قصة

تصاعُد .. تصدُّع.

أحمد عثمان

فى البهو الرُخامى الفخيم للعمارة الأنيقة الشاهقة ـ كجُلِّ مبانى الحىِّ الراقى ـ تقابلا أمام باب المِصْعد؛ ينتظران هبوطه .. عَرَفَهُ وهو مُنكِرٌ له..يرقبه عن جنب .. يراه ضَجِرًا، مُتأفِفًا، زائغَ النظرات، تراوح عيناه بين ساعته وسقف البهو، تجولان بنقوشه ومقرنصاته .. حدَّث نفسه : .. هو .. نعم هو …
عزم أن يقطع الشك باليقين .. دنا منه .. مدَّ يده إليه مصافحاً :
ــ الأستاذ طارق .. النجم الإعلامى .. أليس كذلك ؟
ألصق ابتسامةً مُقوْلبةً بردِّه:
ــ نعم أنا هو .. أهلاً وسهلاً ..
ــ أردت التأكد .. أتابع برنامجك الناجح ” دِفْء
الصُحْبة ” …
أومأ برأسه ممتنًا، ثم واصل تجواله بالسقف .. تمددت مسافاتٌ باردةٌ من الصمت بينهما …
أخيراً هبط المِصْعد .. دلفا؛ وأغلفا الباب .. مدَّ يده ليكبس زِرَّ طابقِه؛ ولكنه توقف .. سأله :
ــ إلى أي طابق أستاذ طارق..؟
ــ العاشر …
ابتسم متهللاً
ــ يالها من صُدفة ..إنه نفس طابقى .. تُرى زيارة؛ أم لقاء مهنى ؟ ــ لا .. بل لِقاء أُسَرِى .. سألقَى زوجتى وأولادى
أطلق الرجل ضحكة قصيرة باهتة يواري خلفها خجله،وراح ينسج على منواله:
ــ أنا أيضًا .. سألقَى زوجتى وأولادى ..!
توقف المِصْعد .. خرجا .. تصافحا … ثم سارا
كلٌّ إلى وجهته…
قبل أن يدق بابه؛التفت ناحيته وقد انتابته غصةٌ من أسى وهو يحدث نفسه:
– لم يسأل حتى عن إسمي؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى