شعر

لطائف الرقيّ

حسين الحديد

 

سأل طفلٌ جَدَّهُ:هل بقيَ لديكَ أسنانٌ ياجَدّي؟
تبسّمَ الجدُّ وأجاب: لم يبقَ من أسناني شيءٌ ياصغيري!فمثَلُ الأسنانِ كمثلَ الأصدقاءِ،نفقدُهم واحداً تلوَ الآخر،ثمّ يأتي دورُنا..ولكنْ لِمَ تسألُ يابُني؟!
قال الصّغير:أريدُ أنْ أودعَ عندَكَ كيسَ
البزر إلى أن أعود،وأنا مطمئنٌ أنّه لن
ينقصَ حبّةً واحدةً!
*****
ومِنْ لطيف ما قرأتُ قول أحدِ الظّرفاء
:وما أعددتُ للأخرى كثيراً
ولكنّي وهبتُ القلبَ ربَّه
فحبُّ مُحمّدٍ والصّحْبِ حَسْبي
فإنّ المَرْءَ يُحْشَرُ والأحبّه
أجاهدُ كي أُقيمَ بناءَ قومي
وأدرأُ عنهمُ ماكانَ سُبّه!
ورحمَ اللّهُ الفيتوري حيث قال مناجياً
رسولَ اللّهِ صلّى اللّهُ عليه وسلّم:
” ياسيّدي!عليك أفضلُ الصّلاةِ والسّلام ْمِنْ أمّةً مُضاعةٍ..تقذفها حضارةُ الخرابِ والظّلامْ..ياسيّدي!..منذُ ردمنا البحرَ بالسّدودْ..وانتصبت ما بيننا وبينكَ الحدودْ..مِتنا ..وداستْ فوقَنا ماشيةُ اليهودْ.”
فالشّعوبُ الإسلاميّة لا ينقصها -كما يقول جب-إلّا زعيمٌ كصلاح الدّين!
“فيا بانيَ الحرم!ويا خليفةَ ابراهيم! ٱنهض لبناءِ العالَمِ مِنْ جديد..إنتبهْ مِنَ
السُّباتِ العميق،الذي طالَ أمدُه،واشتدت
وطأتُه”.(إقبال)
لقد خطّطَ أعداءُ الإسلام كي يُميتوا فينا
شعورَ العزّةِ والكرامة،ويقطعوا صلتنا
بديننا،ولنصبحَ أُضحوكةً يُتندّرُ بها في مجالسهم ..فأينَ أنتَ من هذا الواقع يافتى الإسلام،وياابنةَ الكرام؟!
وهل سيكون الردّ بمزيدٍ من تقصير الثياب وتمزيقها،أم سيكون بأدبٍ جمّ،
وتفوّقٍ في دروب الحياة ،والتصاقٍ بهذا
الدّينِ القويم؟!مردّدين مقالةَ الفاروق رضي اللّهُ عنه:
“نحنُ قومٌ أعزّنا اللّهُ بالإسلام ،فإذا طلبنا العزّةَ بغيره ،أذلّنا اللّهُ”
*****
-الحياءُ:خُلُقٌ عظيم،يحولُ بينَ حامله ومقارفة الدّنايا،ولهذا تخلّقَ به الرُّسلُ
والأنبياء والعظماء!
وهناك مَنْ يخلطُ بين الحياءِوالخجل،ويظنّهما من المترادف..فالخجلُ هبوطٌ في القوى،وتقوقعٌ على الذات،وذبولٌ في القدرات،وهروب من مجابهة صعاب الحياة..وشتّانَ بينَ المعنيينِ!
وكلّما تدرّجَ المرءُ في مراتب الكمال الخُلُقي ازدادَ حياؤه..فتجاوز عن إساءة مَنْ هم أكملُ منه لفضلهم،وأعرض عن إساءة مَنْ هم دونه اعترافاً بفضل اللّهِ
عليه،وكأنّه المعنيُّ بقول الفرزدق:
يُغضي حياءً،ويُغضى مِنْ مهابتهِ
فلا يُكَلّمُ إلّا حينَ يبتسمُ
ولقد أحسنَ الإمامُ الشّافعي حيثُ يقول:
يعيشُ المرءُ ما استحيا بخيرٍ
ويبقى العودُ ما بقيَ اللّحاءُ
فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ
ولا الدُّنيا إذا ذهبَ الحياءُ
ابن عليّ الرّقيّ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى