شعر

شواطئُ النَّصرِ

مصطفى الحاج حسين

سَنَبكي ألفَ دهرٍ

على ما اقترفناهُ

من فظائعٍ لا تُغتَفرُ

بحقِّ ياسمينِ البلاد

وكانَ الياسمينُ أبيضَ

كمرايا الغيومِ

وَوَجهِ القصيدةِ

كانت بلادنا ضحكةَ الجَّنَّةِ

وملاذَ النَّدى

حينَ يَجُنُّ الاختناق

الوردةُ تنتمي لرائِحَتِنَا

الماءُ يقطرُ شهداً من هَمسِنا

والضَّوءُ يبزغُ من نبضِ أَكُفِّنا

حينَ نصافحُ وَهَجَ الأغنياتِ

كانت البلادُ تَحتَضِنُ خَصرَ الكونِ

وَتُرضِعُ صغارَ النُّجُومِ البَرِيئَةِ

من حليبِ بسمتها الضّاوِيَة

طُيُورٌ تُرَفرِفُ في فضاءِ الرُّوحِ

فَرَاشَاتٌ تُدَندِنُ اسماءنَا

وكُنَّا نُحِبَّ الصَّباحَ

وما يحملُ بِيَدِيهِ من دروبٍ

أرضُنا تَتَفَتَّحُ بأوراقِ المدى

والسَّماءُ تُمَسِّدُ بأصابِعِها

على جَبِينِ أحلَامِنَا

كلُّ هذا كانَ

قبلَ أن يَستَفِيقَ الهَلَاكَ

فجأةً .. وعلى حينِ غَرَّةِ

تَفَجَّرَت في بِلَادي رِيَاحُ الموتِ

دَوى إعصَارُ القَتلِ الرٌَهيبِ

وَصَارَ الشَّاطِرُ فِينَا

مَن يُبَادِرَ إلى ذبحِ أخِيهِ

بدونِ تَرَدِّدٍ

ويغتصِبُ طفلَةَ الزَّيتونِ

صَارَ دَمُنا أرخَصَ

مِن حِذَاءِ الشَّوكِ

حَياتنا تعبَّأت في كِيسِ قُمامةٍ

ارتَمت فَوقَ مَزَابِلِ

الاغتراب

تُجَّارُ الرَّقِيقِ يبيعونَ نَسلَنَا

والسّائِلَ المَنَوِيَ لِمُستَقبَلِنا

وأرَحَامَ اليَنَابِيعِ

في مَجلسِ الأَمنِ المُراوِغِ

فُتِحَ المَزَادُ العلنيَّ

لِشِرَاءِ قُبورٍ تَلِيقُ بِأشلَائِنَا

وَأصحَابَ السّموِّ المخنَّثِينَ

استَخدَموا حقَّ ( الفيتو )

مَمنُوعٌ على العَرَبِ أن يُدفَنوا

فِي كَوكَبِ الأرضِ

مَمنُوعٌ عَلَينَا أن يَختلطَ رَمَادِنا

بِالترابِ

وَمَمنُوعٌ على البَحرِ

أن يَتَلَقَّفَ نهايَتَنَا

لَا مَأوَىٌ لِهَذَا الانقراضِ

عَلَى السَّماءِ أن تنكُرَنَا

عَلَى الهَوَاءِ أن يُجَافِينَا

عَلَى العَدَمِ أن يَأخذَ

كُلَّ مَا يَحلَو لَهُ مِنَّا

وصَفَّقَ الجَّمِيعُ لِلمُبَادَرَةِ الجَّلِيلَةِ

لِلعَدَمِ

حِينَ رَسَت سُفنُه

عَلَى شَوَاطِئِ النَّصرِ .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى