دراسات و مقالات

طفلة النخل- الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي – 1950م

السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد


باسم نهرين من عسل
يجريان بوادي السلام
أسير بركب الزمان.. خطوة إثر خطوة
أسير على أرض بابل..مزدانة بالبهاء
كأن الذي كان حان
ومن بيننا جاء هذا الزمان
” من قصيدة أميرة بابل ”
——-
نعم : بين بكيت العراق – و يبقي العراق – و هوي النخيل —- نتجول مع ساجدة الموسوي نخلة العراق السامقة !! .

نعم و في البداية الحديث ذو شجون عن العراق و لم لا انه أرض الرافدين و سرة الدنيا ، و مهد الحضارة — و العراق هو العراقة و ” النخل ” شعار الخير و الحب و الجمال رمز الشجرة الجميلة و الكلمة الطيبة ، وليس شط العربد ببعيد فكم تغني أهل الشعر في مربد البصرة حيث غابات النخيل التي تنساب بين ظلال دجلة الخير و فرات الجنة ملهم الحالمين هكذا —- !!
و من ثم نلمح ” النخيل ” في قصائد الشعراء قديما و حديثا كناية عن الأصالة التي تعكس ملامح الانسان العراقي من خلال رؤيته المجسدة لعبقرية الزمان و المكان في تناغم سامق ، و هذا من عهد بابل و سومر و آشور حكايات تراثية تنبع من معاهد الطفولة و الصبا برائحة وشموخ النخيل علي صفاف الوادي حيث يهيم المبدع بفيض من ومضات المشاعر الصادقة —
و نحن نتوقف مع شاعرة عراقية رائدة لها تجربتها الشعرية مع ” النخيل ” فقد حشدت دواوينها التي تحمل عنوان ” النخلة و النخيل ” و هذا يدل علي دلالات الجمال و الفخر و العزة و الكرامة أنها شاعرتنا الرائعة و المتألقة ابنتة النخيل الشامخ ( ســـــاجدة الموسوي ) نبحر مع ظلالها التي تنساب مع جماليات بيئة الرافدين في حضور منقطع النظير !! .
نشــــــــــأتها :
ولدت شاعرتنا العراقية ساجدة حميد حسن الموسوي في بغداد 1950 ومقيمة في الإمارات العربية المتحدة.
 تخرجت في كلية الآداب ببغداد 1975.
 عملت موظفة في المركز الثقافي العراقي بلندن 1989ولمدة أربع سنوات, وهي موظفة في وزارة الثقافة والإعلام.
 انتخبت لأكثر من دورة لعضوية المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق, ولعضوية مجلس إدارة نقابة الصحفيين العراقيين, وكانت عضواً بالمكتب التنفيذي للاتحاد العام لنساء العراق, كما تولت منصب مديرة تحرير مجلة المرأة لعدة سنوات.
 لها مشاركات في الحياة الأدبية والثقافية والسياسية, وقد ألقت قصائدها في العديد من العواصم العربية, والأوربية والآسيوية من خلال المهرجانات والأسابيع الثقافية.
وفي قلب اقامتها بدولة الامارات العربية حاضنة رموز الابداع العربي
تقول الشاعرة الموسوي باقة من القصائد الوجدانية المجروحة بحب العراق الدامعة بالحنين إليه، ومنها «رسام على الطريق» و»حبة نسيان» :
«…فقلت اسمعيني أخيّةُ/ إني هنا في الإمارات لا أرتضي غيرها وطناً/ بل هنا وطني.. بل وأهلي وشوقي المرابط/ هنا جنة الأقحوان…/ هنا الشرق والغرب يمتزجان/ هنا زورق من ضياء الشموس/ فوق جيد الخليج/ يسير بهدي الأمان/ سأبقى بهذي البلاد لأهنأ/ بغرفة نومٍ وحيدة/ ومكتبةٍ.. وجريدة/ بعيشي البسيطِ.. البسيطْ/ وقلبي المحب ”
و في ديوانها الرابع عشر بعنوان ( بكيت العراق ) تقول فيه :
كان العيش رغيداً
وكلام الناس بوقت الشاي كطعم السكر
لكن مالبث أن داهمه غراب فانك، ليكسر ضوءه ويتعثر بفعل الريح الغبراء الغريبة الحاملة معها الطاعون والطافون:
وفي رمشة عين هبت ريح فارتجت أبواب البيت
حط غراب فانك، حط غراب فانكسر المصباح
الضوء تعثر
ماذا حل بنا؟ من أي جهات الأرض تجيء الريح؟
تهدأ حيناً ثم تصبح، غبراء، غبراء مسراها
كان العراق كنخله الشامخات فغيم على سمائه دخان الحروب، وتقاذفت حمم الحقد عليه لترميه بالاسى والردى والفراق فيتهادى الأنين:
وبين المدى والردى والفراق
يئن : عراقُ، عراقُ ، عراق

من دواوينها الشــــــــعرية :
————————–
1. طفلة النخل، صدر بطبعتين الأولى، بغداد 1979، والثانية، بيروت 1981.
2. هوى النخل، بغداد، 1983.
3. الطلع، بغداد، 1986.
4. عند نبع القمر، بغداد، 1987.
5. البابليات، بغداد، 1989.
6. قمر فوق جسر المعلق، عمان، 1992.
7. شهقات، بغداد، 1996.
8. السرى لسهيل، بغداد، 2000.
9. رسائل إلى سكان الأرض، مختارات مترجمة إلى الإنكليزية، صدرت بطبعتين الأولى نيويورك 2000، والثانية، بغداد 2002.
10. هديل اليمام، مختارات شعرية، دمشق 2004.
11. تباريح سومرية، دمشق 2004.
12. ويبقى العراق، دمشق 2006.
13. – بكيت العراق – ابو ظبي 2012 م

مع شاعريتها :
————–
حيث تقول ساجة الموسوي عن توأمة شعرها في حب و تلقائية نابعة من ظلال النخيل عبق السنين منذ كانت طفلة النخلة وهوي النخيل يراودها ليل نهار :
شعري كلّه للعراق، إن أردت أن أتغزّل بحبيبي، فحبيبي هو العراق.. وإن أردت ذكر تاريخي وأهلي فتاريخي هو العراق.. وإن أردت أن أتباهى بجمالي فجمالي هو العراق.. وكبريائي هو العراق وعزّتي وغناي وكرامتي وثوبي النظيف وعطائي أكثر من أجل العراق..
«غصن عمري التوى على نخلة في العراق
فإن شاءت الريح أن نفترق
نفترق
غير أني أموت ويبقى العراق»
آخر ما كتبت في العراق؟
قصيدة «تجليّات»
… «لا أطلب الثأر حتى من الحاقدين
وأهوى بلادي
وأعشق بغداد حدّ الجنون…»
أريد القول إن القصيدة الوطنية أشدّ من السلاح على العدو.

مختارات من شــــــــــــــعرها :
—————————–

من شعرها قصيدتها الرائعة بعنوان ” و يبقي العراق !! ” حيث تسجل تباريحها بين أفنان النخيلة قصة عشق للوطن و القومية عنوان العروبة مستلهمة من التاريخ دروس من أشتات مأساة هارون الرشيد في زخم يجمع المشاهد و المواقف عند منعطف الصراع وقت الحرب و السلم فتقول ساجدة الموسوي :
أمريكا المتغطرسة الطامعة التي تشعل بؤر فتنها هنا وهناك لتسمح لنفسها بالتدخل من أجل أطماعها لا من أجل الشعوب تقول الشاعرة ساجدة الموسوي ” ويبقى العراق ” وهو عنوان أحد دواوينها الشعرية لأن الأوطان تبقى رغم المآسي ورغم الجراح يضمد جراحها الشرفاء —-
والوطنيون والشهداء الذين يأبون أن يعيث الغريب فسادا بأرضهم ونخلهم وديارهم نقرأ في الإهداء :‏
إلى كل روح فازت بالشهادة‏
من أجل العراق‏
إلى كل قدم هاجرت قسراً‏
بعد احتلال العراق‏
إلى كل نجمة سطعت‏
فوق نخل العراق‏
أقول : – سيبقى العراق -‏
كلهم يذهبون‏
ويبقى العراق‏

===
هذا وطني‏
أي روحي‏
أي شرفي‏
هل غير بلاغي هذا‏
يا هذا ماذا تتوقع‏
هل أعطيك فراتين أسيرين‏
أم أعطيك نجوم الكرخ على طبق من كهرب ؟‏
هل أعطيك نسيم الفجر إذا مرَّ‏
على غابات النخل و ضوع ؟‏
هل أعطيك مفاتيح البيت وأركع‏
اعمه في غيّك …اعمه في جورك‏
مزق ثوبك…اضرب راسك‏
لن أتراجع‏
وأقص يدي إن أجبرها الجوع‏
على التوقيع‏
أقص أصابعها‏
لكن لن أركع‏
==
لماذا بلادي تدّمر ؟‏
وشعبي العريق‏
يذل ويقهر ؟‏
أليست مساميرها‏
دقت الحرف للناس يوما‏
وقالت لكل الشعوب اقرؤوا و اكتبوا‏
وقدّمت من الطين دفتر‏
لماذا بلادي تدمر ؟‏
لماذا يجوع العراق‏
وتحت ثراه الكنوز‏
وفوق ثراه الفراتان مسك وعنبر ؟‏

أأيدي الغزاة تنير الدروب أمام الشعوب ؟‏
أم أن الغزاة‏
أتوا ينهبون‏
أتوا يحرقون‏
أتوا يقتلون …‏
أتوا يظلمون ..‏
ولكنما الله أكبر‏
على من قسا وتجبر‏

قالت أمٌّ من بغداد‏
يبدو أن الأمر عجيب وغريب‏
إن يكذب طفل نضربه على الكف‏
كي يعلم أن الكذب حرام‏
دول كبرى تكذب‏
أرأيتم تحريراً بالقوة ؟‏
ما أروع عصر الحريات‏
على ضوء قوانين الغاب‏
صورنا غي عز الغابة يا مندوب ..‏

يا يوم الفلوجة مشهوداً كنت لكل العالم‏
مرّغت بوحل العار‏
أنوف الأمريكان‏
قالوا : في الفلوجة جيش آخر‏
كان يقاتل لكن ما أبصرناه‏
أنسوا أن مع الفلوجة‏
قاتل جيش الرحمن ؟‏

قربي صوتك العذب مني‏
سأرفع صوتي‏
اسمعي شغفي‏
وهاك احتراقي‏
تقولين راح العراق‏
هم الراحلون‏
وهو باق وباق وباق‏

يا واقفاً ببابنا‏
ياقارعاً‏
لكي نفصل الكفن‏
لا ننحني‏
فما الصروف ؟‏
ما العذاب ؟‏
ما المحن ؟‏
كل يهون عندما‏
تلفنا بحضنها‏
عباءة الوطن‏

و أخيرا بعد هذه الرحلة الشعرية في عالم شاعرتنا العراقية ساجدة الموسوي فقد صارت قصيدة ساجدة طلقة وبندقية من أجل الحرية من أجل وطن عصي على الغزاة لا يطيق وقع أقدامهم ولا غرابه فهي نخلة العراق شامخة شموخ العراق في زمن محتدم بالألم والقهر . كثيف الضباب , أوحلته الخيانات وفضحت الذنوب أصحابها ..‏
نتمني أن نكون قد وفقنا في هذا المدخل البسيط الي عالمها المشحون كي نقدم مقدمات شخصيتها تحليلا من أعمالها الخالدة و التي بلغت ” 14 ديوانا ” تفيض اشراقا مع دجلة الخير و فرات العشق دائما

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى