قصة

عفن

ليلى عبدالواحد المرّاني

في مقهىً شعبيّ على قارعة طريق، يعجّ بالمتسكّعين والهاربين من بيوتٍ تطبق جدرانها المتداعية على أنفاسهم، في شهر تمّوز المشتعل؛ يتّخذ مجلسه إلى طاولة خشبيّة متآكلة، اختارها بعيداً عن أنظار المتطفّلين، يتثاءب بخمول، ينبش بعود ثُقابٍ أسنانه المتنافرة، ويبتلع ما التصق بينها، عيناه الزجاجيتان تطوفان فوق الوجوه، يهشّ بين الحين والآخر أسراب ذباب أزرق تشنّ غاراتها على بقايا الطعام.. لزجةً تقع نظراته على فتاةٍ صغيرة تتكوّر في إحدى الزوايا، تلعق نزيف أنفها، نظراتها جائعةً تحوم حول بقايا الطعام، يتلمظّ بلسانه منتشياً، ببطءٍ تزحف نحوه حين أشار إليها، تضع لقمة في فمها وتجفل، تلسعها عقارب يده حين تسللت إلى صدرها تتحسّسه.. تهبّ مذعورةً، على وجهه تبصق الذباب وما في فيها ما تبقّى من طعام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى