دراسات و مقالات

عزف علي ذراع نخلة الشاعرة العراقية فاطمة الزبيدي

بقلم تغريدة الشــــــــــعر العربي السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد


يوقظني صفيرُ السكون.
————-
القصيدة تكتبني وهي من تحدد الموعد والزمن
” فاطمة الزبيدي”
ان الشعر بالنسبة لي هو: الهروب من خيبة الأمل في الواقع الى الحلم في القصيدة أو هو الحرية المفقودة التي نحصل عليها في كتابة النص الشعري.

نعم من أرض الرافدين من نخيل العراق من ظلال المربد حيث الشعر و الشعراء نتذكر المرأة العراقية و دورها في المشاركة الفعالة في النهوض بالوطن و بغداد حاضرة الدولة الاسلامية منارة الاسلام و مهد الحضارة و السلام و ليالي الرشيد التي عزفت أسمي أنشودة الجمال تأتي المرأة الشاعرة المعاصرة منذ جيل الرائدات بداية من ” نازك الملائكة ” التي أحدثت ثورة أدبية رائعة أنموذج بهر موجة الابداع و الحداثة التي تنطلق مع تطور و نمو حركة الشعر الحديث شكلا و مضمونا يستوعب تجارب وافدة تشكل فكر ووجدان الشعوب —-
تأتي الشاعرة العراقية المعاصرة ” فاطمة الزبيدي ” ، و التي تمثل الجيل الثاني ترسم قصيدتها في تباين تمضي مع الألوان الجديدة تعكس مرايا الواقع بين الحلم و الحزن تستدعي المعاني و الصور و الايقاعات و الاخيلة من تقلبات و صراعات البيئة بطعم التراث النادر كي تستكمل مرحلة لوحاتها الفنية في تلقائية علي صدي أنداء مشاعرها المصبوغة برائحة طمي الرافدين و شموخ النخيل هكذا نقرأ عالمها الشعري —-
انها فاطمة الزبيدي ، الشاعرة المولعة بالشعر منذ أبجديتها الأولى, و المسكونة بطلقات القصيد ، فقد مارست التعليم وبذرت حب الكتاب والمطالعة في نفوس الطالبات, كتبت قصيدة التفعيلة في مطلع السبعينيات، وكانت تنشر في مجلة الف باء وصحف عراقية أخرى، ثم استظلت تحت شجرة «قصيدة النثر»، وما زالت مقيمة عند أفيائها.
و من ثم نشرت نصوصها في شتي المجالات التي تعكس صدق تجربتها المؤثرة في الواقع .
و قد ترجمت لنا أشجانها و عمق بوحها في نداءات متوازية التشكيل مع رتم الحياة و هذا من خلال مجموعتها الأولى تحت عنوان (أحاور الصدى) الصادر عن دار نشر ” المتن ” – بغداد

و تدور موضوعات المنجز الشعري حول موضوعات متنوعة عن الوطن والاسرة والمرأة وموضوعات اجتماعية أخرى كثيرة، أما عن عنوان الديوان أقول أن «أحاور الصدى» هو الأقرب لمعانٍ اشتملها الديوان وهو غياب رفيق العمر مبكراً، وبدأت النصوص بمحاكاة الغائب. أما الرسالة التي تنطوي عليها أغلب النصوص فهي رسالة الحب والسلام.

و حينما نتأمل نصها الوجداني والعاطفي من قصيدتها الرائعة بعنوان ” لقطة من حكاية وردة ” تتغلغل بين الظلال و البكاء حالة تضاد ترسم نبض حلمها فبراءة الندي ووسامة الفراشة الطليقة فتقول :
سارا معا على ضفتي قلبيهما
كان يمسك بكفيها حد الشراهة
ويحتضن ظلها حد البكاء ..
هي
تراوح على نبض التأوه حالمة
تداعب لمساته وثباً …
فحبال حكاياها …
تمتد لطفولة السرد
حين كانت القبل كبراءة الندى
والأكف كأجنحة الفراشات

ثم تنطلق في عالمها تحلق بلا قيود و خارج حدود المستحيل في عبقرية من داخل مسافات قصيدتها بعنوان ” نقش بلا ألوان ” :و هي تعكس بأنفاسها قصيدة لم تولد و لم تستكمل شكلها و جوهرها بين ليل و صمت تنتظر لحظات التكوين فتقول :
الأبيض … لوحة لم ترسم بعد …
قصيدة لم تولد في أوانها …
رسالة حب ، إرتعشت أناملها فتوارت خجلة
الأبيض … قلبك الموشوم بالنقاء …
روحك توشحت بضوء القمر …
نجم فاجأته الشمس ، فأوهن النظر
وأنا ……… ليل أثقله الصمت …
غرق لذيذ في العتمة
إنتظار على مصاطب الثلج

و هذه مختارات من مجموعتها الشعرية ” أحاور الصدى “تقول في قصيدتين مختلفتين النهج و النفس في اضاءاة حيث تتمدد كالظل مع التقلبات مع السنيين في كبرياء توظف الأساطير و الرمز كما في علي بابا و الأربعين حرامي تستلهم التراث فرارا من جحيم الواقع الذي يستسلم للخنوع فتستدعي الجمال من قمقم الغياب تعريجا علي العصور التي صنعت المجد بين التلال في نوبات الحسان —–

مع القصيدة الأولي بعنوان” أراني أحصدُ وهما ” حيث تشبه سيرها علي أشواك و أطراف الوجع بلغة مبتورة عاجزة عن صنع الأمل كالتي تمضي بلا عيون تتحسس وهج الضياء تتلمس هالة القمر تراقب المصير:

أمشي على أطرافِ أوجاعنا …
لغايةٍ مبتورة الأذرعِ , ترشدُ أفكارا بلا عيون !!
فكيفَ للشمسِ أن تهزم العتمةَ في الصدور ؟!
ونحنُ …
نلعبُ الغطسَ في الجِرار مع الأربعين حرامي ؟!
كهرمانة …
تلعبُ على حبال شراستها الأليفة بغليِّ الزيت
وأنااا ….
أتأرجحُ بين الممكن والمستحيل …
ألبي نداءات الجزر المسحورة
وهسهسة الجن في أساطيرِ هواجسي
فأعود … أشلاءَ إمرأةٍ ….
مهزوزة اليقين
مثقلة الغرور
مبعثرة الكبرياء
كعصفٍ يتوارى عندَ حافات السنين
أجرجرُ خطى أيامي
لأثثَ عُرّيَ هذا الخريف

و في قصيدتها الثانية تغزو البراح و الفضاء بين شواطيء جزيرة الأعراف كما في ثورتها التي بعنوان ” الأرضُ لاتدور “حيث تثبت عكس العلماء و الفلاسفة بنبضات أحاسيسها مع تيارات الوجع خارج مجسد الزمن مبتورة القوام خرساء برغم الحقيقة تقف موصدة تنظر في خجل علي استحياء تتساءل متي الوصول بلا بداية معطلة الأجنحة من خلف الأفق الرحب تراقب من منظارها المشوهة حركة الحياة التي شاخت بين وشاح الحزن الأسود لكنها تمتلك الروح الثائرة المفعمة بالحب و الجمال فتختلس من نافذة الصبر ومضات تزين رحلتها فهي نخلة لا تنكسر تحت أقدام الريح فتقول :

هناااك نزعتُ روحي ونسيتها على شَفَةِ بحيرة
كنتُ أعوم بلا أذرعٍ …
الزمان سرقَ موطيءَ قدمي
طيور الماء تحاورُ أنفاسي
تلتقطُ آهاتي حبةً حبة
سألتُها أماناً للغائب البعيد …
ذاكَ الذي …
رافداه بلا أجنحة
ونوافذه بلا عيون
أشاخت بعنقها نحو الماء
صفقت بجناح الحرية
تركتني يابسةً , كذهولِ الأوراق الميتة
أتكَسَرُ تحت أقدام الريح

هذه كانت محطات من مسيرة ساعرتنا الكبيرة ” فاطمة الزبيدي ” رائدة القصيدة الحديثة و التي تمضي بين مشروع المنثور تنشر ومضات النور انطلاقة أمل بعد تعسر المواقف بين الصراعات و الأحزان تنسج ثوبها القشيب في جرأة و ايمانا بعمق رؤيتها و تجربتها الرائعة ، فهي تعطي بين جداول تتدفق بالخير كالنخلة النائمة علي ذراع دجلة الخير تعزف موالها بصدق في بساطة تفتح برغم انكسار ثوابت المجتمع تحت أقدام الريح و بين مضائق الطريف مع الفجر دائما

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى