قصة

ليلى

د. إيهاب بديوي..

فتحت باب الغرفة الفندقية الفاخرة التي تم تكليفها بمتابعة حالة المريضة بها كالعادة دون اهتمام يتعدى كونها حالة مرضية ستخرج حية أو ميتة لا يهم كثيرا. دخلت مباشرة وسط زحام من الأهل والأصدقاء الذين تبدو على ملامحهم وملابسه مستوى اجتماعي مرتفع. كتمت ابتسامة سخرية من نفسها وهي تخترق الجموع لتصل إلى حالتها. لكنها توقفت للحظات على حافة الفراش. التقت نظراتها مباشرة بنظرات الفتاة الصغيرة المتوترة خلف ابتسامة مجاملة باهتة والقابعة في عالم مختلف. ارتعشت الكلمات على شفتيها وهي تداعب أحلامها القتيلة على مذبح الواقع الغاضب. اقتربت منها وبدأت في تجهيزها للعملية. سألت الصغيرة عن عمرها وهواياتها وهي تقيس لها الضغط وتضع الكانيولا. ارتعدت يدها بوضوح حين أخبرتها الصغيرة عن حلمها الصغير. رسامة. الألوان. ما أشبه الأحلام. وما ابعد المسافات بين الممكن والمستحيل. اختنقت الآهة على شفتيها فتحول وجهها الملائكي إلى قطعة من الورد الأحمر الذابل. لكنها تحكمت في دمعاتها بابتسامة مكشوفة التصنع وهي تقول الصغيرة أنه كان حلمها الأكبر. لكنها الآن كما ترى. مجرد ممرضة. لم يستوعب أحد من الحضور المفارقة التي جعلت الممرضة تضحك فجأة دون سبب واضح. لكنها خرجت مسرعة وهي تطلب من الصغيرة أن تضغط على زر صغير بجانبها وتسأل عن ليلى إن أرادت اية مساعدة حتى يتم تجهيز غرفة العمليات. خرجت مسرعة بقلب مختلف عما دخلت به. أسرعت إلى أقرب غرفة خالية واغلقت خلفها. بكت كما لم تفعل من قبل. ليلى قتلوا حلمها برصاصة من طرف مجهول قالوا عليه الطرف الثالث وهو يصرخ بالحرية املا في مستقبل افضل لأولاده. قتلوه عقابا له على حلمه وقتلوا بعده الحلم في أولاده. انهارت أسرته اقتصاديا. وضحى كل طرف بمستقبل بيستمر الكيان في الحياة.. خلعت البالطو الأبيض القاه على الأرض بعنف. ضربت رأسها في الحائط وهي تلعن قدرها الذي عبث في أحلامها وحرمها منها. لا تخطئ عين انها تنتمي لوسط متميز وأسرة مهمة. شيء ما في حياتها غير كل شيء. همت بالخروج للأبد. لكنها تماسكت بعد أن جمعت أشلاءها من كل مكان في حياتها. ارتدت البالطو الأبيض. مسحت دموعها المنهمرة. خرجت من الغرفة. ذهبت إلى غرفة الصغيرة من جديد. وهي مستعدة هذه المرة لما ستواجهه…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى