شعر

من تموز البصرة

عبد الجبار الفياض

الأوجاعُ لا تكذب !!

سومريّة
على جذعِها
تيبّستْ سنواتُ حربٍ داعرة . . .
جمعَتْ بحقائبِها كُلَّ اللّونِ الأخضر
ثوباً من دُخان . . .
على سعفاتِها
عُلِّقتْ أرواحٌ بعناقيدِ نجومٍ
سعى إليها نصفُ إلهٍ في بابل
جذوراً تنبُتُ في حقولِ الثُريّا !
لكنَّ ديموزي بعدَ عُقم
أولدَها ما تساقطَ على العذراءِ في مكانٍ قَصيّ . . .
فكانتْ وهي كليمةٌ تُسرفُ بجودِ ما أثقلَها . . .
. . . . .
لصاحبِها
وظلِّها حديثُ عشقٍ لا ينتهي . . .
لعلَّ نصفَهُ المشطورَ
ونصفَها العائمَ فوقَ شفاهِ شطٍّ
يحلمُ بضفافهِ عرائسَ للربيع . . .
غَرِقا بمواويلِ وجعٍ
قطّعَ أحشاءَ نايٍ
ضاقَ بحنجرةِ داخل حسن *
نغماً توارثتْهُ ليالٍ من وحيِ ألف . . .
. . . . .
يومٌ من أيّامِ التّنور
يسترهُ ثوبٌ من جوع
لا ثوبٌ من زمَنِ شذّاذٍ
يلعقونَ أصابعَهم قبلَ الأكل
في طبقِ تذَهّبَ برجسٍ من شيطان . . .
يرَقبُ سحابةَ دخانٍ من سيكارةٍ لا تنطفئ
ألَمَاً تتواصل
ولو لضحكةِ مُزحةٍ عاريةٍ في خلوةِ أُنس . . .
لغيرهِ تُدارُ معتقةٌ في جماجمَ
استبطنَتْها صورٌ داكنةٌ من غيرِ إطار . . .
لا تعرفُ كيفَ تُشقّقُ الأقدامُ لتنبُتَ السّنابل؟
كيفَ يُدوّرُ النّهارُ رغيفَ خبز ؟
. . . . .
لِيكنْ نصفُكَ ليسَ لك
السّياطُ تتكلمُ صامتة . . .
ربَما
لا تحتاجُ إلى إسمٍ تُعرفُ به . . .
دروبُ التيْهِ لا تُغلقُ في زمنِ العَتمة
كم أنتِ قاسيةٌ أيَّتُها اللّامُ المُعاقة
ولو أنَّ كرمَ الغيثِ يجحدُهُ رملُ الصّحراء
لكنَّ الجّليدَ يذرفُ دمعاً لقُبلةِ وطن . . .
عيونُ الظّلامِ يسمُلُها خيطٌ أبيض
ليعودَ النّهارُ عاشقاً لشمسِه !
. . . . .
ذهبَ بعيداً
علّهُ يجدُ لعيونهِ صوراً لم تُطلَ بدِهان . . .
الرّحلةُ آذنتْ بانتهاء . . .
لماذا الأقنعة ؟
وجوهٌ أرهقَها أنْ تكونَ ليستْ هي . . .
رمى يهوذا وجهَهُ على قارعةِ الطّريق . . .
أقسمَ السّامريُّ أنْ يُعيدَ حفنةَ التُراب . . .
تبرّأَ أبو رغالٍ من عينيْه . . .
كذا تصدأُ المعادنُ الرّديئة
يرتدُّ الصّدى صفيراً يُؤذي صممَ الصّخر . . .
تغيّرَ كُلُّ شئ إلآ فنجانُ القهوة
قد تتمخّضُ المرارةُ عن شفاءٍ لداءٍ عُضال . . .
سمعَ الفجرُ صُراخَ الصّمتِ
فأذّنَ للكفاح !
. . . . .
انتهى عندَ الحروفِ صوْم . . .
إذنْ
لليومِ أنْ يكونَ على شفاههِ القرار . . .
ما تركَتهُ
افتراضٌ لا يتشيأُ لمسمّى . . .
الحَلقةُ تضيقُ
تابوتاً يكرهُ موتاه
لكنَّما الحياةُ تستعيدُ هذا الخشبَ سريرَ عشق . . .
خَشبَةُ يسوع النّبيّ
الحلاّج
ما كانَ شوكةً في عيونِ الطّليان
هزئتْ بالموت
فانكفأَ ينتَقمُ ممنْ شهِدَ هزيمتَه !
. . . . .
إيهٍ تومان *
لا تلتفتْ إلى الوراء
هذهِ المرّةُ فقط
التّعساءُ لا يعرفون إلآ طريقاً واحداً !
لا يُخطئُ الألمُ برسمِ خُطواتِه . . .
واصلِ الرّقصَ
الأقدامُ تسافرُ لقممِ النّشوةِ كذلك . . .
بصرانا تنزفُ لوناً ليسَ كمثلِهِ ما شهدتْه الأرصفة . . .
أتشكُّ أنَّ العشقَ أرضٌ يسكنُها الذين أعطوا الحياةَ اسماً جديداً ؟
. . . . .
عبد الجبار الفياض
تموز البصرة / 2018

* مطرب من الريف العراقي ينماز بصوت حزين متفرد .
** فنان فلكلوري بصري شهير في الخمسينات والستينات، كان يعزف الناي بأنفه برقصات بارعة لا يقلده فيها أحد .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى