شعر

تركوا لِواءكَ يا رَسول

محمد رشاد محمود

شَجَـنٌ يَـــريــنُ وأدْمُــعٌ لا تُـقلِــــــــعُ
أنَّى تُغيــضُ ضَرَى الثُّبــورِ الأَدمُـــعُ
يــــا بُؤسَ ما هـــاجَ الفؤادَ وتَعسَهــــا
نَسَمًـــــا تَميـــدُ وأَضْلُعًــا تَتــضَعضَعُ
حَزَبَتْــنِيَ الأَوجاعُ حتَّى مــــا يُــــرَى
أيُّ النِّـــصَالِ لَهَـــــــــا أشَجُّ وأَوجَــعُ
والعَيْــشُ مــا عَزَّ الإبــــــاءُ فإِنْ يَهُنْ
فالــمَوتُ أروَحُ ما يُـــسـامُ وأَربَـــــعُ
سُحقًا لِعادِيَـــةِ البَـــلاءِ أمـَــــا يُـــرَى
يَـــــــومٌ وَوَقـــدُ شَبـاتِــــهِ لا يَســـطَعُ
هَتَــــكَ البُـــــغاثُ الخافِقَينِ وَقَصَّفَـتْ
جنـْـحَ البُــــزاةِ السَّافيـَـــاتُ الزَّعْـزَعُ
فَهَوَتْ إلى الحَصْبــاءِ شلَّاءَ الـــرُّؤى
تُغضي على طَيــْــفِ الــرَّمادِ وتَخنَعُ
كــانَتْ بِعَيـــنِ الَكَـونِ يَومَ شَباتــِــــها
هَوءًا علَى ضَلَـــــعِ الجَهــالَـةِ يَبْـضَعُ
مِقدامُهَــــــــا عِنــْـــدَ النِّــزالِ مُجَنَّـبٌ
ألا يَــــكونَ لَــــــهُ الجَنـــابُ المُمرِعُ
عادَتْ علَى بَــــدءٍ غَـداةَ شِيَــاهُـهــــا
تَرعَى فَيَرعاهَـــــــا الذِّئَــــابُ الرُّتَّـعُ
وعَدَتْ حِيـــَــالَ الغَرْبِ في كَبَواتِـــهِ
خُلـــفُ الخَــلاقِ خُروقُـــــهُ لا تُـرقَعُ
كَـــــمْ مِنْ نَفيــسٍ لِلضَّيــَـاعِ مُخَمَّـــلٍ
وَمُزَيَّــــــفٍ حَلــيِ القلائِـــــدِ يَـــلـمَعُ
يَطفو الحَبَـابُ على العُبابِ وكُـلُّ ذي
خَطَرٍ يَغوصُ لَـدَى الحَضيضِ وَيَقبَـعُ
تَرَكـــوا لِواءَكَ يـــا رَسولَ اللَّـــهِ لَـمْ
يُعلــوهُ في الأَرَضِيــنَ وهـــوَ الأرْفَعُ
ولَطــــالَما فَتَــحَ الفتـوحَ ودَاهَـــــمَتْ
مِنـــــهُ العُتَــــاةَ مَذَلَّــــــةٌ لا تُقْلَــــــعُ
بَسَطَتْ لَــــكَ البطحاءُ نَشوى باعَهــا
ونَثَـــتْ شَـذاكَ الرِّيــــحُ أَنَّـى تَنــزَعُ
وَهَوَتْ إلَيْكَ رُقَى العُروشِ وكَيفَ لا
تُفْتَـــضُّ واللَّـــــهُ المُــــعِزُّ المُــوسِعُ
طاعَتْـكَ في القَهَّــــارِ طَوْعَ سَلاسَــةٍ
والعُسرُ لِلــقَهَّــــــارِ سَخْـلٌ طَيِّـــــــعُ
فَحَكَمتَ بِالقِسطاسِ صِبــغَةَ مُـرسَــلٍ
أَعيَـــــــأ الأٌُسَـــاةً سَـــدادُهُ والمَنْـزَعُ
حُزتَ العَـــلاءَ فَكُـــلُّ فَضْلٍ حـــازَهُ
بَــــرٌّ لِفَضْلِــــكَ في المَكَــارِمِ مُتبــعُ
سَمَّـــــاكَ في لَــوْحِ الغُيُوبِ مُحَمّــدًا
رَبٌّ مُعِــــــزٌّ لِلــمَحـــامِــــدِ مُبْـــدِعُ
تَسيَــــارُ مَجـدِكَ في الزَّمانِ مُخَلَّــــدٌ
يَحــــدوهُ مَنْ يَــــرجو النَّجاءَ فَيُمنَـعُ
وُسِّدتَ في عَيــْـــنِ الزَّمانِ سَوادَهــا
لِـــــمَ لا يُمَجَّـــــدُ سَيِّـــــدٌ وسَمَيــذَعُ
جِبريــلُ يُزجي في صَحائِفِ صدرِهِ
بِالنُّــــورِ والآيُ الشَّرائِــــعُ تُــشْـرَعُ
أنـــا في رِحابِـكَ يـا رَسولَ اللَّـــهِ لا
أُطريــكَ قَـدرَكَ بَـــــلْ أَحومُ وأَخشَعُ
ضَمَّختُ فاهــي والقَصيـــــدَ بِمـدْحَةٍ
قَصَدَتْ نَـــداكَ ومِرقَمًـــــا يَتــضَوَّعُ
وَالخَلـقُ في يَـــومِ الزِّحافِ رَواجِفٌ
فَــــرَقًــا وَوَحـدَكَ شافِــــعٌ ومُشَفَّـــعُ
حَــسبُ العُـــــلا ألا يُعَبَّــــرَ مُجْحِفٌ
بِـــــكَ جَنَّـــةَ الخُلــــدِ التي لا تُـفرَعُ
جازَ اصْطِبَـــارُكَ طَوْقَ كُــلِّ مُحَمَّلٍ
كَمَـــدًا فجَــازاكَ العُــروجَ المُــودِعُ
فَبَلَــغْـتَ سِـدْرَةَ مُنْتَهًــــى لا يَنتَهـــي
بَشَــــرٌ إلَيــــْــهِ ولا مَـــلاكٌ أَطْــوَعُ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى