قصة

ثلاث روايات لحدث

طارق الصاوى

 

الرواية الأولى
نقلت العصافير عبر الهاتف إلى أذن المقاول ما تفوه به مدير الموقع فى حقه… سابق الضوء للوصول للموقع، تحول وجهه لكتلة من جمر الغضب… ركل الباب بقدمه.. امسك ياقة قميص الجالس على المقعد خلف المكتب.. جذبه بعيدا، حل مكانه وقف الرجل منكسرا … يصغى لوابل من التوبيخ و كلما هم بالرد ألقمته نظرات المقاول جبلا من الحجارة أغلق به فمه. مادت الأرض تحت أقدام مدير الموقع تطوح فى كل الاتجاهات قبل أن يتهاوى محتضننا ساق مكتبه، سقته زوجته ــ التى جاءت تتعثر فى جلبابها بعد أن سمعت الشجارــ ماءا محلا بالسكر.. بكى على صدرها كطفل.. رجاها العودة لمسكنهما الملاصق للموقع… دخل إلى غرفة العامل… أشعل الموقد لإعداد مشروب يخفض فوران الدم بنافوخه … تمدد على السرير، أمسكت برأسه نوبة دوار أخذ يتخبط بين جدران الغرفة الضيقة بحثا عن منقذ .
الرواية الثانية
رفع العاملون فى الفرع عريضة للمقاول … أتى يخرق الارص بضربات قدميه عليها، ليتثبت من جدية اتهاماتهم. انحنى مدير الموقع لرئيسه وهو يصافحه.. ترك مكتبه ليجلسه عليه وقف أمامه كتلميذ مقصر فى حضرة مؤدبه. سدت أصابعه أذنيه هربا من سيل الأكاذيب التى تلاها المفاول من ورقة بين يديه… ضرب المدير كفا بكف، تحرك فى الغرفة، تضاعف هياج انفعالاته … ضرب الحائط بكفيه ردا على وابل من السباب سقط كالمطر فوق رأسه ، انفجر بالصياح فى وجه ولى نعمته، فقد السيطرة على مابين فكيه من مضعه الوعيد بالنقل طرده من مسكن يأوى أولاده، صرخ فى وجه من تجمعوا للشماتة به: آه يا أولاد..
اقتحمت زوجته الغرفة… وضعت يدها على فمه… توسلت بدموعها للفحل أن يعفو عنه، يسامحه لمرضه .. صفعها رجلها المطعون فى كرامته… آمرها أن ترجع للبيت… استدعى موظفيه بعد أن رحل مفجر العاصفة… طلب منهم أن يقسموا على المصحف أنه سبهم… لم يجبه أحد الإ الرجل الأشيب ذا الشارب الأحمر: لم يعد لك مكانا بيننا بعد اليوم.
انفض الجميع من حوله… جرى إلى غرفة العامل.. دفع صاحبها لخارجها… أغلقها دونهم، حمل الموقد المشتعل رعت بملابسه النار.
الرواية الثالثة
ذهب الرجل الأشيب ذا الشارب الأحمر إلى المقاول، تحادثا ساعة، زين له أن يداهم مقر عمله ، بوغت مدير الموقع بظهورهما امامه، أقعده الذهول عن الترحيب برئيسه دفعته يد المقاول عن مقعده… أحس بالمهانة تطوقه… رفع صوته مدافعا عن كرامته، رد على قسوة العتاب من المقاول بالسباب، تدخل الموظفون لمنعه من التهجم على كبيرهم بقبضته، تنبه أن زوجته تقف خلفه صرخ فيها و كفه ينزل على خدها المتورد: أشار لك!
ردت عليه: عيب يا …
صفعها للمرة الثانية.. استدارت و اتهاماته تجرها بذيلها … استوقفها الرجل الأشيب ربت على كتفها، مسح بأصابعه دموعها، همس فى أذنها، ابتسمت… استند مدير الموقع على زند العامل ليستريخ فى غرفة الحراس، تمدد على سرير… دخل العامل و خرج… دخل الرجل الاشيب وخرج… صمت صوت الموقد المشتعل… سرت بين المكاتب رائحة شواء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى