دراسات و مقالات

خطوات أنثى الشاعرة الليبية رُدينة الفيلالي

السعيد عبد العاطي مبارك 

” وتَبْقى عيناك للشعرِ جداولَ وأَنهار
وأعِدُك طفلتي مهرةَ خيالاتي
أنْ تبقى عيناك سيدةَ كلماتي
فقد تعِبْتُ وأعرِفُ أنك مُتْعَبةٌ مولاتي
من أناسٍ يَضعون الحب في خانةِ الشهَوَاتِ
دَفَنو في فؤادِ حبيبتي ملايينَ الآهاتِ … ” .
——– 
سأناضل من أجل الموجِ الأسمر
أقطفُ طيبَ الكرز الأحمر
وإن واجهتني أناملك أقبلها
ودون الخمر من عينيك أسكر !!.
اعترافات متيم … 
و مازال نهر الشعر يجري عذبا رقراقا بين أودية الوطن العربي الكبير من المحيط الي الخليج بكل أطياف القصيدة القديمة و الحديثة في تناغم و تلاقي يحكي عبقرية الانسان بين ظلال المدن التي تعج بقضايا الحياة . 
و المرأة تحمل دلالات الحياة بكل مقوماتها و خصائصها فتنخرط في التعليم و العمل من أجل مشاركة فعالة في صنع الحياة و تحمل قضايا المجتمع و يبقي الحب هو عنوان الأنثي في مسارات و تحولات شتي الاتجاهات تبحث عن الخلاص من خلال تجربتها الابداعية ورؤيتها الثقافية الفنية للفصل في الصراعات كي تهدأ زوبعة الواقع تنشد الكمال و الامن و الاستقرار !.

و من ليبيا الحبيبة وحاضرتها الرائعة الجميلة ” طرابلس ” نتأمل واحة القصيد مع زهرتها اليانعة شاعرتها ” رُدينة الفيلالي ” و التي تغازل بشعرها و مشاعرها المسافرة مع رحلة الصباح و المساء في جرأة تسطر ملحمة الحب تدافع عن قضايا المرأة العربية .
تحكي لنا مدي تعلقها بنسيم الروح و الصبا و عشق الصحراء و غزالتها التي تنشد الجمال بعبق التراث و معالم الحقيقة تتلألأ علي خذودها مع نقوش الزمن فتقول في مقطوعة رومانسية تفوح بمعطيات زوايا راكدة تستسلم للهموم تهجر ليالي الفرح فتعود ناهضة من جديد كالجواد المنتصر و هي تمتلك لغة معبرة أضف الي الصور الفنية البديعة و موسيقي الهمس التي توازن بين البناء الفني لدور القصيدة المفعمة بالغزل في تراتيل بين حنين و ذكريات تطوف بنا هكذا … 
فتقول :
يا نسيم الروح قولي للرشـا 
لم يزدني الـِورْد إلا عطشـا
لي حبيب حبه وسط الحشا 
إن يشأ يمشي على خدي مشى
روحه روحي و روحي روحه 
إن يشأ شئت و إن شئت يشاء 

ولدت الشاعرة الليبية رُدينة مُصطفى الفيلالي، عام 1981م بمدينة طرابلس ليبيا .
نالت إجازة في الأدب الإنجليزي وبكالوريوس في العلوم السياسية، تنقلت من بلد إلى بلد مع والدها مصطفى الفيلالي بحكم منصبه الدبلوماسي. 

من دواوينها :
======= 
= ديوان بعنوان ” خطوات أنثى ” . 

فشاعرتنا تعيش الصراعات و النزاعات و قضايا الوطن لكنها تحلم بالحب الذي يجمع شتات الغربة و يعيد للفارس العاشق لياليه بين أحضان الموطن العبقري ، تغني للعشق في رومانسية تغسل الحيرة و القلق من خلال قاموس الحب الذي تتفرد بصوره الفنية في لوحات تنطق بدلالات النص الموشي بزخرفة الجملة المفعمة بالحب و الجمال فتقول :
أحبّك أحبّك
يا حبيبتي أحبّك 
يا جميلتي فأنت دنيتي
وآخرتي بدايتي ونهايتي
أحبّك يا آية في الجمال أحبّك
أحبّك يا بديعة خلق الرّحمن 
يا أحلى ما في الأكوان
ويا أغلى عليّ من كلّ إنسان
وسأظلّ أحبّك ما دام 
في قلبي نبض وخفقان
يا من في هواك أنا تائه
وبعشقك والله ضائع
ولكلامك دائماً سامع
ولشوفك دائماً ناطر
وبغيابك يا دوب صابر 
صليني، كلّميني، خذيني
إلى دنيا الأحلام 
دنيا العشق والغرام
حيث لا أحد سواي وسواك

من شــــــــعرها :
—————- 
تقول الشاعرة الليبية (رُدينة الفيلالي ) في قصيدتها ذائعة الصيت و الشهرة و الرائعة تحت عنوان ” وسائد وشراشيف ” تنادي الحبيب كي يدنو و يترك الهموم و المتاعب و يأتي بين ظلال الحقول يداعب وردته و تلومه شوقا كيف يبات مشغول عن الحب بنزاعات تقتل الحلم في الصبا و العمر يتساقط كأوراق الشجر دعوة للتفاؤل : 
مشغول بأي شيء مشغول
وعطرها يفوح منك كأريج الحقول
فاجأتك أم أني أبكرت الوصول
لتضع يدك على الباب وتمنعني الدخول
لملم كلماتك أيها العابث المسطول
أحمرها في شفتيك على وجهك المبلول
وأزرار قميصك منزوعة وأنت ….. أنت مشغول
متسولة تلك التي معك ، أم بائعة جسد تجول
أم أنك أحضرتها من الطرقات لتثبت
رجولة العجول
أنا التي أفنت العمر معك بكل الفصول
أنا التي أحبتك علمتك ماذا تقول
وجئت اليوم لتكذب علي وتمنعني الدخول
عد إلى أحضانها وأكمل المسرحية بكل الفصول
فمسرحية الخيانة أبطالها
أناس سلبت منهم العقول
يمارسون الحب على الأرصفة
في الحانات بين السهول
لكنك اخترت مكانا وفقا للشريعة والأصول
حيث كنا سويا وكنت في الحب خجول
والآن أراك أسد تصول ….. تجول
وملامحك تدل فعلا أنك مشغول !
العرق يتصبب منك كمحتضر ضعيف
وأنا أتساقط ألما كورق الخريف
لم بعتني واشتريت الغرائز والتخاريف
لم خذلتني ، جمعتنا في هذا الموقف السخيف
الحب أيها الخائن طاهر شريف
وحبك …. حبك وسائد وشراشيف
عد لها وأخبرها أن النساء جنس عفيف
لايبعن جسدا من أجل ماء ورغيف
أخبرها أنك إنسان كفيف
لم يبصر الحب يوما لان ضبابه كثيف
وأعود أنا وجرحي يكسوه النزيف
تاركة ورائي شبابي ….. أيام الخريف
لأدفن بيدي حبي الطاهر الشريف
كما يدفن الشهيد في ديننا الحنيف

و ها هي تتغني في قصيدة أخري تنساب كاللحن الجميل في مشهد عصفورة يداعبها الشوق و الحنين في عفوية حيث الشعور و موج البحر و النحل يقبل وجه الزهور ترسم لوحة فنية تعكس حالتها الرومانسية مع الطبيعة بعيدا عن الاوجاع و الصراعات تنتظر الحلم الجميل بين غفوة و صحوة فتقول :
بين ذراعيك أغفو كالعصفور
تعبث بشعري فأذوب أنا ويشتعل الشعور
ترمي أطرافه على وجهك تصفه بموج البحور
وتقبله كما يقبل النحل وجه الزهور
أيا رجلاً انتظرته بشوق منذ عصور
وبات قلبي بلا عينيه قصراً مهجور
حبيبي نحن قلب روح ملامح إنسان
نتحاور بالعيون لا باللسان
فلغة الحب ترسمها شفتان
ذاقتا لوعة العشق نزف الأجفان
عرفتا لهيب الشوق طعم الحرمان
صاغت بتنهداتها أعظم ألحان
فجسد العاشق يصبح بركان
إن داعبه الحبيب ولو بالبنان
ضمني أدخلني مدن الأحلام
من ثغرك اسقني شهد الغرام
طوقني حبيبي فمريرة هي الأيام
لم يعد على الأرض خير أو في الأرحام
أحتاج إليك حبيبي كما إلى الأمومة يحتاج الأيتام
أحتاج إليك حبيبي لأقتحم باكورة الأيام
فإن شط بينا الهوى أسمعني تراتيل الهيام
واجعل أصابعك تخطو على جسدي كالرّهام
لتلملم مافي الروح من حطام
وترفق…ترفق…بطفلة في عمر السلام
سلمتك نفسها بكل براءة واحتشام 

و نختم لها بترانيماتها التي تعلو مع نفاثات صدرها المكلوم تعانق الهوي في جرأة بعد ما أصاب عواصمها من فتور توزع الأقحوان علي مجالس وفودهم بعطر كلماتها الساحرة فتفتح صفحات الأشواق من جديد و تتجاهل موسم النسيان و تحصد الحب في كؤوس النور فتقول :
ضريبة ُ الحب في عواصم ِ اللا حب و اللا إنسان
ليس ذنبَك بل ذنب ُ حُسْنِك الفتان ..
الذي اْغتالَتْه شهوة ُ الأَبْدان
ليس ذنبَك بل ذنب ُ الأُقْحُوان ..
الذي يَلْبَسُك كما تَلْبَسُ المغفرة ُ حروفَ القرآن
ويضُمك كما يضمُ العطرُ
حنايا البنفسج ِ والريْحان ..
أيا حورية ً من جِنَانِ الرحمان ..
كفى صغيرتي تورمت فيك الأجفان …
و إنْ كان الرداءُ تمزقَ إلى الجحيم ِ ولْتأكُلْه النيران ..
وإن قابلك بالصد والرفض والنكران
وأقسم على العِفةِ كما يُقْسِمُ السكران ..
بأنه لم يَرَك قبلَ الآن َ
ولم يدخلْ يوما ً هذا البستان
و بأن شَهْدَك ِ مريرٌ بعد أنْ طالَتْه البَنَان ..
فلا تبالي يا صغيرتي لا تبالي
فهذه طبيعة ُ الإنسان ..
في الظلمةِ يَنْهَشُ اللحمَ
وفي النورِ يَحْتَرِفُ النسيان

و بعد رحلة شوق و عشق للزمان و المكان و عنوان الانسان الصراعات التي شوهت كل القيم و المعاني من أجل أوهام تسطر لنا شاعرتنا الليبية (رُدينة الفيلالي ) بوح مشاعرها التي صورتها بصدق أحاسيسها فهي المخلص من عذابات الروح تداوي جروح الواقع بورود الحب دائما .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى