شعر

عَزَّافُ البَشاراتِ

أبو الطاهر علي محمد المهتار

بَوحٌ من الأعماقِ يَعبُقُ عَنبَرا

رفضَ الكتابةَ أنْ تُباعَ و تُشترى

يختالُ كالعطرِ الثمينِ تضوُّعاً

و يَمُدُّ بَحْريَ من عطورهِ أَبْحُرا

ألقٌ سَيُخْجِلُ في الشِّمُوعِ ضياﺀَها

كالبَدرِ أشرقَ في المساﺀِ فأَقْمَرا

ما قال يا حُللَ المِلاحِ تَجَمَّعي

عِقدَاً لنمنَحَ لِلملُوكِ و جوهرا

بل قال ياحوُرَ البلاغةِ حَاوُري

شَجَنِي على خَمْرِ القَرِيضِ لِنَسكَرا

و هُنا مَخَاضُ مَنَاجِمٍ لِكِنوزِها

قد حقَّ أنْ نجْفو المَنامَ و نسهراْ

لنشُبَّ من وجَعِ السِّنِينِ قصيدةً

من مَوقدٍ فيه الأنينُ تجَمَّرا

و لِنُخبرَ الفَارِّينَ مِنْ رَمْضَائِهِم

أَنَّا سِيُولٌ لا تَسِيرُ القهقرى

فإذا الزَّمانُ تَكشَّرتْ نكَباتُهُ

عَرَفَتْ بأَنَّا لنْ نَلِيْنَ و نُكْسَرا

فكم اِحتوَتْ تلك المدائنُ والقُرى

أَلَمَاً على ألَمِ السنينِ تصَبَّرَا

يا ليلُ لو لَمَعَتْ بروقُك أبصرَتُ

عُميُ الغمائمِ أينَ ظامئةُ الثرى

وتنفَّسَتْ مُهَجُ القبورِ وأخرجَتْ

شُهُباً تُصِرُّ بأَنْ تعيشَ و تُذْكَرَا

يا آخرَ السبعِ العجافِ تعجَّلي

ليَجِيئَ عامٌ بالرَّخَاﺀِ مُبَشِّرا

ليُغاثَ فيه الناسُ مُزْنَ كَرامَةٍ

لِنَكيلَ منْ دُرَرِ الغِلالِ و نَعْصِرا

و ننالَ جائزةَ ٱِصطبارِ جِراحِنا

و نُحِيلَ صُبَّارَ المَواجِعَ سُكَّرَا

في الموسمِ الآتي ستُزهِرُ كَرْمُنا

و الصَّخرُ يَنْبَجِسُ عيوناً ….أَنْهُرا

و سَنَحْلِبُ الغيمَ الهَتونِ نبيذَها

و نُحيلُ رَمْلَ الأرضِ فرشاً أخضرا
ستعودُ للأرضِ الكَهولِ طِفُولَةٌ

و سنمنحُ الأعمى الضياﺀَ لِيُبْصِرَا

و الأرضُ تُنبتُ من دماﺀِ شهيدِنا

ورداً يفردسُ في السهولِ وفي الذُّرَى

و تعودُ أَرْغِفةُ الجياعِ رغيدةً

للصابرين العائشينَ تضَوُّرا

تتمخَّضُ الأيامُ فجرَ خلودِنا

لن تجْهلَ الدُّنيا البيانَ و تُنكرا

عزفَتْ بشاراتِ الشروقِ ربابتي

عزفاً لِيَختطفَ القلوبَ و يأسَرا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى