دراسات و مقالات

رتوش فوق أضرحة البحر — الشاعرة المصرية صباح هادى

السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد

كم من محب لنا قد باح مضطرا بما يعانى من الأشواق ، قد هينا
ضاقت به الأرض حزنا من قساوتنا فرَدُنا قد سقاه الماء غسلينا
قد صار من بعد ما قد عز من وصل نهبا لبغض فأضحى من أعادينا
————
شاعرتنا صباح هادي – زهرة السويس – ورحيل فارسها زوجها الكاتب عصام ‏ستاتي‏.‏

فقدت شاعرتنا المصرية صباح هادي زهرة مدينة السويس زوجها الكاتب عصام ‏ستاتي‏.‏ و الباحث فى المصريات والفولكلور المصرى‏
و من ثم تقمصت ثياب الرثاء تذكرنا بالخنساء أميرة الرثاء التي جربت فقد أخويها صخر و معاوية و زوجها و أولادها الأربعة ، و منذ بضعة أيام شاعرتنا الصباحل يرحل زوجها و حبيبها و أستاذها الكاتب الكبير المرحوم ” عصام ” فتكتب فيه لوحة حزينة موشحة بلوعة الحزن و الفراق مصبوغة بالعشق و الحناء تربط بين حنين الذكريات ووجع القلب حيث البعد الذي أضناها قائلة :

أعيني جودا ولاتجمدا الأ تبكيان صريع الردى
الأ تبكيان الرفيق الجليل رفيع المقام الذى حُسّدا
عصام ومن فى الورى مثلة مهيب وقد جاوز السؤددا
ومن علمه يستقى مجده وما أدركته سهام العدا
وكان العظيم وفى بيته رقيق الحشا طيبا عسجدا
محبا عطفوفا وفى أهله لطيفا كحبات قطر الندى
ومالى على بعده قدرة ولولا اصطبارى لضاق المدى
وقلبى على البعد يهفو له فقد فارق الإلف ما عودا

و شاعرتنا المصرية ” صباح هادي ” بعد مرحلة الطفولة تنقش مسيرة الابداع الشعري منذ نعومة أظفارها فقد أهدتها ربة الشعر بجانب روعة البيئة و المكان بين ضفاف مدن القناة الباسلة – السويس – مسحة جمالية تفوح بمقوماتها الفنية المتداخلة كما نلاحظ هذا من قصائدها المتنوعة و لم لا فقد اصقلت موهبتها باستعداد منهجي تخصصي يدعم عملية الابداع فقددرست المرحلة الثانوية بمدرسة طلعت حرب بالعزيزية ثم التحقت بكلية الآداب جامعة الزقازيق قسم اللغة العربية
و تعمل مدرسة لغة عربية

و هي رئيس نادي أدب السويس – و لها حضور يجسد رؤيتها بين أروقة الثقافة و الندوات هكذا تمضي مع أحاديث الشعر كالنهر المتدفق و المتجدد بلا توقف — !!
و من دواوينها :
“رتوش فوق أضرحة البحر ”

” مع معارضتها لنونية ابن زيدون – 35 بيتا ” :
————————————————–
و قد استوقفتني قصيدتها الرائعة التي تعارض فيها نونية ابن زيدون الوزير العاشق في أرض الأندلس ذالكم الفردوس المفقود لكنها تربط الماضي بكل اتجاهاته بمسحة من العصر و روح المدنية في موازنة بديعة شكلا و مضمونا تستحضر و تستلهم قيم الجمال التي تعكس ملامح حياتنا المركبة بكل أطيافها في تفرد بهيج يفتح مسارت العشق و الجمال و التجليات الاشراقية بين حنين و أنين تضفي موسيقي الشعر أحلي و أعذب الألحان مع الصورة الخيالية التي تنظمها كالعقد في جيد الحسناء بلغة و بيان لوحة تستحق الدراسة و التحليل تفسر ظواهر المكنون بمشاعر بلا حدود !!.

مع معارضة نونية ابن زيدون للشاعرة /صباح هادى / زهرة السويس :

علقت قلبى على الأبواب مسكينا
ما جاء رد لهذا القلب يحيينا
هل جاء عيد يكفكف دمع أعيننا ؟
لا ، لم يجئنا فمال الحِب قالينا ؟
أجريت دمعى دماءً علكم تجدوا
صدق المحبة جهرا حاضرا فينا
وأحرق القلب أزكى ناره عمدا
أرعى الدخان الذى حتما سينجينا
كى لا تروا ما بنا من حبكم يخفى
كى لا تضيعوا الهوى من بين أيدينا
أحنو وأرخى جناح الذل مغتبطا
أصفو وأعفو لعل الحب يهدينا
فيا ضنينا وقد قتّلتنى شوقا
ضيعت فى الهجر أرواح المحبينا
دنياك فى العشق سحر كيف ندخلها
والوصل حلم شديد البعد يعيينا
نأيت عنا وقد روعتنا شغفا
فما وصفنا الذى حقا سيردينا
آثرتُ رغم الجفا أن تستحل دمى
فما لنا غيركم فى الحب يرضينا
كم من محب لنا قد باح مضطرا
بما يعانى من الأشواق ، قد هينا
ضاقت به الأرض حزنا من قساوتنا
فرَدُنا قد سقاه الماء غسلينا
قد صار من بعد ما قد عز من وصل
نهبا لبغض فأضحى من أعادينا
فما أنلناه منا ما تنال وما
نسينا من كثرة الإبعاد ناسينا
ولا طلبنا غراما نستطب به
وما أردنا سواكم كى يداوينا
وقد حفرنا هواكم فى القلوب فما
عنكم سواكم محبا سوف يغنينا
أجر حبيبا كسير القلب دونكموا
مسترحما قلبكم بالهجر ما دينا
مستسلما زاهدا أبلى العيون جوى
ما ظن أن النوى يوما سيفنينا
حسبت أن المنايا ليس تمنعكم
عنا ولا كثرة الاغيار تقصينا
صدقت قول الوشاة المغرضين بنا
وما أطاحت بكم أقوال واشينا
خبئتكم فى العيون الناعسات كما
تخبئ الأم طفلا عاش معيونا
قد خفت من حاقد يسعى ليحسدنا
فعشت درويشكم أفدى العرانينا
خاصمت طيفى إذا ما زاركم دونى
وكل أنثى إذا أحيت بكم لينا
قبل التقائى بكم والغل يعلونى
هل لا مست قلبكم أنثى تدانينا
أم هل رأيتم جمالا قد أباح لكم
ما قد أردتم فهذا الأمر يشقينا
غيرى أنا من كتاب فى يديك بدا
ومن جليس وقد جالسته حينا
من كل أمر عنيد سوف يشغلكم
عنى وعن حبكم فالعند يضنينا
هلّا أتيتم كفانا ما أحاط بنا
من العقاب الذى أدمى ليالينا
عاقبتمونا عقابا قد أضر بنا
وما رعيتم لنا إلاّ ولا دينا
لأجل أمر بسيط كدت تقتلنا
هجرا وصدا وتعذيبا وتحزينا
لأننى خفت أن تحظى بكم غيرى
وما انتظرت البلايا أن تواتينا
32 غيرى وما ذنب قلبى إذ أضر به
عقل كئيب كثير الظن يبكينا
قد ضاق من كل أنثى قد بنيت بها
فحيثما كنت تشتَمُّ الرياحينا
مثلى يقينا يجن العاشقون بها
لكن ما بيننا يعيى المداوينا
إذا لا أطيق الوداع الشوق يغمرنا
دوما إليكم ولطف القرب يغرينا

هذه كانت جولة سريعة في عالم شاعرتنا صباح هادي – بنت مدينة السويس الباسلة علي صدي أنداء رحيل فارسها وزوجها و معلمها الكاتب الكبير عصام ستاتي‏.‏
فقد قدمنا بعض سطور من شعرها في رثاء الزوج و هي تذكرنا بالخنساء أميرة الرثاء العربي بجانب ملحمتها النونية التي عارضة فيها الوزير الشاعر العاشق ” ابن زيدون ” لكي تربط الشرق بالمغرب العربي الكبير في استحضار لوحة فنية تراثية تصورها الأنثي كما صورها الرجل من قبل عبر العصور فتعد قصيدتها من عيون قصائدنا الشعرية في فن المعارضة بمقومات المرأة التي تزاحم شريكها في كافة ملامح الحياة دائما .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى