دراسات و مقالات

الموجز في الأدب الدانماركي.

سليم محمد غضبان.

يعتمد هذا الموجز على ما ورد في سلسلة تاريخ الأدب الدانماركي،Dansk Litteratur Historie, إصدار دار النشر الدانماركية جولدندال Gyldendal
الباب الأول: البدايات ١١٠٠-١٦٠٠م.
الفصل ٢: هولجا دانسكاHolger Danske

وصلَ الى الدانمارك في أواخر القرون الوسطى، من فرنسا و ألمانيا، نوعٌ من الشِّعر يُدعى هوفي، أي شعر الحاشية الملكية. و هو يهدف الى العشق النبيل. في الزمن نفسه، راجَ نوعٌ آخرٌ من الشّعرِ عُرف بالشعر المُختلط، و هو يمزج بين الحُبّ النبيل و الجسدي. كان شعر هوفي يُكتب باللهجات المحلية، بعكس شعر العُلماء الذي كان يُكتب باللاتينية. و كان معظم قُرّاء شعر هوفي من النساء. في بداية القرن الرابع عشر، تمّت ترجمة ثلاثٌ من روايات هوفي من الفرنسية الى السويدية. بين القرن السادس عشر و التاسع عشر انتشرت روايات الفروسية و اكتسبت شعبيةً كبيرةً. و عُرفت كُتبها بالكُتب الشعبية. معظمها كان مُترجمًا عن الألمانية. في القرن الثاني عشر اشتهرت مقالتان، إحداهما تعليمية تنويرية تُدعى لوسي داريوس Lucidarius و الأُخرى تاريخية تُدعى مقالة كارل ماغنوس Karl Magnus . دارت المقالةُ الأولى حول الفلك و توصيفات جغرافية للأرض، إضافةً لوصف الصلاة الكاثوليكية و عادات الكنيسة، و أخيرًا علم الطبيعة و الطّقسَ و الظواهر المرتبطة بهما. أول ترجمة لها الى الدانماركية ترجع للفترة بين ١٤٧٠-١٤٨٠م و تمت طباعتها ككتاب عام١٥١٠. أما مقالة كارل ماغنوس فقد دارت حول البطل الدانماركي الأسطوري هولجا دانسكا Holger Danske، و الذي ما زال تمثالٌ له محفوظًا في قبو قصر كرونبورغ Kronborg . إنه نائمٌ جلوسًا بشكل منحنٍ إلى الأمام ، يتّكئُ برأسه على ساعده. يأمل الدانماركيون أن يصحُ من نومه إذا ما تعرّضت الدانمارك للخطر. ذُكرَ في المقالة أنّ هولجا هو ابنُ الملكِ الدانماركيّ جوتريك، و قد أصبحَ برتبة فارس في حاشية الملك كارل الكبير. إنّه مُقاتلٌ رهيب، و يملكُ سيفًا سحريًّا يلمعُ دائمًا كالذّهب. عيناهُ مِثْلَ عينيّ قِطٍ، و هو يرى في الليلِ أوضح من النهار. عندما يحلُّ بأرضٍ يُصبحُ كالعفريت بها. ذُكرَ هولجا دانسكا كثيرًا في الأشعار و الكُتب الشّعبية.

بإيحاءٍ من بعض الكُتّاب الألمان سرى في الدانمارك نوعٌ من الأدب ناطق بلسان الحيوان تضمّن القصص و الأشعار. مخطوطة<قوافي الحيوان> الدانماركية القديمة ترجع لحوالي عام ١٤٦٠م .

في القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين، احتلّ الشعر الشعبي مكان الصدارة في الأدب الدانماركي. و قبل ذلك، كان قد طغى على الأدب ما يُعرفُ بشعر العمالقة. و في منتصف القرن العشرين دخل ما يُعرف بالبلادةBallade على الشعر الدانماركي. و هي عبارة أصلها إيطالي و تعني الرّقص. و كان من الطبيعي أن يصحب الرّقص هذه الأشعار، حيثُ يُغني أحد المطربين المقاطع بينما يُردّد الجمهور اللازمة(ما بينها).
كتابُ القلب Hjertebog هو الوحيد الذي حوى مجموعةً كاملةً من الأشعار باللغة الدانماركية. صدر عام ١٥٥٠م و هو بشكل قلب.
في القرن التاسع عشر بُدئ في تجميع الأشعار الشعبية ، و صدرَ كتاب الشعر الشعبي الدانماركي القديمDanmarks gamle Folkeviser عام ١٨٥٣م . رجال و نساء الحاشيات الملكية هم أول من بدأ بكتابة الشعرالشعبي . تمّ الحفاظ على عشر مخطوطات من الشعر الشعبي الذي كُتب قبل عام ١٥٩١م. وهو العام الذي صدرت فيه أول مجموعة من الشعر الشعبي المكتوب باللغة الدانماركية. عدا ذلك، كانت مخطوطة كتاب القلب و الذي حوي أشعارالحب، و مخطوطة كارين براهي هما الأشهر قبل ذلك العام. صدر الكتاب عام ١٥٩١ بعنوان كتاب المئة قصيدة، و هو يسرد إنجازات الأبطال في الميادين، و المغامرين من الملوك والأشراف حتى زمن كتابة المخطوطة.
جامعُ قصائدالكتاب هو المُؤرّخُ الدانماركيِّ أندرس سورنسن فيدلس Anders Soerensen VedelsNordeuropas, و قد قام بهذا العمل لأنه اعتبره مصدرًا مهمًا لتاريخ الدانمارك و الذي دأب على كتابته، و الذي يُفترض به أن يكون تكملة لعمل ساكسو <تاريخ الدانمارك> Gesta Danorum أو <إنجازات الدانماركيين>. و كان فيدل قد قام بترجمة عمل ساكسو من اللاتينية الى الدانماركية عام١٥٧٥م. بعد٢٥٠ عامًاعلى إصدار عمل فيدل، صدر كتابٌ هام يضم ١٢ مجلدًا تحت عنوان الشعر الشعبي الدانماركي القديم Danmarks gamle Folkeviser(DgF), و
هوللدانماركي سفند جرونتفي Svend Grundtvig ابن الكاتب الكبير و جامع الأناشيد الدينية N.F.S. Grundtvig. لقد شابه أباه في القدرةِ الهائلةِ على العمل.

للعشيرةِ أهميّةٌ مركزيّة في الأدب الدانماركي القديم. و داخل العائلة الصغيرة، كان القرارُ دائمًا للرّجُل. بعضُ النساءاستطعنَ رغم ذلك تحدي العشيرةِ من أجل المحبوب.

ينقسم الشعر الشعبي الدانماركي الى أقسام عديدة و هي: شعر الفروسية، الشعر التأريخي، الشعر التاريخي الأسطوري، الشعر الروائي، شعر الفكاهة و السخرية، و أخيرًا، أشعارالسحر والشعوذة. و يُذكر أن كل قسم يحتوي على نظام قافية مختلف و متعدد. نفس القول يسري على شعر البلادة.

أغلب قصائد الشعر الشعبي يرويها شخصٌ لا يُقحم نفسه في الأحداث. هو فقط يُصحّح الأخطاء. احتوي الشعر الشعبي على ما يُعرف بالشيطنة، حيثُ وردَ الكثيرُ من الأشعار التي تتحدّث عن الشيطان و مكائده و ضرورةِ مكافحته. إنّ تاريخ الشعر الشعبي و مواضيعه طويلةٌ و مُعقّدة، وهناك الكثير من المسائل التي عالجها لم تجد لها حلًا حتى الآن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى