دراسات و مقالات

ثلاث قصائد الي عكا الشاعر راشد حسين 1936 – 1977 م

تغريدة الشــــــــــعر العربي السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد

رحلة مع عكا عروس البحر — !!
حلم الرعاة ورقصة الريحان و الارض الندية

وسنابل القمح الخجولة في ملاءتها البهية

ورحيق ازهاري, واحلام الشباب العسجدية

هي كل ما عندي … فهل ترضى بها عكا هدية

يا حلوة البسمات يا عكا ! رو يدك يا طهورة!

البحر قبل راحتيك , و جاء يسألك المشورة
” من قصيدة : عكا و البحر ”

——————-

و من ثم نمضي مع عاشق عكا من خلال رسائله الشعرية الشاعر راشد حسين 1936 – 1977 الذي يعد رمز من شعراء المقاومة الفلسطينية في شمال فلسطين وهم شعراء فلسفة التحرر الوطني والكفاح المسلح.

نبذة عن عكا :
————-

ان مدينة ( عكا (:
هي من أقدم وأهم مدن فلسطين التاريخية، تقع
على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. تبعد عن القدس حوالي 181 كم إلى الشمال الغربي. وتبلغ مساحتها 13.5 كم2، كما بلغ عدد سكانها حوالي 46 ألف نسمة في عام 2008.
تأسست المدينة في الألف الثالثة ق.م على يد الكنعانيين (الجرشانين)، الذين جعلوا منها مركزاً تجارياً ودعوها باسم (عكو) أي الرمل الحار.
أصبحت بعد ذلك جزءا من دولةالفينيقيين، ثم احتلها العديد من الغزاة كالإغريق والرومان والفرس والفرنجة الصليبيون.
دخل العرب المسلمون عكا سنة 636 م / 16 هـ بقيادة شرحبيل بن حسنة. وفي سنة 20 هـ أنشأ فيها معاوية بن أبي سفيان داراً لصناعة السفن، ومنها انطلقت أول غزوة لجزيرة قبرص عام 28 هـ. وتوالت عليها الأحداث على مر التاريخ، ومن أشهر حكامهاأحمد باشا الجزار. بلغت أوج مجدها عام 1799 م عندما أوقفت زحف نابليون الذي وصل إليها بعد أن احتل مصر، وساحل فلسطين، وحاصرها مدة طويلة ولكنه فشل في احتلاها بفضل صمود أحمد باشا الجزار، فتلاشت أحلام نابليون بالاستيلاء على الشرق، وسحب جيوشه
وتُعتبر عكّا ذات موقع اقتصادي وتجاري بفضل مينائها الذي يُعَدّ من أهم وأقدم موانئ فلسطين التاريخية لصيد الأسماك، كما تُعتبر ذات موقع أثريّ مهم. فهي تحتوي على العديد من الآثار والمعالم والأماكن الأثرية القديمة من غالبية العصور التّاريخية. فهناك السّوق الأبيض وحمّام الباشا وخان العمدان والقلعة وأسوارها الحصينة والممرّ الألماني وجامع الجزّار وغيرها.
تُعد عكا مدينة كنعانية ثم فينيقية، ومعنى الاسم (الرمل الحارّ)، وجاء في معجم البلدان (4/144) من القبائل الكنعانية التي نزلت بلاد الشام-الجرجاشيون، وكانت منازلهم شرقي بحيرة طبريا – وقد ذكر بعضهم انهم هم الذين أسسوا عكا.[20] اُطلق عليها زمن الإغريق وفي فترة حكم تلمي الثاني (Ptolemais) نسبة إلى بطليموس. أما في العهد البيزنطي فقد أطلق عليها اسم (سامريتيكا) نسبة إلى السامرة. وزمن الحكم الصليبي سميت (سانت-جون- د إكار) وبقيت كذلك حتى استرجعها المماليك بقيادة الأشرف خليل بن قلاوون سنة 1291م، وعاد إليها اسمها الأصيل عكا و نذكر احمد باشا الجزار تاريخ و تجربة رائدة في هذا الحصن الخالد —

و ما أكثر شعراء المقاومة و الصمود و نحن نذكر ابن عكا محمود درويش خط سير كفاح بالكلمة و الطلقة معا —
و شاعرنا عاشق للاغاني التي تعكس حلم الثوار الذين ينتفضون من اجل الحرية و التضحية و السلام فيقول :
بالأغاني حَرّروني

بالأغاني اعتقلوني

بالأغاني

قائلُ الشعر مُغامرْ

وأنا شِعرٌ

وكلّ الناس في عَينيَّ شاعرْ

جَرِّبوا أَْن تقتلوني

أبداً لن تجدوني

بأغانيَّ، أنا أقتل عرشاً

وعلى ذوقي أنا، تمشي الأغاني

فلتكنْ حرب أغاني

بالأغاني/… سوفَ أغتالُ أغانيكم

جميع الكذبِ فيكم

مع عاشق عكا راشد حسين :
————————–
ولد عاشق عكا الشاعر راشد حسين في قرية مصمص من قرى أم الفحم سنة 1936، وانتقل مع عائلته إلى حيفا سنة 1944 ، ورحل مع عائلته عن حيفا بسبب الحرب عام 1948وعاد ليستقر في قرية مصمص مسقط رأسه .
– واصل تعليمه في مدرسة أم الفحم ، ثم أنهى تعليمه الثانوي في ثانوية الناصرة .
– بعد تخرجه عمل معلماً لمدة ثلاث سنوات ثم فُصل من عمله بسبب نشاطه السياسي .
– عمل محرراً لمجلة “الفجر” ، ” المرصاد ” والمصوّر ، وكان نشطاً في صفوف حزب العمال الموحد .
– ترك البلاد عام 1967 إلى الولايات المتحدة حيث عمل في مكتبة منظمة التحرير هناك ، وسافر إلى دمشق عام 1971 للمشاركة في تأسيس مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، كما عمل فترة من الزمن في القسم العبري من الإذاعة السورية .
– عاد إلى نيويورك عام 1973 حيث عمل مراسلاً لوكالة الأنباء الفلسطينية ” وفا ” .
– توفي في الأول من شهر شباط عام 1977 في حادث مؤسف على أثر حريق شبّ في بيته بنيويورك ، وقد أعيد جثمانه إلى مسقط رأسه في قرية مصمص حيث ووري هناك .
– منح اسمه وسام القدس للثقافة والفنون في عام 1990.
من أعماله:
– حاييم نحمان بياليك – نخبة من شعره ونثره – ترجمة – تل أبيب ( 1966).
– مع الفجر – ديوان شعر ( 1957 ) عدة طبعات بعد ذلك .
– صواريخ – ديوان شعر ( 1958 ) عدة طبعات بعد ذلك .
– أنا الأرض لا تحرميني المطر – ديوان شعر ( 1976).
– قصائد فلسطينية – بيروت (1982).
– ديوان راشد حسين – الأعمال الشعرية الكاملة – بيروت.
مختارات من شـــــــعره :
———————–
يقول شاعرنا راشد حسين في قصيدة رائعة بعنوان ( عكا والبحر ) حيث يصور تاريخها و تراثها و صمودها و جمالها و يعكس ملامحها مع سنابل القمح الخجولة و الريحان و براءة الطفولة وأغاني البيادر و كفاح الرجولة :

الى الاصدقاء الذين عرفتهم عكا

حلم الرعاة ورقصة الريحان و الارض الندية

وسنابل القمح الخجولة في ملاءتها البهية

ورحيق ازهاري, واحلام الشباب العسجدية

هي كل ما عندي … فهل ترضى بها عكا هدية

يا حلوة البسمات يا عكا ! رو يدك يا طهورة!

البحر قبل راحتيك , و جاء يسألك المشورة

فهو الأمير أتاك يخطب ود قلبك يا اميرة

رفقا به و بقلبه ! لا تجرحي أبدا شعوره!

أرأيت سورك هازئا بالبحر لم يأبه لحبه

حتى خرجت اليه أنت لتسمعي خلجات قلبه

أم قد رفضت رجاءه , فخرجت ثائرة لحربه

فبنيت أبياتا على كبد الرمال لقطع دربه؟
اني لأخشى ان رفضت مشاعر البحر النبيلة

ان ينثني كبرا ويخطب قلب جارتك الجميلة

وجمال حيفا ان تكن نقضته نسبتك الاصيلة

فثراؤها نسب يشرفها , ويكرمها فضيلة

العفو يا عكا فما قولي سوى خطرات شاعر

ما كنت سمسارا لحب البحر مأجور المشاعر

فتقبلي من قريتي العزلاء رائحة الأزاهر

و وداعة الأطفال طاهرة , و أغنية البيادر

و ها هو يمضي فارسا مع قصيدة ( رسالة من المدينة ) يبث فيها لواعج أشجانه و آمال الطفولة مستلهما معاني الخير الغائب متمنيا حلم العودة و مصرحا بكل جمال التراث ورائحة الارض و الزيتون حيث يقول راشد حسين فيها :

وأذكُرُ أنَّكِ كُنْـتِ طَرِيَّـة

وشاحاً على دَرْبِ رِيحٍ شقيةْ

تلمّيـن معطفَـكِ الفستقي

على كنـزِ قامَتِكِ الفستقيةْ

وقلتُ أنا : مرحباً .. فالتفتِّ

وأمطرتِ ثلجاً وناراً عَلَيَّـهْ

وكانتْ رموشُ النجومِ بعيداً

تُحاولُ جَرْحَ الغيـومِ العتيةْ

وكنتِ بِحَرْبَـةِ رِمْشٍ طَرِيٍّ

تُريدين جَرْحَ معاني التحيـةْ

وَسِرْتِ بَعِيدَاً ورأسكِ نَحْوِي

وفي النظراتِ معانٍ سخيـةْ

وشوقٌ بعينيـكِ أنْ ترجعي

كأشـواقِ لاجئةٍ يَافَوِيَّـةْ

وأعلمُ أن الهوى هبَّ صدفـة

كهبـة ريح على باب غرفـة

وأن الشبـاب بغير غـرام

كدارٍ من الماس من غير شرفة

فليتك تدرين معنـى الربيع

يُجَدِّل زهراً ليكرم صيفـه

ومعنـى أصابـع رمانـةٍ

ترفُّ على البرعم الطفل رفـة

ومعنـى السحاب يريق دماه

فيسقي الزهورَ ويصنع حتفـه

لأدركتِ معنى وقوفي الطويل

على باب دارك أول وقفـة

وخلفتُ ريفي الذي تكرهين

لأغرق نفسي بليل المدينـة

هناك وجدتُ وحولَ الشتاءِ

على صدرِها طينةً فوق طينةْ

وينهبُ مَنْ شـاءَ ألوانَـها

كنهبِ الخريفِ ستائرَ تينـةْ

تَعَرَّتْ كماسورةٍ من زُجَاجٍ

فألقيتُ فيها مُنَايَ الثمينـةْ

وكنتِ بِمعطفِكِ الفستقـيّ

تَسيرين عبرَ خيالي حزينـةْ

قِطاراً من العِطْرِ مَاضٍ يقولُ :

هبُونِـي مَحَطَّـةَ قلبٍ أمينةْ

فأسألُ قلبِي : ألستَ أمينـاً

فيهتف : داستْ عليَّ المدينـةْ

هنا في المدينةِ تَمْشِي النِّعَالُ

على كلماتِي .. على قِصَّتِـي

هنا الكلماتُ بغيرِ معـانٍ

توابيـتُ مَوْحُولَـةُ الجبهـةِ

وفي كلِّ زاويةٍ ألفُ حُـبّ

رَخِيصٍ كحاضريَ الْمَيِّـتِ

لِماذا جَنَيْتِ عَلَـيَّ لِماذا

رَمَيْتِ إلى وَحْلِهَا مُهْجَتِـي

سَئِمْتُ المدينةَ .. قَلْبِي يَموتُ

سآتِي إليـكِ .. إلى قَرْيَتِـي

أُعَلِّـقُ قلبِـي على لَـوْزَةٍ

فَوَانِيسُهَـا حُـرَّةُ الْمَنْبَـتِ

أنا عائدٌ هل تُرى تَذْكُرين

فتدرين ما السِّرُّ في عَوْدَتِـي

——-

و نختم له بقصيدته التي تزف نشوي النصر في فرحة بعنوان ” بالأغاني ” التي هي رمز منظومة المقاومة و النضال بين رحلة العمر و عشق البلاد فهو ماض الي حلمه مهما كانت عواقب الاعتقال فسيظل يصدح مغنيا ايمانا منه بالاوطان فيقول راشد حسين :

بالأغاني حَرّروني.. بالأغاني

رسموني بدمي القاني، على كلِّ المباني

كتبوني.. لخّصوني

وأذاعوا كلّ عمري وبلادي

في ثوانِ

ثم… لما اعتقلوني،

بالأغاني اعتقلوني…

بالأغاني

كيف أصبحتُ أغاني

كيف أصبحت شعاراتٍ على كلّ المباني

كيفَ أصبحتُ عناوين جرائِدْ

كيف أصبحتُ احتفالاتٍ على كلّ الموائدْ

كيف صاروا سُفناً خائنةً

وأنا صرتُ مواني

كيف أصبحتُ أغاني

بالأغاني حَرّروني

بالأغاني اعتقلوني

بالأغاني

قائلُ الشعر مُغامرْ

وأنا شِعرٌ

وكلّ الناس في عَينيَّ شاعرْ

جَرِّبوا أَْن تقتلوني

أبداً لن تجدوني

بأغانيَّ، أنا أقتل عرشاً

وعلى ذوقي أنا، تمشي الأغاني

فلتكنْ حرب أغاني

بالأغاني/… سوفَ أغتالُ أغانيكم

جميع الكذبِ فيكمهذه كانت اطلالة من أرض عكا الصمود تاريخ طويل صوره لنا في عشق و حب و جمال شاعرنا راشد حسين من خلال رسائله فهو مناضل و من رموز شعراء المقاومة و الكفاح ظل ينادي و يتصدي و كل هذا موثق في قصائده الرائعة التي بمثابة سجل يترجم ابداعه الفني دائما

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى