قصة

رأفة

المختار حميدي خالد

جلس بجانب الباب المتهالك، يلملم جرحا.. يكفكف دمعا.. يهدهد طفلا و..ينظر إلى سماء مكفهرة، سحبها القاتمة تحجب أشعّة الشّمس، وليلها الطّويل يأبى الرّحيل، وصقيعها مازال يكشف الأنفاس االاهثة .. ترتعد فرائصه فيلتفت يمنة ويسرة كالمفزوع المفجوع.. عيناه الشاردتين .. تحملقان في كلّ شيء، وفي اللاّشيء، وقد أصابهما داء البلاهة، فتساوت فيهما دمعة، وابتسامة، و ارتسمت تحتهما ندب حفرتها أيادي الإثم بانين الألم، وحزن دفين على ضياع وطن.
مرّت السّاعات سريعا و تعاقبت الأحداث متدافعة كشريط سينمائي حافل باللحركة غني بالعنف .. مرعب في تسلسله.. لم يعد يشعر بشئ حوله، فقد سلب عقله ذالك اللّمعان الخاطف الّذي كان يخطف الأبطار، ويغطي أزيزه الهادر عن كل صوت.. فقط شيء واحد كان يشدّه إلى الواقع .. ذلك الجسد الدّافئ الذي كان يحضن.
كان كلّما خطف خاطف ، زاد بذلك الجسد إلتصاقا، بل حاول احتواءه ليحمي عينيه الصغيرتين من ذلك الوهج القوي، ويحفظ قلبه أن تخط يد الغدر على تلك الصفحته البيضاء سوادها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى