قصة

قصّتان

كمال عطا

طريق !

كنتُ سعيداً للغاية حين رأيتهم ؛ أبي .. أمي .. أصدقائي القدامى . سألتُهم – باستغراب – كيف عُدّتم من هناك؟!. تبادلوا النظرات فيما بينهم، وابتسموا في صمت !!.

عيونٌ لاترى ( قصة )

بدا التأثر واضحاً في صوته وهو يقول لي :
– يؤسفني القول أن حالتك خطيرة ، قد تفقد البصر في أي لحظة ، ليس أمامنا سوى إجراء جراحة المياة الزرقاء ، برغم أن نتائجها ليست مضمونة .
– اعطني بعض الوقت ، كي أفكر وأتدبر أمري.
– لكن نصيحة ، لاتُطِل التفكير !.

عدتُ ساهماً واستغرقتُ في تفكير عميق . لن أخبر أحداً بما دار بيني وبين الطبيب . يجب أن أحفظ صورة كل ماحولي جيداً في ذهني، فربما لاتُتاح لي الفرصة أن أراها مرة ثانية !.

عادت زوجتي من عملها مرهقة كالعادة ، استبدلت ملابسها بسرعة كي تُعد طعام الغذاء . استوقفتُها واقتربتُ منها ، تفرستُ ملامحها بدقة ، استغربتْ قائلة : مابك يارجل ، ألم ترني من قبل ؟! . ياإلهي … كيف لم ألحظ تلك الغمازات في خديها من قبل ، وكيف لم ألحظ أن ابتسامتها جميلة ، نعم نحن دائمي الشجار على أتفه الأسباب ، وقليلاً ماتبتسم .ولكني لم أحاول يوماً أن أجد لها عذراً في ذلك . لم أدرك سوى الآن أن ملابسها التي ترتديها قديمة ولاتغيرها بسبب ضيق ذات اليد .

ابنتي ، طالبة الثانوي ، دخلتْ إلى حجرتها -حين رجعتْ من مدرستها – مباشرة دون أن تحييني . ندهتُ عليها وسألتُها : لم لاتأتين وتقبليني كما كنتِ تفعلين في السابق ؟! . ظهر الارتباك والخجل على محياها وهي تغمغم : أنت مشغول دائماً يابابا . كيف لم ألحظ أن تلك الصغيرة قد كبرتْ وتغيرتْ تضاريسها وأصبحتْ فتاة ناضجة ؟!.

ضلفة الدولاب التي كثيراً ماكنتُ اصطدم بها في طريقي الي الحمام ، فهي مفتوحة دائماً، ولم أفكر يوماً في السبب الذي يجعلها كذلك ،وفي ايجاد حل لها ، دققتُ النظر فيها جيداً فوجدتُ أن مفصلتها العلوية مخلوعة . اتصلتُ بالنجار ليصلحها ، حتى اتفادى أي عائق في طريقي الى الحمام لو حدث المقدر لي !.

الصدع الموجود بالجدار ، والذي لم آبه به كثيراً ، نظرتُ إليه ملياً وتفحصتُه بدقة ، فوجدتُه قد صار شرخاً عميقاً ، فبادرتُ بترميمه !.

في الصباح ، نظرتُ إلى السماء ، كانت جميلة . كيف لم أرها بمثل هذا الشكل من قبل . استغرقني النظر إلى الأرض ونسيتُ أن هناك سماء .كان نظري دائماً نحوالأرض ، حيث موضع قدميّ !.

تغيرتْ نظرتي إلى الأشياء وإلى الأشخاص حولي. بعد أيام قليلة عدتُ إليه قائلاً :
– فلنجرِ العملية سيدي الطبيب فوراً ، وحتى لو لم تنجح ، فنحن لانحتاج إلى العيون كثيراً !!.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى