دراسات و مقالات

بكاء الجسد ، مع سَيِّدِي الْوَجَعُ ، و دفتر الغربة ٠الشاعرة و التشكيليةالمغريبية سعاد ميلي

السعيد عبد العاطي مبارك

” يا سيدة الشمع؛
امنحيني وقتا وسيفا،
كي أستطلع حظي
في الغيم.
كي أجرب الذوبان
داخلي.
و أهوي ذاكرة معفرة بي”.

***

المشهد الأول
…قد يكون قدر “غيشا”
أن ترمم جسد الريح،
وتلاطف الليل صدفة.
لكنها طاهرة
كالثلج.
مدنسة كالظل.
حيثما تساقطت أوراق الكرز،
رأيتها تسابق النهر ضاحكة
لتغتسل بالضوء.
كم هي منهكة
كأسطورة،
طويلة كجدائل…
ترقص بمظلة البياض،
حتى لا تشعر بالشيء.
شاركها ٠
—–
نتوقف في هذه التغريدة مع شاعرة فنانة ترسم لوحاتها الرمزية و تجريدية متداخلت المفردات و الالوان داخل إطار فلسفي جمالي تختصر مسافات البعد و الوجع و الألم ( موال )من وحي الغربة حيث الشوق و الحنين و الهمس و من ثم تنقلنا داخل مشاهدها و مواقفها المتباينة في لحظات استثنائية بلا قيود و لا حدود تنطلق من زوايا الأفق مع ربيع الذكري تنشد من متاهات الوجع الحلم المفقود هكذا ٠٠٠ !!٠

نعم انها الشاعرة و الفنانة التشكيلية المغربية
سعـاد ميلــــــي ،
الملقبة ب”شاعرة الوجدان ”
فهي شاعرة وفنانة تشكيلية وقاصة
المولودة في
– مزداداة بمدينة سلا المغربية ٠

– عضوة في نادي القصة القصيرة بالمغرب
– عضوة في نقابة الفنانين التشكيلين بالمغرب
– عضوة في رابطة الشعر الغنائي بالمغرب
– عضوة في شبكة النقطة فوق الهاء الالكترونية٠
تَرْسُمُنِي

يَدُ الصَّغِير…

كُلَّمَا زَحَفَ الضَّوْء،

و تَلَاشَتْ خُيُوطُ الدِّفْء.

هُوَ الْقَلْبُ يَبْحَثُ عَنْ أُمِّهِ…

هُوَ الْألَمُ بِفَلْسَفَتِهِ…

يَبْنِي بَيْتًا مِنْ وَجَع.

مختارات من شعرها :
—————————
و وشاعرتنا هنا في هذه المقاطع الشعرية توظف موهبتها و عبقريتها الفنية مفردات و ألوان تنسج خيوط القصيدة بل بفنون التشكيل الجمالي التأملي بالحب نحو الضوء بأناملها الصغيرة و أنفاسها الحائرة كعصفور متعب من رحلة مجهولة كطفل يناغي أبجدية العالم المقهورة فتقول شاعرتنا المغربية سعاد ميلي فيها تحت عنوان ٠٠ فلسفة الوجع :
تَرْسُمُنِي

يَدُ الصَّغِير…

كُلَّمَا زَحَفَ الضَّوْء،

و تَلَاشَتْ خُيُوطُ الدِّفْء.

هُوَ الْقَلْبُ يَبْحَثُ عَنْ أُمِّهِ…

هُوَ الْألَمُ بِفَلْسَفَتِهِ…

يَبْنِي بَيْتًا مِنْ وَجَع.

2-

الوَجعُ.. حكمةٌ مؤجَّلَةٌ

نورٌ

ينطقُ بهِ تاجُ العنفُوان…

الوَجعُ.. إيمانٌ بالأبديَّة

الوَجعُ.. إنسان .

الوَجعُ.. حارسُ الظِّلِّ الأزَليِّ

يسمحُ للموتى بالتَّجوُّلِ

في ساحةِ الذِّكرى الغريبة .

نفسُها الذِّكرى

الّتي زارَتْني

حينما أعدَدْتُ حقيبةً

للموت.

لا مكانَ للزَّمنِ في اللَّونِ

كأنَّهُ ساعةٌ متوقِّفَةٌ عنِ العمل.

كأنَّهُ السُّرعةُ الأولى

وَ قلبٌ ينبضُ بالوَجَع.

3-

الوَجعُ لا وَجهَ لَهُ ..

غريبٌ في زوايا الحُلمِ المكتَئِبِ.

يتقمَّصُ العذابَ المُؤبَّدَ …

وَ يَبني شخصيَّتَهُ

مِنْ صُوَرِ ضَحيَّةٍ غافِلَةٍ .

الوجعُ …ذِكرَى

تَتَجدَّدُ

كلَّما ولِدَتْ صَرخةٌ

مِن فَوهَةِ الألم .

4-

الوَجَعُ

سَفِينَةٌ

تَسْبَح فِي عُمْقِ الْألَم…

الْوَجَعُ..

شَاطِئُ الذات.

فُسْحَةٌ

لِلْعَابِرِينَ الْهُوَاة…

وَجِسْرٌ لِلْحُلْمِ.

يَا سَيِّدِي الْوَجَعُ؛

دُونَكَ أَحْتَرِفُ الزَّمَنَ

أَتَقَمُّصَ شَخْصِيَّةَ الْجَسَدِ؛

وَيَلْبِسُنِي الْمَكَانُ.

دُونَكَ أَنَاي..

قَدَمٌ

تَدُوسُ عَلَى تُرَابِ الْهَمْهَمَات.

تَغْذُو لَوْحَةً،

مضَاءَةً بِوَهَجِ الْوَجَع..

تَغْذُو يَدًا

تَرْسُمُ لَوْنَهَا…

وَاللَّا مَكَان..

لِدَلَالَةٍ وَاحدَةٍ.

فِي اللَّوْحَةِ التَّجْرِيدِيَّةِ؛

تَتَعَدَّدُ الْأَقَاوِيلُ

وَتَقِلُّ فُرَصُ الْوَجَعِ.

***
و نطوف مع مقاطع ترسم من خلالها مشاهد تجسد لنا ماهية الاشياء ماديا و معنويا في صورة جمالية تنطق بلحظات الإرادة و الانطلاق نحو فضاءات الكون الطائر القلق بين السحب و السراب كما في قصيدتها ذات المقاطع المتوالية تحكي أسرار الروح بعنوان ( بــكـــاء الجـســـد .. )
للشاعرة سعاد ميلي المغربية تسر من خلالها خلاصة تجربتها في تلقائية شموع محترقة و من ثم تنهض في ثنائية تجسد ملامح رؤيتها حول مشتقات الجمال المتنامي فتقول فيها :

1-

الإرادةُ دمعةٌ سخيّة

تختالُ كجسدٍ

وتسمُو كروح.

الإرادةُ حرّية

تتجلّــــــى

كذراعيـن

تبسطان أجنحتهما

للرّيــح.

كعينينِ

شمعتينِ

تنظران لمحيطٍ من الضوء.

2-

أراكَ ما وراء الحروف

ألمس روحك

تنكمشُ في ظلك.

الجسدُ زمنٌ آخر

كَـيـــدٍ مقبوضة

على الشيء.

تبسطُهــــــــا،

فيختفي

كلّ الشيء.

الزمنُ ذاتي المتآمرةُ

مع الوقت.

كلّما تراءى لي

الجسدُ الغـض.

3-

كمحارٍ يحضنُ لؤلؤته بحنوٍّ

يزهُو كبدي بالحب.

وهذا القلبُ الوحيد

يطفو

على بحرٍ

من ضحكـــات..

بدتْ

كفراشاتٍ

على ثغرِ ولـدي

القابع في الرّوح .

4-

آهٍ، كم من بكاءٍ يلزمني

كـي أُعيـدَ بِناء الجسد؟.

***
و نختم لها وجع الغربة التي تسجيلها في دقتها من وحي الذكري نجوم تضيء دربها تحت عنوان ( دفتر غربتي ) فتقول فيها بعد محطات التوقف مع الحياة في مشاهد متوالية تعكس مرايا الروح عناقيد من الأحلام:

دفتر غربتي..​

1-

كمَساءٍ يُشبهنِي..

يذكِّرني بالتفاصيل الصَّغيرة..

فِي دِفتر غُربتي..

أُعْلِنُنِي..

الوَطن لأَحشاءِ ذِكريَاتك..

2-

غُرفَةٌ مِن تِسع قصَائد

تُعاندنِي..

تُراودني عَن عُزلتِي

لأنْعَم بالحُلم

3-

ليَصنع بِكَفِّهِ خَمْرًا

ومِن قلبه جِسرا،

تنَام على غَدْره

الثَعَابين..

لَنْ يعُودَ لَه أثرْ في وَرقتي..

4-

تقلب النَّوم في دِفتري

يَبحثُ عَن ثغرٍ

نبْعه الجنَّة

و لهبُه النَّثرُ الخَالِد..

5-

لا تُدمي قدَميك عَلى شُرفة بِيتَرْ

المَساءاتُ الخَرِبَة

يرتشِفُها الشُّعراءُ الصَّعاليك

فقط..

6-

بُحْتُ لورقَتي

عن عرقِ الذكريات..

ذكرت لها اسْم فتاة نَادرة

تعتصِر الحَرف من اللهب

حادثت نفسي،

ما خطبُها؟

وجدتها نقطة فاصلة بينَ البرِّ و البَحر

7-

عاهدها برُوح ابنته..

أنه المَركب الذي يقودُها إلى الحياة..

الأمان السِّحري

تحت قدميْها..

أزاح القنَاع

لتسقطَ الوردة على الأرْض..

8-

ويْحَكَ ..

لا شبيهَة لي

غيْرُ الرِّيح..

لا تقتربْ..

السَّهم يُراوغ الهدفْ

سَأتنحَّى في اتِّجَاهِ الرِّيح،

لبّيكِ أمِّي..

9-

هي.. تُداعب المَطر بضَفيرتها

ويسكن الشعرُ في ورَقتها نازفاٌ

حد الثمَالة..

هو.. خوْفاٌ على قلَمٍ يُداعِب الغدْر بيدَيْه

رمَى القلْبَ في البحْر..

….

لنْ أقلِبَ الصَّفْحة

سأحْرِق دِفْتر غُربتي..​
***
هذه كانت قراءة سريعة مع شاعرة و فنانة تشكيلية مغربية تمتلك الكلمة و الصورة داخل إطار مشبع بالألوان و الرمزية تعكس بتهويماتها فلسفة العشق نحو الواقع المصبوغ و المرصع بمواقف و مشاهد تحاكي ظلال المجتمع من منظور جمالي فلسفي لمبدعة عانقة المستحيل و تظل ترسم و تعزف مع موكب الحياة دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله ٠

Image may contain: 1 person

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى