دراسات و مقالات

نبض من غياهب الصمت –الكاتبة و الشاعرة و الإعلامية المغربية رجاء قيباش

السعيد عبد العاطي مبارك

” لو بَحَثتَ عني
ستجدني
ريشةً ساحرةً
تكتب مواويل الهوى
على أهداب الصدر
تشتاقكَ ريحاً
تُعانقُ هَوسَ الشجر
تزرعك ضحكة الأرض
بين شقوق الصخر
تسقيك جمرَ نار
تعاند دموع المطر
ترسمك دهشةً
على شفاه الجنون
لهفةً
تحتسي رحيق الزهر
كما الشمس
تطرق أبواب النهار
بلا ذنبٍ
بلا خطيئةٍ .. ”

” من قصيدة : ريشة ساحرة ”

———–

ما بين قلب …وقلب .. صرخة قلب محتضر ..!!.

” تتمايل في غنج
قصيدة عذراء
حرفها السامق
يُلامس غمازة خدها
بِهَزْلٍ
تشتاق عسعسَةَ كلماتها
على شرفة الدجى
يرجُمها القدر
بحجارة من غسق
أصوات تحارب
عمى الألوان
تمشي في الذاكرة
تقاوم شبح النسيان
تنقش معاني الدهشة … ” .

ان المرأة العربية المغربية قفزت في الآونة الأخيرة علي سطح الساحة العملية و العلمية و الأدبية قفزة هائلة منقطعة النظير في سباق حضاري حداثي ، و من ثم قد لاحت منهن رائدات في كافة المجالات يترجمن بواعث الآداب و الفنون الجميلة نحو غد مشرق تصنع ظلاله بمشاركة فعالة بجانب الرجل معا .
فحدث توازن بين جناحي الوطن العربي الكبير و لم لا فمبدعات المغرب تجوب الشرق و الغرب بتهوض ملفت للنظر حيث المشهد و الزخم ، تترجم فيض بواعث الحركة و التقدم و الأزدهار .
و ليبق نبض مشاعرها و أحاسيسها المفرطة أيقونة الحياة و قد منحها عبقرية المكان ظلال الجمال تعبيرا و صورا فأمسي عنوانها العريض مع موكب الحياة !.

و في تغريدتنا الشعرية نتوقف مع الشاعرة و الاعلامية القديرة ” رجاء قيباش ” نتجول بين دواخلها و نتأمل فواصلها مع كينونة شخصيتها الممتلئة بهالة من الفنون الجميلة و لا سيما الشعر في رسالة بالغة هنا الي الانسانية تغازل فكر ووجدان الأخر من أقاصي الأفق كقرص الشمس الذي يوزع الدفء و الحنان .
و قصيدتها تفوح بالغزل و الحنين الي ذكريات تؤرق مسيرتها نحو الجمال في نظرات تمسك برسالة الفن للمجتمع و الانسانية في سرد حواري راق يهدف و ابداعاتها الفنية بمثابة قواسم مشتركة بين اللغة و المعاني و الصور البيانية البلاغية و الخيال ، في همسات ايقاعية فلسفية تأملية تختصر ملامح رؤيتها المتجذرة مع تراث التاريخ الممتد عبر رحلة الأندلس ، تجسد دلالات القيم من منطلق أنثوي يحمل حلم الغد المشرق هكذا ! .

أنها سفيرة العشق الذي يحول صراعات الحياة الي حب و جمال و سلام أليست هي القائلة في غزلياتها تحت عنوان ” سراج الروح ” :
كلما استدرجني
الصبح
للبحث عنك
بين غيوم الغياب
أبتسمُ لطيفك
يغفُو هنا…
تحت شِغَافِ قلب
يقتات
من فتَات الأحلام
كل أشيائي
تكذب…
فهل يشفع لي عندك
أنني
كلما عَشِقتُك
جرحتني؟
كلما يُشرِقُ خافقي
بنور الوُدِّ
أيا عَذْبَ النجوى
لِمَ زُرتني؟
أَوَ كلما أغضبتك
يُرضيك العذاب؟
اِستكان الوَجْدُ
في كَلَفِ الشوق
لا أؤمن
أن الشمس مضطرة
لتشرح
سر رحيلها
عند غروب الهيام….

نشـأتها :
——–
نشأت الكاتبة و الشاعرة و الإعلامية المغربية ” رجاء قيباش ” بمكناس المغربية .
تعمل استاذة بقطاع التربية الوطنية مادة الفرنسية .
و كوتش أسري و تربوي و مدرب معتمد في التنمية الذاتية .

صدر لها عدة أعمال منها :
= ديوان شعر بعنوان ” صرخة قلب محتضر ” 2016 م .
= ديوان شعر بعنوان ” نبض من غياهب الصمت … ” . 2018 م .
= مجموعة قصصية .

و هنا تتجلي فلسفة حروفها مع الزمن تعزف أنشودة البعد في يقين فتقول قيباش :
قلب مصلوب على الحروف ، مُسَمَّر على أعمدة الوقت …
فكيف للحلم أن يتوالد في رحم البعاد؟!
و هاهي لوحاتها الشعرية تتلألأ مع حديث الصباح و المساء تتمايل في غنج تحت عنوان ( قصيدة عذراء ) تقول رجاء قيباش :

تتمايل في غنج
قصيدة عذراء
حرفها السامق
يُلامس غمازة خدها
بِهَزْلٍ
تشتاق عسعسَةَ كلماتها
على شرفة الدجى
يرجُمها القدر
بحجارة من غسق
أصوات تحارب
عمى الألوان
تمشي في الذاكرة
تقاوم شبح النسيان
تنقش معاني الدهشة
على فم مسجون
ينعقد اللسان
عند بؤرة الجهر
أنتظر حلما
على ناصية القصيدة
مقامات تتساقط
على أقواس الصمت
وريقات ترتعش
تترقب الموت
آنذاك
أُدرِك طيب الهمسات
عند عناق
شذا الأصيل
بعبير خيبات الأماني..

و تحاول الوصل الي مرفأ الثبات بعد مشوار ذات مخاطر كي تهدأ الزوبعة كما في قصيدة بعنوان ” انتظرتك ” من ديوان صرخة قلب محتضر ..
محترق حيث تسافر بين الروح تستلهم الحلم من اللم وسط صراعات تحدق بعالمها لكنها تمتطي جوادها و تعدو الحواجز نحو الأفق في ثبات و كبرياء أصيل تقول شاعرة المغرب رجاء قيباش :
انتظرتك
حتى تعب الانتظار
من الانتظار
و صرخ الصبر
و أصبحت الروح

على وشك الانهيار

مع مختارات من شعرها :
———————–
و تقول الشاعرة و الاعلامية المغربية رجاء قيباش في قصيدة بعنوان ( قبل البدء ) حيث توظف فلسفتها الجمالية المخطلطة ببلاغة اللغة مع المحسنات البديعية و المجاز فتعبر تخوم الأماني مشخصة تهويماتها في وميض ساحر يجذب الروح كهمسات عصفور يحاكي الوجود في لحظات ليس لها حدود فتمضي بنا مع ضجيج الألوان و تلك الحروف المزهرة ترسم لوحتها في اصطفاء :
حروفٌ
إليكَ تَرنُو
وهي بذِمةِ المجازِ
تتقاذَفُها
أقدامُ اللغةِ
مسافاتٌ
تتكَورُ في طَوقِ التمنِي
حروفٌ
تلوِّحُ بمناديلَ
الأحلامِ الليْلَكِيةِ
تُشيِّعُ تَلاشِي الصَبْرِ
علي تخومِ الأماني
حروفٌ
نيازِكٌ
يترقرقُ وميضُهَا
يتجددُ
يَحْيَا
همساتُ عصفورٍ
تَقُودُهُ
أجنحَتُهُ المنكسِرةَ
إلي فِردَوسِ الله
في جعبة الشعر
لحظات تَمرُق
كالشهاب
تمشي علي صدر القصائد
دون استحياء
سجينة المعني
توقِف بلاغة الصمت
عند باب الهمس
مرتبكة
أمام ضجيج الألوان
حروف مُزهرة
تأكلها الذابلات
تستظل شجرةَ اللوز
زَرعَتها
أنفاس البوح
تَرقب خطوات الريح
عن كَثَب
تناوشها الرغبة
تُطل بين الأنامل
تقذف
بتلك الأيام المظلمة
في جوف الحب!.

و نعيش تجربتها الذاتية مع قصيدة بعنوان ( ريشة ساحرة ) تسجل مواويل الشجن و الصمت مع ضحكة الارض المسحورة تتعلق بأهداب النهار تتحرر من كافة القيود تري نفسها في مرايا الواقعة زهرة يافعة او عصفور ينتشي فجرا في براءة الطهر السرمدي يغسل أوجاعه بدموع المطر في جنون بعد وعثاء السفر يحصد مواسم الجمال بتخطي الحواجز في تلقائية بغية تحقيق الأمل :
لو بَحَثتَ عني
ستجدني
ريشةً ساحرةً
تكتب مواويل الهوى
على أهداب الصدر
تشتاقكَ ريحاً
تُعانقُ هَوسَ الشجر
تزرعك ضحكة الأرض
بين شقوق الصخر
تسقيك جمرَ نار
تعاند دموع المطر
ترسمك دهشةً
على شفاه الجنون
لهفةً
تحتسي رحيق الزهر
كما الشمس
تطرق أبواب النهار
بلا ذنبٍ
بلا خطيئةٍ
ببراءة عصفورٍ
يَعود لعشِّه
بعد طول سفر.
——–

و تقول الشاعرة و الاعلامية المغربية رجاء قيباش في قصيدة أخري تحت عنوان ( خبر كان … !! ) حيث تمزج أبجدية اللغة بألوان الطبيعة في حضور الروح تردد آيات العرفان لحنا عربيا موشحا بالحب الذي يتدفق كالنهر بلا حدود في صور فنية و أخيلة منطلقة الي عالمها الواسع الخصب في كبرياء منتفضة من رماد الدخان حلقة جديدة في صمود :
من قطف ثمار الشوق
من كبد
رماد الدخان
تاه في درب العشق
الكبرياء
رنات حِسَان
من باع
الحِبْرَ للورق
الملفوف بالبهتان
خلع جذوة الحب
ارتدى
أوسخ الأكفان
من سقط الفؤاد
بين يديه
ولم يُرتَّل بين طياته
آيات العرفان
حوَّلَ الحب
إلى عَبث
زَوَّرَ دستور الألوان
كُتِبَ بحرف
مِغْنَاجٍ
مغرورٍ
ثمِلٍ
حتى صار
حظه المعصوب العينين
بخبر كان
من نَصبَ
أراجيح للقصص
وعَلَّقَها
على قَشِّ الجدران
لا يستحق سوى
قوافي كرز
من فم قصيدة صماء
لا تُؤمن بالغفران..

كانت رسالة الشعر من أقاصي المغرب صوت أنثوي جيد متكامل الأنسجة روحا و جسدا يبوح بأطياف المني حائرا نحو الأفق يمضي بعد دوامة حيرة و قلق فيهدأ أمام فم القصيدة التي هي مخاض رحلته الابداعية في تناغم تسطر ومضاتها في جذوة تضيء الدرب بكل صنوف الانسانية مع عالم شاعرتنا رجاء قيباش التي تغني مع متواليات النهر الحزين كي تضحك الأرض في دوارنها المصلوب بين أدراج النهار تستعدي مقومات البناء الهرمي في نصها تصاعدا نحو الجمال دائما .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى