دراسات و مقالات

الشاعر الأموي الكوفي ” أسماء بن خارجة الفزاري “


السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد 

الشاعر الأموي الكوفي ” أسماء بن خارجة الفزاري ” 
إِنِّي لَسَائِلُ كُلِّ ذِي طِبِّ = مَاذَا دَوَاءُ صَبَابَةِ الصَّبِّ
وَدَوَاءُ عَاذِلَةٍ تُباكِرُني = جَعَلتْ عِتَابِي أَوْجَبَ النَّحْبِ
أَوَلَيْسَ مِنْ عَجَبٍ أُسَائِلُكُمْ = مَا خَطْبُ عَاذِلَتِي وَمَا خَطْبِي
أَبِهَا ذَهَابُ الْعَقْلِ أَمْ عَتَبَتْ = فَأَزِيدَهَا عَتْبًا عَلَى عَتْبِ
————
نظل نطوف في ديوان العرب عبر العصور و الأمصار معا ، كي نتوقف في هذه التغريدة مع شاعر أموي له تجارب في الحياة أبان العصر الأموي في الأدب و الشعر و الدين و السياسة و الأخلاق و الحكمة و الوصايا و الدور الرائد في و المجتمع ، ثم نتسلل الي محراب الغزل الراقي الذي هو مرآة للعصر الأموي و العباسي لنتأمل سيرة ” أسماء بن خارجة الفزاري …!!. 
و الذي قال عنه الشاعر القطامي :
إذا مات ابنُ خارجة بنِ حصن فلا مطرت على الأرضِ السماء
ولا رجـع الـبريدُ بغنْمِ جيش ولا حَـمَلَت على الطُّهْرِ النساء
نشـــــــأته : 
———–
هو أسماء بن خارجة الفزاري شاعر أموي ولد و مات في ” الكوفة ” بالعراق .
وأسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وكنيته أبو حسان الكوفي، وكان من أشراف العرب وسادتهم، عرف عنه الجود والسخاء وله قصص كثيرة بالكرم، وكانت بنته هند زوجاً للحجاج بن يوسف، وابنه مالك بن أسماء من ولاة الحجاج وعماله . 
مع وصيته الشهيرة بالأدب العربي لابنته هند عند زوجها و قد ماتت أمها :
قال الزبير بن بكر : زوج أسماء بن خارجة الفزاري بنته هند من الحجاج بن يوسف الثقفي ، فلما كانت ليلة أراد البناء بها قال لها أسماء بن خارجة:
يا بنية، إن الأمهات يؤدبن البنات، وإن أمك هلكت وأنت صغيرة، فعليك بأطيب الطيب الماء، وأحسن الحسن الكحل. وإياك وكثرة المعاتبة، فإنها قطيعة للود، وإياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق. وكوني لزوجك أمة يكن لك عبداً، واعلمي أني القائل لأمك:
” خذي العفو مني تستديمي مودتي ” .

وكانت هند بنت أسماء بن خارجة الفزارية امرأة مجربة قد تزوجها جماعة من أمراء العراق، عبيد بن زياد بن أبيه ، و بشر بن مروان ، و الحجاج بن يوسف الثقفي ، فقبلت من أبيها وصيته. 
وكان الحجاج يصفها في مجلسه بكل خير، وفيها يقول بعض الشعراء يخاطب أباها:
جزاك الله يا أسمـاء خـيراً كما أرضيت فيشلة الأمـير
بصدغ قد يفوح المسك منـه عليه مثل كركرة البـعـير
إذا أخذ الأمير بمشعـبـيهـا سمعت لها أزيزاً كالصرير
إذا لقحت بـأرواح تـراهـا تجيد الرهز من فوق السرير

قالوا عنه : 
—— 
وفيه يقول الشاعر القطامي :
إذا مات ابنُ خارجة بنِ حصن فلا مطرت على الأرضِ السماء
ولا رجـع الـبريدُ بغنْمِ جيش ولا حَـمَلَت على الطُّهْرِ النساء
• قال الزركلي فيه : أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة الفزاري , تابعي من رجال الطبقة الأولى , من أهل الكوفة . كان سيد قومه ، جواداً مقدماً عند الخلفاء .
• قال عنه البخاري : أسماء بن خارجة ، في الكوفيين ، سمع منه ابنه مالك . حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق سمع أباالأحوص ، قال : قال أسماء بن خارجة :
أنا ابن الأشياخ الكرام . فقال عبد الله : ذاك يوسف بن يعقوب .

مختارات من شـــــــعره بمثابة معلقة : 
——————–
مع رائعته البائية و هي من أجمل أشعاره بل و من عيون الشعر العربي حيث بها كل بلاغة تحتويها الفنون الجميلة شكلا و مضمون و التي تتوافر فيها كافة المقاييس و المعايير و المقومات الابداعية و الفنية المشرقة :

إِنِّي لَسَائِلُ كُلِّ ذِي طِبِّ = مَاذَا دَوَاءُ صَبَابَةِ الصَّبِّ
وَدَوَاءُ عَاذِلَةٍ تُباكِرُني = جَعَلتْ عِتَابِي أَوْجَبَ النَّحْبِ
أَوَلَيْسَ مِنْ عَجَبٍ أُسَائِلُكُمْ = مَا خَطْبُ عَاذِلَتِي وَمَا خَطْبِي
أَبِهَا ذَهَابُ الْعَقْلِ أَمْ عَتَبَتْ = فَأَزِيدَهَا عَتْبًا عَلَى عَتْبِ
أَوَلَمْ يُجَرِّبْنِي الْعَوَاذِلُ أوْ = لَمْ أَبْلُ مِن أَمْثَالِهَا حَسْبِي
مَا ضَرَّهَا أَلاَّ تُذَكِّرَنِي = عَيْشَ الْخِيَامِ لَيَالِيَ الخَبِّ
مَا أَصْبَحَتْ فِي شَرِّ أَخْبِيَةٍ = مَا بَيْنَ شَرْقِ الأَرْضِ وَالْغَرْبِ
عَرَفَ الْحِسَانُ لها جُوَيْرِيَةً = تَسْعَى مَعَ الأَتْرَابِ فِي إِتْبِ
بِنْتَ الَّذِينَ نَبِيَّهُمْ نَصَرُوا = والْحَقَّ عِنْدَ مَوَاطِنِ الكَرْبِ
وَالْحَيُّ مِنْ غَطَفَانَ قَدْ نَزَلُوا = مِنْ عِزَّةٍ فِي شَامِخٍ صَعْبِ
بَذَلُوا لِكُلِّ عِمَارَةٍ كَفَرَتْ = سُوقَيْنِ مِنْ طَعْنٍ وَمِنْ ضَرْبِ
حَتَّى تَحَصَّنَ مِنْهُمُ مَنْ دُونَهُ = مَا شَاءَ مِنْ بَحْرٍ وَمِنْ دَرْبِ
بَلْ رُبَّ خَرْقٍ لاَ أَنِيسَ بِهِ = نَابِي الصُّوَى مُتَمَاحِلٍ سَهْبِ
يَنْسَى الدَّلِيلُ بِهِ هِدَايَتَهُ = مِنْ هَوْلِ مَا يَلْقَى مِنَ الرُّعْبِ
وَيَكَادُ يَهْلِكُ فِي تَنَائِفِهِ = شَأْوُ الْفَرِيغِ وَعَقْبُ ذِي عَقْبِ
وَبِهِ الصَّدَى وَالْعَزْفُ تَحْسِبُهُ = صَدْحَ الْقِيَانِ عَزَفْنَ لِلشَّرْبِ
كَابَدْتُهُ بِاللَّيْلِ أَعْسِفُهُ = فِي ظُلْمَةٍ بِسَوَاهِمٍ حُدْبِ
وَلَقَدْ أَلَمَّ بِنَا لِنَقْرِيَهُ = بَادِي الشَّقَاءِ مُحَارَفُ الكَسْبِ
يَدْعُو الغِنَى أَنْ نَالَ عُلْقَتَهُ = مِنْ مَطْعَمٍ غِبًّا إِلَى غِبِّ
فَطَوى ثَمِيلتَهُ فألحَقَها = بِالصُّلْبِ بَعْدَ لُدُونَةِ الصُّلْبِ
يَا ضَلَّ سَعْيُكَ مَا صَنَعْتَ بِمَا = جَمَّعْتَ مِنْ شُبٍّ إِلَى دُبِّ
لَوْ كُنْتَ ذَا لُبٍّ تَعِيشُ بِهِ = لَفَعَلْتَ فِعْلَ الْمَرْءِ ذِي اللُّبِّ 
فَجَعَلْتَ صَالِحَ مَا اخْتَرَشْتَ وَمَا = جَمَّعْتَ مِن نَهْبٍ إلَى نَهْبِ
وَأَظُنُّهُ شَغْبًا تُدِلُّ بِهِ = فَلَقَدْ مُنِيتَ بِغَايَةِ الشَّغْبِ
إِذْ لَيْسَ غَيْرَ مَنَاصِلٍ نَعْصَا بِهَا = وَرِحَالِنَا وَرَكَائِبِ الرَّكْبِ
فَاعْمِدْ إِلَى أَهْلِ الْوَقِيرِ فَإِنَّمَا = يَخْشَى شَذَاكَ مُقَرْمِصُ الزَّرْبِ
أَحَسِبْتَنَا مِمَّنْ تُطِيفُ بِهِ = فَاخْتَرْتَنَا للأَمْنِ وَالخِصْبِ
وَبِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَلاَ نَسَبٍ = أَنَّى وَشَعْبُكَ لَيْسَ مِن شَعْبِي
لَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ نَافِعَهُ = جِدٌّ تَهَاوَنَ صَادِقَ الإِرْبِ
وَأَلَحَّ إِلْحَاحًا بِحَاجَتِهِ = شَكْوَى الضَّرِيرِ وَمَزْجَرَ الكَلْبِ
وَلَوَى التَّكَلُّحَ يَشْتَكِي سَغَبًا = وَأَنَا ابْنُ قَاتِلِ شِدَّةِ السَّغْبِ
فَرَأَيْتُ أَنْ قَدْ نِلْتُهُ بِأَذًى = مِنْ عَذْمِ مَثْلُبَةٍ وَمِن سَبِّ
وَرَأَيْتُ حَقًّا أَنْ أُضَيِّفَهُ = إِذْ رَامَ سَِلْمِي وَاتَّقَى حَرْبِي
فَوَقَفْتُ مُعْتَامًا أُزَاوِلُها = بِمُهَنَّدٍ ذِي رَوْنَقٍ عَضْبِ
فَعَرَضْتُهُ فِي سَاقِ أَسْمَنِهَا = فَاجْتَازَ بَيْنَ الْحَاذِ وَالْكَعْبِ
فَتَرَكْتُهَا لِعِيَالِهِ جَزَرًا = عَمْدًا وَعَلَّقَ رَحْلَهَا صَحْبِي

هذا هو أسماء بن خارجة الفزاري الذي سجل حياته في شرف و بطولة و اقتحم كافة الاتجاهات و بقيت كلماته مضيئة في جبين التاريخ نستشف منها ومضات تضيء درب المعرفة و الحياة دائما .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى