خواطر

حِينَ وَجَعٍ

عامر الساعدي

حِينَ وَجَعٍ، ثَقَبَ الوِسَادَةَ ، حِينَها أَدرَكتُ أَنَّ الغَفوةَ حَمَاقَةُ العَاشِقِ، حِينَمَا يُمسِكُ بِزِمَامِ الوِسَادَةِ، يَعِيشُ أَحلَامَ الخُرَافَةِ، مِثلَ سَعِيدٍ يَتَأَمَّلُ الحُلمَ بِتَابُوتٍ، فِي حُزنٍ مُعَتَّقٍ أَنشَطرَ نِصْفَينِ، لا أبَالي أَقُولُهَا كُلَّ مَرَّةٍ، صرتُ أَفهَمُ تنَاقُضَ النُّورِ وَالظُّلمَةِ الضَّوءِ وَالظِّلِّ ، لَمْ يَبْقَ ثَمَّةُ شيءٍ، اللَّحظَةُ فَوْقَ جَبِينِي، مِثلُ عَقرَبٍ يَلسَعُ صِغَارَهُ ثُمَّ يَشتَهِي شُربَ السَّمِّ، ثُمَّ أَدرَكتُ أَنَّ الظُّلمَةَ نَزفُ خَوفٍ ، رَعدَةُ سِجِّينٍ، هَمسُ صَوتٍ مُخِيفٍ شَلَّالُ رَعبٍ، آهَةٌ بِبَلْعُومِ ثُكلى ، أَبوَابُ تَفَتُّح وتُغَلّقُ، مَخَالِبُ سَوْدَاءُ، تُثْقِبُ ذاكِرتي وَتَلَهَّو بِأَعْصَابي ، مِثلَ سَمَكَةِ قِرشٍ تَحبِسُ بِأَسنَانِهَا النَّومَ ، وتَعَلُّقُ عُيُونَها، على شَبَكَةِ الصَّيَّادِينَ الغُرَبَاءِ، حِينَ وجَعٍ، قَهْوَةٌ مَرَّةٌ على رُوحِ شَجَرَةٍ ألِيفَةٍ ، تَعِيشُ بِشَوَارِعَ مُثَلّجَةٍ، تُمَارِسُ العَادَةَ السِّرِّيَّةَ بِغُصَّةٍ. على مَرآى الفَرَاشَاتِ المُعَلّقَةِ، خَافِتَةِ الأَصوَاتِ، عِندَ مُنتَصَفِ اللَّيلِ ، حِينَمَا تَنشَطِرُ بِالضَّوءِ إِلى نِصفَينِ، حِينَ وَجَعٍ، نَزفُّ خَلفَ اِبتِسَامَةِ عَجُوزٍ ، بِوَجهٍ تجَعَّدَ وهُوَ يُدَخِّنُ غليونَهُ ، بِتَوقٍ يَشْم دُخَانَهُ وَيَبتَسِمُ ، وهُوَ يَضَعُ عُنقَهُ بَينَ رُكبَتَيهِ لِيُجَفِّفَ الحُزنَ في الظَّلَمَةِ ، قَبلَ أَنْ تَنهَارَ عِندَ صَخرَةٍ بِلا قَلبٍ، تَنْتَصِفُ البَحرَ لِتَمُوتَ، لِتَتَحَوَّلَ إِلى رَملٍ في القَاعِ ، حِينَ وجَعٍ تَسَكعتُ بِمُنتَصَفِ اللّيلِ، أَبحَثُ عن نَجمَةٍ خَرَجْتْ مِن السَّمَاءِ ، جَلسَتُ عِندَ الرَّصِيفِ، أعَدُّ ثُقُوبَهَا المُهتَرِئَةَ ، وأنَا ألثِّمُ أصَابِعي الغَامِضَةَ ، وبِإِتقَانٍ أَفتَحُ دَفتَرَ مَوَاعِيدي ، كَي أوجُجَ مَشَاعِري بِالظّلمَةِ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى