دراسات و مقالات

رحيل الشاعرة العراقية ايمان الخطيب : ١٩٧٣ – ٢٠١٩ م

 

Image may contain: 1 person, closeup

من شعرها :

ولأنَّني ظننتُ أنَّكَ أحببتَني
قرَّرتُ الرَّحيل

الحلم ليس كافياً
لأنني أحسست بالحب على أرضك مثلَ المستحيل
قررتُ أن أمارسَ الرحيل
كي لا يغيبَ الشرقُ في بوصلتي
كي أكبح الخيالَ في أجنحتي
أخشى على هويتي
مع الهوى تميل
قررتُ أن أخلعَ كلَّ معطفٍ
نقشتُ في خيوطِهِ أمنيتي
وأرتدي الرحيل .. !!٠
——-

في البداية ان مسلسل رحيل الشعراء لا يتوقف فهو يمضي كالنهر المتدفق بلا عودة الي المجهول ، نعم لقد غيب الموت اليوم شاعرة العراق المحبة للحياة ايمان الخطيب ٠٠٠
التي شعرت بالرحيل منذ أمد بعيد كما نقرأ في شعرها الذي يترجم تباريح الهم العربي ٠٠

و من ثم تظل ربة الشعر تبث اشجانها في أشكال لا تنتهي مع الوجع و الحزن ، فكم عانقت روح الجمال كفراشة تتبختر بين الزهور تنقش بكلماته معاني و صور الحياة علي خريطة الحب أغاني للصباح برغم الصراعات التي تحدق بالمجتمع مع آلة الحرب التي طمست عنوان المكان و شردت هذا الإنسان بدون سبب ٠٠
هكذا كانت شاعرتنا المغيبة اليوم ” إيمان الخطيب ” ٠
أجل أنها ألفت طعم الفراق و الرحيل مع أحداث بلاد الرافدين وسط الأنانية المفرطة و التعدي السافر علي تراث الانسانية بلا هوادة ففرت من الحب الي الحرب تلاقي حتف الرحيل كالغريب بين شاطيء مضطرب ليل نهار ترسل ومضاتها في تلقائية الي الوجود ٠٠ مع القلب الكسير مثل كثير من معاشر الشعراء الذين مضوا ، و ما أكثرهم في ديواننا المعاصر اليوم ، لكنهم خلدوا كلماتهم المضيئة في إطار رحلة الأحزان ٠

و تقول في مقطوعة تترجم لنا خلاصة إيمانها داخل هذا الوجود بلا حدود ٠٠٠ :

كذبتَ على فؤادي ألفَ مَرَّه
وكانت حُلوةُ الأحلامِ مُرَّه

بنيتَ لَهُ قصوراً من نعيمٍ
وقد وجد المواجعَ مُستَقَرَّه

لقد حانَ الرَّحيلُ فأنتَ حُرٌّ
وجاءَ الدَّورُ لي لِأكونَ حُرَّه ٠

مختارات من شعرها :
—————————
عتابٌ على رمل الرحيل

نم قريرَ النبضِ ياقلبي الكسير
وارمِ قيدَ الحبِّ ماعُدتَ أسير

وحكايا الشوقِ لا تعبأ بها
كلُّ نارٍ لرمادٍ ستصير

كانَ فينا أثرٌ من لهفةٍ
فطواها عَنَتُ الصمتِ المرير

فخُطانا سَبقَت أحلامَنا
وعلى جرحِ خطايانا تسير

قد رَسَمنا في يدينا قدراً
وكتبنا في محيانا المصير

وخَدعنا بعضَنا في قصَّةٍ

جمعت بينَ ملاكٍ وأمير

وصحونا بعدَ عصرٍ زائفٍ
أعيناً حيرى بدمعٍ تستجير

قد نثرنا الشكَّ في أيامِنا
ومشينا فعلى ماذا نحير

ليسَ يُجدي موعدٌ مُنهزِمٌ
ما لنا منهُ سوى حرِّ الهجير

فلنَدَع كلَّ حديثٍ عن هوًى
أوَّلاً كانَ وقد صارَ الأخير

و تقول الراحلة إيمان الخطيب في قصيدتي اخري تتلألأ داخل نصها مسافات المكاشفة و تقف كالمتبتلة علي ابواب القوافي تشاهد تساقط الاوراق علي جمر الاحتراق تستعيد بقاياها في صمود مثلما كانت البدايات ٠٠٠ بعد زوبعة يارب لا تصدق في شيء مع الدجي فتنض من جديد تكتب قصة المغيب فتقول :

هو شئٌ لا يُصدَّقْ ….

منذُ أنْ وجهُكَ أشرقْ…..

اِنتهى عصرُ الفرزدقْ…

والقوافي هجرتْ أبياتها …

واستحالت أنجما….

في دجى عينيكَ عِشقاً تتألَّقْ ….

هو شئٌ لا يصدَّق …

منذُ أنْ غرَّدتَ شِعراً ….

مُزِّقَتْ كلُّ دواوينِ الهوى شرَّ مُمزَّقْ ….

أنتَ يامعنايَ يا شكوايَ يا دنيايَ

شيءٌ لا يُصَدَّق …

فأبو تمَّامَ قد شدَّ الرحالا ….

لم يعدْ إلّا سراباً ومُحالا ….

وضباباً في سما سحرِكَ يغرقْ….

هو شئٌ لا يُصدَّقْ ….

لم يعدْ للمتنبّي ..

حاجةٌ أن يتشدَّقْ …

فلقد ولَّى زمانُ الإدِّعاءات القديمهْ

إنَّهُ عصرُكَ ذا يا سيِّدي…..

إنهُ عصركَ ذا يا فاتني ….

فجميعُ الشعرِ يُحْرقْ …

كلُّ أبوابِ القوافي الآن تُغلقْ….

فبحورُ الشعرِ أضحت مستعدَّهْ….

ورمت كلَّ العهودِ المستبدَّهْ …

قرَّرت في بحرِ أنواركَ تغرقْ …

هو َ حقّاً يا ربيع الحُسْنِ شئٌ لا يصدَّقْ….

أنتَ يا مُتَّشحاً بالسحرِ حلمٌ قد تحقَّق

أنتَ شيءٌ لا يُصدَّق ؟!٠

هذه كانت بعض ظلال من لوحات شعرية لشاعرتنا العراقية الراحلة ” إيمان الخطيب ” التي كانت تشعر بالحزن و الأمل بين مسافات الرحيل فسطرت كلمات تفيض بالوجع مع رحلة العمر فتوح

قصيدته بتأملاتها الفلسفية كالفراشة الزهرة تحوم بمشاعرها الصادقة نحو عالمها المشحون بالتناقض و الصراعات فتتخذ من عزلتها كالمغني الحزين تعزف ملحمتها علي أصداء قيثارتها المحترقة لتعبر عم بداخلها في شجن مصبوغا بشتي الألوان دائما
سلاما عليها في سجل الخالدات مع الراحلين ٠٠٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله ٠

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى