خواطر

خاطرة بقلم تقى شهير

لا تحدثني عن الحسابات أو كم أصبح الوضع مزرياً و لا تريني عواقب ما ستؤول إليه الأمور التي بالطبع ستكون للأسوأ، فكل ما حولي يشير إلى ذلك. أنا أكثر واقعية منك و ربما سأغلبك في أفكارك و سأضع لك ميعاداً مستنتجاً لنهايتنا الحتمية حيث لا فرار فدعنا نشرب السم في هدوء في أقرب وقت..بل الآن و ننتظر موتنا ببطئ بعد أن نتألم قليلاً لكنه أفضل من الألم على المدى الطويل على أية حال…
بل حدثني عن نيفرلاند و مدينة العجائب و ما وراء البحار..عن الشجرة التي تنبت عصير التفاح و عقلة الإصبع و القصور على السحاب و الجنيات الصغيرة و حوريات البحر. ربما أؤمن بالنهايات السعيدة و أبحث عن العصى السحرية بداخلي فأبعث فيك سحراً يديم على وجهك الابتسامة لساعات. حدثني عن التلال و الصحاري و المطر و عجائب الدنيا السبعة و المحيطات..عن السماء و جو الربيع و جمال الورود. ربما سأتحرق شوقاً لأسوق دراجة و سأعد سباقاً لثلاثين شخصاً و نزهة فورية و معسكراً في الصحراء و إجازة على البحر. حدثني عن الخيال العلمي و المركبات الكيميائية و علم اللاهوت و الأديان السماوية و اللغات و البرجمة و الفنون. ربما سأنهي مقرري الدراسي لفهم شئ ما و سأقلب كيان هذا الدرج الرث و أصلح لعبتي القديمة و حقيبتي التي تلفت و أعيد رص الكتب على الرف و أستخدم البخور من جديد. حدثني عن الرسم و الغناء و العزف و أنواع الموسيقى و الرقص و الكتب و نزهة الفلوكة و الفلكور الشعبي بالنوبة و احتفالات الصعيد و الكرنفال الهندي للألوان. ربما سيتحسن الوضع و سأحرص على تجربتها كلها بلا استثناء. حدثني عن الاستيقاظ مبكراً لاحتساء القهوة بالشرفة مع رفيق و حديثي مع أمي قبل الفجر و الرسالة التي تأتي على سهوة و حضن الصديق الذي لم أراه لوقت طويل..عن العيد و الهدايا و آخر يوم في الامتحانات..عن عُرس قادم و فساتين و حفلات رسمية و ميعاد بالچيم. ربما ستعود لي طاقتي لأتحدث و صبري لأجادل و حلمي لأصلح ما أفسده الغضب و إصراري على الخروج سوياً حتى أنني أنتظرك تحت منزلك فلا تتأخر. حدثني عن المعجزات و الصابرين..حدثني عن اللّه..دعني أحاول..دعني أكسر ما يبنى من حواجز..أجعلني أقوى من الأحداث و الأحاديث. ربما سأكون المعجزة القادمة و النور الذي يتخلل العتمة و لا تخبرني أنه قطار آتي من بعيد. ربما سأغلب الحزن و أصنع المجد…ربما سأعيش..فقد أشتقت للحياة فدعنا نستخدم سمّك لصنع مصيدة للفئران في منور منزل جدتك القديم و لا تزد على القلوب قلباً آخر مستعد للتحجر و الموت جفاءً فما لدي يتحرق شوقاً للنبض و لن أمنعه على أية حال..كما أن الفئران زادت بالمنور و يجب علينا وضع حداً لهذه المهزلة!!!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى