شعر

مطر

عواد المخرازي

أتعلمين أي قهر يبعث المطر
وكيف يحمل الغيم الأجنة
جاهدا
هائما
يدور في بلادي فوق السهوب يبحث
عن ملاذ ..
حتى إذا ما لقي الفيافي
وجاءه المخاص
صاح الرعد معلنا والبرق ضاء….
مبشرا
مطر .. مطر

تستيقظ السهول على وقع اللجوج
تقمط المطر بذرات التراب
وعلى الأغصان تغرد الطيور
و تصفق الجداول على الصخور
بالسحر..
جاء المطر …. حل المطر
جاء المطر ….حل المطر

خجول هو حينا …
ما كان يوما هكذا .
كان صديقا للغيوم والطيور والمطر
أتعلمين كيف أشعر بالهطول
وبالمطر
أتعلمين كيف أصبح الشارع الطويل
المظلم
جنة للحالمين بالسفر..
أتعلمين ؟ ….. غادر الرهط كلهم
وانا بقيت وحدي
بين علب الصخور
الممزقة
بلا رفيق
كالفراش الحزين
أذا ما حلق فوق الجمر
وحيدا انتحر

أتعلمين .. الجنون هو ان نعيش
في توابيت ..
ننتظر مراسم
المواراة على مهل…

أتعلمين ..كم حمل الشارع الطويل
مهاجرين من عرب
و كم حملت مراكب الموت منهم
وألقت بهم إلى البحر.
اتعلمين كيف هم على حدود “الصفر”
كالجراد.. يطردون
كأنهم وباء خبيث انتشر
على الأسوار يطوفون .. يتوسلون الدخول
والأبواب سدود من قهر.
ترسو الجثث على الشواطئ
تبخر الشمس دمائهم
فيحملها الريح لتغيم
في سماءي وتهطل أحلامهم
كالحطام..كالسقام
كالمطر.. فوق نواصب الجدود
لتعذب ارواحهم بالقهر

لم يعد يسقط القمر في دجلة
ولم يعد يحمل النخل الثمر
والنيل غاص ماءه
بعد ألف الف عام من الجرير
وياسمين الشام لم يعد يعبق
بردى بالعطر

وعلى ضفاف الاردن المقدس
ذكريات الطفولة..ضحكات
ورائحة القهوة والجدات.. ونهر
اتذكرين كيف لونت البتراء وجنات الصغار بالوان الصخور …فغارت الورود.
وغام الشفق بالوجود واستتر…
أتعلمين الآن.. يتبول الخنزير بالغور فوق دم الشهيد..
وتنبت الرياحين أشواكا
من كدر

وتسألين لماذا بت أكره المطر
وتسألين لماذا بت أكره المطر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى