قصة

خارج السرب

غدير محمد وليد عبارة

مازال ذاك النهار محفورا في ذاكرته …يوم حمل إعاقته لأول مرة واضطر للتعايش معها …كلما جلس مع صغار الحي يحكي لهم الحكاية قائلا : في يوم مشمس كان ثمة عش صغير على إحدى أشجار الغابة …داخله مجموعة من فراخ الطيور كانت الأم سعيدة جدا بأطفالها …ذات صباح غابت الأم ذهبت لتحضر الطعام …فجأة هاجم العش صقر ضخم …خافت الصغار …وحده فرد جناحيه الصغيرين وحمى البقية من ذاك الهجوم ….وقع لتستقبله الأرض غاب عن الوعي …مرت ساعات كثيرة قبل أن تعود الأم لتراه ملقى تحت الشجرة ….جزعت وملأ صوتها الآفاق …حملته وطارت به عائدة إلى العش ..عملت جاهدة ليستعيد صحته ….استطاع بعد مرور وقت كثير أن ينتصر على الموت …قدر له البقاء على قيد الحياة ولكن ؟؟
اكتشف أن جناحه لن يساعده على الطيران ثانية …كتم حزنه في قلبه …كان يرى انكسار قلب أمه عليه ويأبى أن يعترف بعجزه ….كانت الأم تدرب باقي أخوته على الطيران …تعلمهم كيف يفردون أجنحتهم الصغيرة ويطلقونها للريح ….تخبرهم كيف يتعاملون مع الحياة ليصبحوا أقوياء ….
كل يوم يحلقون مع أمهم ويتركونه داخل العش يحاول أن ينتصر على ضعفه …يحاول فيقع ….يصرخ فيرد الكون رجع صراخه …في المساء يعودون ….يحملون إليه الطعام …يتناول طعامه ويراهم يستسلمون للنوم يداعب جفونهم الصغيرة ..يقترب من أمه يرجوها أن تخلد للنوم وسيقوم هو بالحراسة …يدرك أنها بحاجة للراحة ….يمضي ليله ساهرا يفرد جناحه السليم يحمي به أخوته ….
بمرور الوقت اكتسبت الصغار المقدرة على الطيران باتت تحلق لمسافات بعيدة …كبرت الصغار وكبر من كان يبيت ليله ساهرا ليحميهم ويحمي أمه …
يخبرونه عن خريف قادم ورحيل محتوم يؤكدون له أنهم سيفردون أجنحتهم ليطيروا به معهم …يبتسم لهم …يسرح بنظره بعيدا 
جاء الخريف …كل الطيور هاجرت أعشاشها ….العائلة أخذت قرارها ….طاروا بعيدا وتركوه وحده مع جناحه المهيض يبكي عجزه ….
هناك يا أولادي هل ترون ذاك السرب ….طاروا هناك وبقي هو هنا يحكي للريح والمطر حكايته كل يوم 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى