قصة

عابر سبيل، مرة بعد مرة

رعد الإمارة

١ 

(شخير)

كنت أضع يدي على فمي الصغير، وانا احاول ان اكتم ضحكتي، كان شخير اخوتي الثلاثة، الشبيه بالصفير المنبعث من ابريق الشاي، يصيبني دوما بالأرق، لكن احيانا كنت اصحو على شخير مختلف مصدره ابي وأحيانا امي، انا لم اسمع بحياتي شخيرا لعينا مثل هذا! همهمة ودمدمة وكلمات تأكل بعضها. ثم صحوت ذات مساء على صفعة من كف أبي انطبعت على نصف خدي، كان أبي وأمي وكل اخوتي الانذال يجلسون حولي، فيما بعد أخبروني بأنني كنت اشخر بصورة غريبة، هو ليس شخيرا بالمعنى المعروف، كان عواءا، نعم كنت اعوي مثل ذئب، وهذا الأمر أصابهم بالخوف والأرق، تصوروا!!

٢

(إنتقام)

كنت في الصف الأول، طفلا لا أفقه شيئا لا من الدراسة ولا من أمور الدنيا! لا أعرف ماكان سؤال المعلم حينها، لكني اتذكر انه جذب اذني بقوة، راح يديرها بين اصابعه حتى احمرت وبكيت، بكيت وبللت نفسي أيضا! في البيت، فيما بعد شكوت أمره لأمي، واريتها اذني المحمرة وثيابي المبتلة! الذي حدث أنها صفعته أمامي مساءا، كان خالي!!! 😂😂

٣

(ماضي)

كنت أضع يدي على كتفها ونحن نسير على الجسر العائم حين اصفر وجهها وراحت ترتجف، اوقفتها وسألتها أن كانت تشكو من مرض ما! قالت وهي تتابع بعينيها السيارة التي حاذتنا واختفت :
_لا، لست مريضة، لكنه اخي من كان يجلس بجوار السائق، لن تعرف أي نظرة صوبها الي.
_هل سيضربك!
_بالتأكيد سيفعل، لكن المشكلة ليست هنا! المشكلة أن اخي هذا ميت منذ اكثر من سنة. تسمرت في مكاني وقد علت ملامحي دهشة عجيبة ، التفت إليها، لم تكن موجودة!!

٤

(عالم آخر)

لم يعد ابي من رحلته الأخيرة في صيد السمك، لم تكن تلك عادته، لقد مضى المساء الأول، ثم تلاه مساء آخر كئيب ولعين مثل سابقه، لكن ضحكة ابي الكبيرة لم تعد تزين الدار كما السابق! أخبرني خالي لاحقا كوني الابن الكبير لهذه العائلة، أخبرني وهو يؤكد على مخارج الحروف بطريقة مضحكة، قال:
_اظن ان والدك خطفته جنية، هكذا يقول اغلب اهل القرية! إنه لن يعود، لن تسمح له، الآن على الأقل! عليك فقط أن لاتخبر أمك. طبعا لم أخبر أمي، ليس خوفا عليها، لكن خوفا من انتقام الجنية! ارتدت امي ثوبا أسودا في وقت لاحق، وكذلك فعلت شقيقاتي الصغيرات، ومرت الأيام والشهور بصورة سريعة، أصبحت رجل البيت الأوحد، حاولت خلالها ان اعيد ضحكات ابي الكبيرة! ثم حدث شئ، كانت النافذة مفتوحة، في واحد من مساءات الصيف الحارة، سمعت حفيفا في البداية، ثم صوت لضحكة طفولية قصيرة، حاولت طرد جيوش النعاس عن عيني، آه، ثمة شبح لطيف يدور مع المروحة، راح يحدق في بعيون كبيرة تشبه عيوني، سحقا! هل يكون أخي؟ هذا الجني الصغير.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى