفعت مع الريح ، فرحت كما يفرح العصفور إن أكمل رفرفته الأولى بعد أن ترك العش.. وها هو ينتظر.. وها هي تنتصر وتأخذ من كل صبي ما تشاركت وتعاهدت معهم عليه هات أنت.. وأنت.. وأنت.. وأنت، فازت في السباق، وها هي رغم أنها لم تكن مهتمة بالسباق أكثر من أن تترك ذراعيها دون أن تستند إلى مركز التوازن، وها هو (الجادون) يلوى عنقه كعباد الشمس ناحيتها ويستجيب لعينها حتى لا تقع..ل ا تقف.. لا تهزم ، انتصرت يا نعمة:
– لو كان على النقود التي دفعتها خذها
– لكنني لا أريد النقود، ونظرتُ النظرة التي ينظرها الرجل لأنثى أعجبه جسدها، فلامتني بلا كلام ووضعت النقود في يدي.. دفعتها غاضبة قائلة : أعرف أنك لا تريد النقود، وتركتني لتكمل السباق والفوز.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى